عبدالمحسن يوسف جمال- القبس الكويتية-
يقف بعض المراقبين السياسيين منبهرين من إقدام بعض الحكومات العربية في الرهان على استخدام وتشجيع بعض الحركات الاسلامية المتطرفة والتكفيرية لتغيير الاوضاع في بعض البلاد العربية وإمدادهم بالسلاح والرجال.
هذه الحركات لا تفرق في نظرتها الى اي حكومة عربية، الا انها خارجة عن النهج الصحيح، فهي ما إن تنتهي من اسقاط بعض الحكومات العربية حتى تسرع إلى الإجهاض على الحكومات الأخرى، بما فيها تلك التي ساعدتها ودربتها.
فهذه الحركات المتطرفة تعي جيدا ان هذه الحكومات العربية لن تسمح لها في النهاية بإقامة مجتمع ديني او مجتمع يسمح للأصوليين بوضع منهجهم، بل ستقوم على مراقبتها وتقييد تحركها.
من هنا يستنتج بعض الباحثين ان كلا من الحكومات العربية وهذه الحركات المتطرفة يتربصان ببعضهما البعض رغم التعاون الحالي بينهما، وانه سيأتي الوقت الذي يفترس أحدهما الآخر.
فهدف الحركات الأصولية في النهاية وإن لم يتسلموا الحكم هو وضع حق «الفيتو» على الحكومات في منع او السماح لبعض الامور، وهي نقطة الافتراق بين الاثنين.
إذاً فإن تسليح المتطرفين والتكفيريين ما هو الا لعب بالنار ومغامرة غير محسوبة.
ورغم ان البعض يرى ان الحكومات العربية تستطيع ترويضهم، فان التجارب اثبتت ان هذه الحركات المتطرفة سرعان ما تكفر الحكومات وتنقلب عليها ولو تعاونت في ذلك مع اطراف غربية او حتى اسرائيلية.
ولعل تجارب ما حدث ويحدث في ليبيا وتونس ومصر وسوريا خير دليل.
كما ان التفجيرات والاغتيالات في المجتمعات العربية، واستهداف التكفيريين كافة الاماكن بما فيها الاماكن المقدسة والمساجد خير دليل على خطورة هذا الرهان.
ولعل استراتيجية هذه الحركات التكفيرية هي الاستيلاء على الحكومات العربية بالقوة ان امكنهم، او الوصول اليها عن طريق الانتخابات ثم تعديل الدستور الى ما يتوافق مع اهدافهم، كما يحدث في بلاد اخرى.
هذا التخوف هو ما دفع بعض الحكومات العرببة لمراجعة مواقفها من هذه الحركات التكفيرية المتطرفة ومحاربتها وتقييد عملها ومتابعة المنتسبين لها، والحظر على نشاطهم.
وشجع ذلك ما حدث اخيرا في فرنسا وتونس من تفجيرات وعنف، حيث غيرت دول الغرب استراتيجيتها بضرورة ضرب منابع هذه الحركات، مطالبة الحكومات العربية بالاسراع في فك اي ارتباط مع هذه القوى التي وصل خطرها الجميع، واصبحت عدوا للانسانية كلها.