فاينانشيال تايمز- ترجمة شادي خليفة -
بمساعدة الرئيس «دونالد ترامب»، أدخلت الرياض وحلفاؤها العرب أنفسهم في زاوية ضيقة من عدم الاستقرار في الخليج.
ويُذكر أنّ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين قد شرعوا منذ 7 أسابيع في فرض حصارٍ على قطر، في محاولة لإخضاع حكام الإمارة الغنية بالغاز. وهناك علاماتٌ قليلة على أن تحرز الوساطة الأمريكية والإقليمية تقدمًا نحو حل المأزق، على الرغم من أنّه من الواضح أنّ النزاع يضر بجميع المعنيين.
وفي الواقع، طلبت السعودية وحلفاؤها من قطر أن تصبح مجرد تابع بإرادتها مقابل إنهاء الحصار التجاري والدبلوماسي. وشملت مطالبهم الأولية إغلاق قناة الجزيرة، وهي فضائية إعلامية مقرها الدوحة، وتقليص التعاون مع إيران، التي تشارك قطر الغاز، وطرد القاعدة العسكرية التركية، وتقليص العلاقات مع الإخوان المسلمين. كما طلبوا من الإمارة أن تخضع لرقابة دورية تؤكد امتثالها للمطالب.
وعلى الرغم من قيام دول الحصار الأربعة منذ ذلك الحين بتكييف هذه المطالب إلى مبادئٍ أوسع، من بينها التزامٍ غير محدد بمكافحة التطرف، فقد هددوا أيضًا بطرد قطر من مجلس التعاون الخليجي.
وتعد قطر دولة بحجم مدينة بجانب المملكة العربية السعودية الأكبر حجمًا بكثير. ولا يمكن تغيير جغرافيتها. إلا أنّ حاكمها السابق «حمد بن خليفة آل ثاني» قد أعدها جيدًا لمقابلة أي عداءٍ من الجوار. وبعد الإطاحة بوالده عام 1995، تجنب الأمير «حمد» فرصة إرسال غاز بلاده من خلال خطوط الأنابيب الإقليمية، وبدلًا من ذلك، قام بتصدير الجزء الأكبر منه في شكلٍ مسال عن طريق البحر. وقد جعل قطر من بين أغنى دول العالم على أساس نصيب الفرد من الدخل، مع وجود سلطة مستقلة وسياسة خارجية منفردة أثارت غضب جيرانها منذ ذلك الحين.
وقد أدى دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين، والتدخل في الصراعات الإقليمية، والجهود التي تبذلها للظهور بمظهر الانفتاح والتسامح في الخارج، مستغلة عدم وجود معارضة في الداخل، إلى جعلها عضوًا ندًا ومعاديًا للدول الأربعة.
وفي المقابل، قامت دول الحصار بتصعيد الأزمة إلى ذروتها دون إعطاء الدبلوماسية أي فرصة. وقد شجعهم الرئيس «ترامب» على سلوك هذا الطريق، بتقاربه الشديد مع أجندة السعودية، مما أدى إلى تقويض جهود «ريكس تيلرسون» لإنهاء الأزمة. وما لم ينظر السيد «ترامب» في دعم وزير خارجيته، فمن غير المحتمل أن يحقق الأخير تقدمًا كبيرًا.
وقد دعا السيد «تيلرسون» إلى إنهاء الحصار. وينبغي أن يشجع السيد «ترامب» دول الحصار على التراجع لتقديم فرصة لإجراء محادثات. وفي حين أنّه من المعقول أن نتوقع من قطر أن تقدم بعض التنازلات، لا يمكن أن نتوقع منها التخلي عن السيادة.
القدرة على الصمود
وقد تمكنت من الصمود أمام الآثار المباشرة للحصار من خلال إعادة توريد الإمدادات من إيران وتركيا. وكلما طال أمد الحصار، زادت العواقب التي لم تؤخذ نتائجها بعين الاعتبار منذ البداية.
ومن تأثيرات الحصار دفع إسفينٍ في التحالف السني المدعوم من الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، وتعزيز النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة. ومما لا شك فيه، سوف يهدئ الحصار شهية المستثمرين الأجانب الذين تحتاجهم العديد من دول الخليج لإصلاح الاقتصاد. ولا يوجد شرعية في الحصار طالما لم تكن هناك شروط معقولة لإنهائه، وتعزز الادعاءات القائلة بأنّ الإمارات كانت وراء اختراق موقعٍ قطريٍ لتقديم ذريعة للأزمة هذا القلق. وعندما تخضع سيادة القانون بشكلٍ فضفاض لأهواء الملوك المطلقين، سيبتعد المستثمرون بالطبع.