أثار إعلان الحركة الدستورية الإسلامية عن مشروع إصلاحي وطني ستعرضه على التيارات والقوى السياسية كافة، ردود فعل متفاوتة، الأبلغ ما فيها أنها حرّكت «الساكن» ووجهت «الرسائل» و«إلى حين عرض مشروع (حدس) عليها فإن لكل حادث حديث».
وبينما أصرت قوى وتيارات في معرض رد الفعل على مشروع «حدس» المرتقب، اعتبرت الأولوية لتعديل القانون الانتخابي، فيما ذهب بعضهم إلى إعلان أن «مشروع غالبية مجلس 2012 المبطل ليس نصاً قرآنياً وإنما مشروع قابل للتغيير والإضافة».
ويقف المشروع الجديد والمعد لموسم العودة للمشهد السياسي عبر انتخابات مجلس أمة 2017 محل ترقب بعض التيارات والقوى السياسية، في انتظار ما سيتمخض عنه من مضامين، فيما يرى البعض الآخر أن العودة لابد وأن تقترن بـ «العودة» عن النهج السابق واقتران هذا البرنامج بخطوات جادة، كما تمنى النائب عبدالرحمن الجيران، حتى يعلن مد يده اليمنى لبرنامج ومشروع الحركة الدستورية الإسلامية.
وقال الجيران لـ «الراي»: «حتى يكون برنامج الحركة الدستورية الإسلامية محل تقييم موضوعي، لابد أولا أن يكون بمعزل عن سقف الإخوان المسلمين العام، خصوصا أن إخفاقات التنظيم على المستوى الدولي وبهذه الصورة المدوية جعل مصداقية الحركة على المحك».
وأوضح الجيران أن «جماعة الإخوان المسلمين ليس لها العذر دولياً على حالة السقوط المدوي، لاسيما وأنها جماعة كانت تحظى بالقرب من السلطات في عدد من الدول بما فيها الكويت، لكنهم الآن عادوا لمرحلة الصفر وهو ما جعلهم يعيدون حساباتهم».
وقال الجيران «إنما ما يطرح عن بعض ملامح مشروع الحركة الدستورية السياسي بالحديث عن أولويات المواطن في مواجهة ارتفاع الأسعار لا يعبر عن جدية المشروع، خصوصا أن ظاهرة الغلاء ليس لها أثر على الوضع العام بشكل كبير، ولا يمثل التصدي لها مشروعاً إصلاحياً حقيقياً»، مشيراً إلى أن «تبني مثل هذه الأولوية لا يجعل الحركة تبتعد كثيراً عن طرح نواب الخدمات، فهي قضايا شعبية آنية لا تشكل مشروعاً سياسياً».
وأضاف الجيران «أتمنى أن يحتوي مشروع الحركة على معالجة اختلالات سوق العمل وتطوير منظومة التعليم والمنظومة الأمنية، فهم يملكون الكوادر والإمكانات البشرية الجيدة»، لافتا إلى أنه نمى إلى علمه الآن أن الحركة الدستورية غيرت طاقمها الفني والسياسي وتم استبداله بوجوه جديدة.
وأكد الجيران أنه «يمد يده اليمنى للحركة إذا اقترن مشروعها بالإصلاح الوطني الشامل، وبعمل يعبرعن حقيقته وبشفافية ومصداقية مع الشعب الكويتي، وأن يتضمن تراجعاً عن إخفاقات الماضي»، مشيراً إلى «أنهم (حدس) إذا أعلنوا عن مبادرة جديدة لمصلحة الكويت فسيكون أول الداعمين لهم وهم الآن على المحك».
وطالب رئيس المكتب السياسي لتجمع ثوابت الأمة الدكتور بدر الداهوم «بتضمين أي مشروع يقدم بغرض الإصلاح الخطوط العريضة المتفق عليها، والتي تصب في صالح مشاركة التكوينات والتيارات في الانتخابات كافة»، مشدداً على أن «مشروع غالبية مجلس 2012 ليس نصاً قرآنياً وإنما مشروع قابل للتغيير والإضافة».
وقال الداهوم لـ «الراي»: «نحن لم يُعرض علينا أي مشروع ولم نتسلم حتى هذه اللحظة أي وثيقة تتعلق برؤى إصلاحية، ولكن كما ذكرت هناك ثوابت لابد أن يحتويها أي مشروع يقدم، ومنها تعديل النظام الانتخابي الحالي وتقديم آلية جديدة تضمن مشاركة الجميع في الانتخابات، ولا تمنح الحكومة فرصة الهيمنة على المجلس مثلما يحدث الآن، لدرجة أن النظام الحالي أثار الخلافات حتى بين أفراد العائلة الواحدة».
وأوضح النائب السابق الدكتور محمد حسن الكندري أن «بوابة الإصلاح لأي مشروع وطني يجب أن يكون قوامها تعديل النظام الانتخابي الحالي، وإجراء إصلاحات سياسية، بالإضافة إلى الإفراج عن سجناء الرأي وإعادة الجناسي وإسقاط القضايا».
وقال الكندري لـ «الراي»: «حتى هذه اللحظة لم يُعرض علينا أي مشروع سواء من (حدس) أو غيرها، لكننا لن نوافق على أي مشروع إن لم يكن يحتوي على إصلاحات سياسية شاملة وجذرية، وأول ما نطالب به تعديل النظام الانتخابي، إذ أثبت النظام الحالي فشله من خلال مخرجاته المحبطة».
وذكر الكندري أن «أي تيار أو تجمع سياسي يحمل مشروعاً وطنياً ويسعى إلى الإصلاح عليه أن يضع في اعتباره ركائز لا يمكن التخلي عنها وذكرتها آنفا، أما أن يأتي مشروع لا يضع يده على الجرح فلن نقبل به، لأن ما نسعى إليه إصلاح سياسي شامل يضع حداً لتفشي الفساد».
من ناحيتها، قللت مصادر قريبة من جناح المقاطعة من أثر المشروع على الساحة السياسية «خاصة وأن هناك مبادرات عدة طرحت في خضم مرحلة الحراك ولم يكتب لها النجاح، ومع ذلك فإن الغالبية المقاطعة أعلنت المشاركة بما فيها الحركة الدستورية دون أي تغير في المشهد».
وأوضحت المصادر لـ «الراي» أن أي مشروع لا يمكن طرحه بمعزل عن الأطراف التي ستحظى بعضوية المجلس، وبالتالي من المفترض انتظار معرفة تركيبة المجلس للتعرف على مدى إمكانية تطبيق المشروع من عدمه، مبينة أن الحديث عن مشروع في الفترة الانتخابية لابد وأن يكون مشروعاً فردياً، بمعنى أن يمثل المرشح أو تياره، «لكن طرح مشروع مشترك بين التيارات لا فائدة منه إلا بعد التعرف على خريطة المجلس، وإلا كان المشروع شكلياً وغير حقيقي أو تم الاستعجال بإعداده».
وأشارت المصادر إلى أنه وعلى الرغم من عدم وجود أي مؤشرات آنيا تشي بتغيير في المشهد، تكاد غالبية كتلة الغالبية المقاطعة تشارك في الانتخابات المقبلة، باستثناء من أعلن وبشكل قطعي تمسكه باستمرار مقاطعته «وهم قلة قليلة من هذه الغالبية»، مشيرة إلى أن هناك البعض ممن لم يعلنوا استمرار موقفهم من المقاطعة غير مستبعد مشاركتهم عندما يحين موعد الانتخابات المقبلة، وعندما يجدون في توقيتها مبرراً لهذه المشاركة.
وبدورها كشفت مصادر المنبر الديموقراطي عن أن «أي مشروع إصلاحي لابد وأن تكون ركيزته الأساسية قائمة على العودة للدستور وتطبيق صحيح القانون، وهذا لا يمكن الشروع به دون العودة إلى القانون الانتخابي السابق، وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن لعدم وجود أي بوادر توحي بذلك، ولحاجته إلى تحرك مجتمعي غير متوافر الآن».
وقالت المصادر لـ «الراي» إن الكل يتفق على الإصلاح، لكن الاختلاف يكمن في الحيثيات والتفاصيل «ونحن حتى الآن لم نطلع على مشروع الحركة الدستورية الإسلامية حتى نحكم عليه»، مشدداً على أن «الإصلاح الذي يعزز دولة القانون والمؤسسات نحن معه، أما الإصلاح الرامي إلى العودة للدولة الدينية فنحن ضده».
وتابعت المصادر «أن أي إصلاح لابد وأن يمرعبر بوابة تعديل القانون الانتخابي القائم وغير العادل من حيث التمثيل للشعب الكويتي والمخالف للقانون من خلال آلية إقراره»، مشيرة إلى أن «مؤشرات تعديل هذا القانون لا تلوح في الأفق كون من سينجح بالصوت الواحد لن يغيره، وكذلك فإن أي تعديل من قبل الحكومة لا يمكن القبول به لأنه سيكون كقانون الصوت الواحد الذي صدر بمنأى عن المجلس».
وشددت المصادر على أن «تعديل القانون الانتخابي بحاجة إلى حراك مجتمعي كالحراك الذي أتى بقانون الدوائر الخمس، وهذا الأمر غير متوافر الآن، فالشارع غير منظم والقوى السياسية منقسمة».
الراي الكويتية-