سي إن بي سي- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
تراجع أسعار النفط، إضافة إلى السياسة الداخلية المضطربة واهتزاز الاقتصاد المحلي، كلها عوامل تؤثر سلبا على المملكة العربية السعودية. الآن، يمكن إضافة بند آخر إلى قائمة المشاكل المحتملة: وهو ربط العمل السعودية، الريال، مع الدولار الأمريكي.
على مدى 3 عقود تقريبا، ربطت المملكة العربية السعودية، المنتج الأول للنفط في العالم عملتها مع الدولار، ولكن مع تهاوي أسعار النفط إلى مستوى 40 دولارا للبرميل، فإن شبح عجز الموازنة يلوح في الأفق، ما دفع بعض المراقبين إلى التكهن بأن المملكة العربية السعودية قد تضطر إلى تعويم الريال كوسيلة لتخفيف بعض الضغوط على اقتصادها المحلي. وقد بدأت المملكة العربية السعودية بالفعل في استهلاك جزء من احتياطياتها لسد العجز في الموازنة ودعم العملة المتعثرة.
هذا السيناريو هو ما أشار إليه «ميريل لينش» من «بانك أوف أميركا» بوصفه البجعة السوداء للعام، والذي من المحتمل، حال حدوثه، أن يلقي بتأثيره على سوق النفط الذي يترنح بالفعل.
وسوف يكون تأثير الجمع بين ربط العملة إلى الدولار الأمريكي القوي وبين أسعار النفط المنخفضة خطيرا بالنسبة إلى الاقتصاد السعودي. يفترض «بانك أوف أميركا» أن انخفاض أسعار النفط قد يدفع السعوديين إلى كسر ربط عملتهم، وهو أمر من شأنه أن يغرق الأسواق بالدولار ويدفع أسعار النفط نحو المزيد من الهبوط إلى مستوى 25 دولارا للبرميل. يمكن أن يمثل هذا السيناريو قبلة الموت بالنسبة إلى اقتصاد يمثل النفط 90% من صادراته و40% من نموه. كما أنه سوف يتسبب في العديد من الصعوبات للعديد من الأسواق المرتبطة بالسلع الناشئة.
ويقول «بانك أوف أميركا» أنه نظرا لتزايد الضغوط على الريال، الذي يقبع قرب أدنى مستوى في عدة سنوات في السوق الآجل، فإن هذا السيناريو يبدو مؤثرا للغاية رغم كونه مستبعدا إلى الآن.
وقد أوضح الاستنزاف الضخم من الوسادة النقدية السعودية هذا العام مدى احتياج المملكة العربية السعودية للتعويض عن انخفاض في النفط الخام. «الاحتياطيات النقدية لا تزال عالية ولكنها يمكن أن تستنزف بمعدلات عالية»، وفقا لمحللين من «بانك أوف أميركا».
ووفقا لرؤية البنك فإن السعودية قد تضطر إلى الاختيار ما بين تخفيض المعروض النفطي أو إلغاء ربط الريال. الخيار الأول مطروح بالفعل على الطاولة، وقد خففت السلطات السعودية مؤخرا لهجتها بشأن قضية قطع الإمدادات، ولكنها اشترطت أن على الدول الأخرى للنفط أن تحذو حذوها.
إذا، ما هي فرص أن تستسلم المملكة العربية السعودية للضغوط وتكسر سياستها الراسخة منذ عقود الوفرة النفطية؟ على ما يبدو، فإن احتمالات ذلك منخفضة جدا.
ويوقل «بول غامبل» كبير مديري الائتمان في »فيتش» أن الأمر غير وارد لأن الربط آمن. «هناك احتياطيات كافية لدعم وجود التزام قوي جدا تجاه الربط» وفقا لـ«جامبل».
«ضغط السوق على الربط يحدث في أوقات وجود تحركات حادة في أسعار النفط الخام سواء بالصعود أو بالهبوط ونحن لا نتوقع أي احتمال لتغيير ربط الريال بالدولار».
الثروة النفطية الهائلة في البلاد تحجب مجموعة من السكان الذين يعيشون في معدلات فقيرة يقدرهم الخبراء بربع عدد السكان تقريبا. مع الملايين من السكان الذين يعتمدون على الإنفاق الحكومي، فإن تخفيض قيمة العملة قد يثير من المشاكل أكثر مما يحل، وفقا لـ«بول كريستوفر»، رئيس الاستراتيجيين للسوق العالمي في معهد «ويلز فارجو» للاستثمار.
وأضاف: «بدون الربط، فمن المرجح أن تخفيض قيمة العملة لن يكون منضبطا، خاصة في ظل أسعار نفط منخفضة للغاية، هذا من شأنه أن يرفع تكاليف الغذاء والدواء بشكل حاد ويتسبب في تطورات اجتماعية خطيرة في المملكة».
لهذه الأسباب، فإن المحللين أمثال «جامبل» من «فيتش» يتوقعون أن تواصل البلاد تحقيق عجز مالي للعامين المقبلين على الأقل كما يتوقعون أن تواصل المملكة ضخ مبالغ كبيرة في الإنفاق العام.
مواصلة الإنفاق هو أحد الأسباب التي دفعت «فيتش» للترجيح بأن الحاجز الائتماني سوف يظل ثابتا وأن الساحة الداخلية سوف بقى مستقرة على الأرجح.