دويتش فيلله- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-
حين يتم الانتهاء منه، سوف يبلغ ارتفاع برج المملكة حوالي كيلو متر كامل في السماء، أي بما يعادل 3281 قدما. إذا سار كل شيء وفقا للخطط التي وضعها آل سعود، فإن هذا البناء سوف يكون هو أطول مبنى في العالم بحلول عام 2019.
هذه هي صورة المملكة العربية السعودية التي يرغب فيها حكامها، النبل والحداثة والتفوق في التصنيفات العالمية من كل نوع. ومع ذلك، فقد بدأت الشقوق والخلافات تظهر إلى الواجهة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توقع صندوق النقد الدولي أن المملكة الاستبدادية سوف لن تكون قادرة على الحفاظ على وتيرة الإنفاق الحالية لأكثر من 5 سنوات قادمة، قبل أن تستنفذ احتياطياتها المالية.
وقد أصبح هذا الاتجاه محفوفا بالمخاطر على نحو متزايد. ترتبط حالة الطواريء الاقتصادية بعامل واحد فقط هو سعر النفط. خلال عام واحد فقط، انخفض سعر المورد الطبيعي إلى ما دون 40 دولارا للبرميل. في الواقع، فإن سعر قد سقط حتى إلى ما دون هذا المستوى، وهو أقل مستوى له في 6 سنوات، في أعقاب اجتماع عقد مؤخرا لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في فيينا. وتحتاج المملكة العربية السعودية أسعار نفط تتراوح ما بين 80 و100 دولار للبرميل من أجل تحقيق التوازن في ميزانيتها، وفقا لـ«سباستيان سونز» من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية.
نموذج جديد للعمل
لهذا السبب، فإن «ماكينزي»، وهي شركة استشارات، قد أطلقت دراسة خلال ديسمبر/كانون الأول الحالي، حثت خلالها العائلة المالكة على عدم الانتظار من أجل لارتفاع أسعار النفط، والشروع في بدء الإصلاحات في أقرب وقت ممكن. «الانتظار من أجل أن يصبح العالم مكانا أفضل ليس خيارا»، وفقا لــ«جوناثان ووتزل» مدير «ماكينزي» العالمية للأعمال.
«إن استراتيجية الصنابير المفتوحة لا يمكنها ببساطة العمل أكثر من ذلك»، وفقا لـ«سباستيان». إلى الآن، فإن كل ما تفعله الدولة هو غرس إصبعها في الأرض وتحويل النفط الذي يخرج منها إلى نقد، ومن ثم توزيع جزء من تلك الأموال على الشعب. يقوم القصر بتقديم الدعم المالي لرعاياه بكثافة منذ عقود، وهكذا فقد تم الحفاظ على أسعار الطاقة والغاز وأسعار المياه منخفضة بشكل كبير. كما أن الحكومة السعودية لا تقوم بفرض أي ضرائب على الدخل. «لقد أصبح المجتمع السعودي مسرفا»، وقد تم غرس ذلك بالأساس عبر استمرار الدعم الحكومي. «الدفع نحو تغيير مفاجيء هو بالطبع أمر مستحيل من الناحية السياسية».
هناك أجزاء من المجتمع قد صارت غير راضية على نحو متزايد. رسميا، بلغت نسبة البطالة في المملكة العربية السعودية حوالي 6% ولكن لمن هم دون سن 26 عاما، فإن الوضع أسوأ بكثير. في نهاية عام 2014، حينما كانت الظروف الاقتصادية أفضل من ذلك بكثير كانت نسبة البطالة بين من هم دون سن الـ26 عاما قد بلغت حوالي 30%. الإحباط يتزايد، ويقول «سباستيان»، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، «في كل عام هناك 100 ألف من الشباب يتخرجون من الجامعات ولكنهم لا يستطيعون العثور على وظائف لأنهم جميعا يريدون العمل في القطاع العام».
البراغماتية أم الأيدولوجيا؟
تعرف المملكة العربية السعودية كأحد القوى الإقليمية. ما وراء حدودهم الجنوبية، يقاتلون السعوديون المتمردين الحوثيين في اليمن. وخلف حدودهم الشمالية، فإنهم يسعون لدرء خطر النفوذ الإيراني في المنطقة. الحرب الوكالة الأكثر أهمية تجري الآن في سوريا. اليمن ليس فقط كارثة عسكرية، ولكنه يمثل كارثة مالية كذلك. حتى الآن تشير التقديرات إلى أن التكاليف كانت في حدود 50 مليار دولار في اليمن، و20 مليار دولار في سوريا. وقال الخبير في الشؤون السورية والصحافي «دانيال جيرلاخ» لمحطة الإذاعة العامة الألمانية «دويتشلاند فونك» أن المملكة العربية السعودية قد استثمرت بالفعل 100 مليار دولار في الصراع السوري.
«وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي الحالي في المملكة العربية السعودية، فإن النتيجة المنطقية التالية يجب أن تكون هي تقليص الدور الإقليمي واتباع سياسة خارجية أكثر واقعية»، وفقا لـ«سباستيان».
بعد، فإن صناديق الثروة السيادية في البلاد لا تزال لديها احتياطيات هائلة. يوم الخميس الماضي، أطلقت المملكة قمرا صناعيا الى الفضاء. وهو جزء من شبكة عملاقة عائمة تطفو على ارتفاع 36 ألف كيلومتر فوق الأرض، وتهدف إلى تحسين وصلات الإنترنت في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا الوسطى، وهو أحد المشروعات التي ينتظر أن تتكلف بدورها مليارات الدولارات.