أشرف كمال - الخليج أونلاين-
يعتزم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف أخذ زمام المبادرة والدعوة لمفاوضات سلام بين الفرقاء اليمنيين في العاصمة السعودية الرياض.
وتأتي خطوة الحجرف بعد 6 سنوات تقريباً من المفاوضات التي احتضنتها الكويت عام 2016، بين الحوثيين المدعومين من إيران وحكومة عبد ربه منصور هادي المدعومة من الرياض، والتي لم تسفر عن أي تفاهم.
وفي فبراير 2022، أعلن المبعوث الأممي الجديد ينس غروندبرغ، مبادرة قال إنها ستكون متعددة المسارات، وتشمل كافة الأطراف المنخرطة في الأزمة، وهو المعنى نفسه الذي تتحدث به مصادر عن المفاوضات المرتقبة.
فقد نقلت وكالة "رويترز"، 15 مارس 2022، عن مسؤولين لم تسمهم أن الحوثيين سيحلون ضيوفاً على الحجرف في الرياض؛ لبحث الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية للأزمة التي أودت بحياة أكثر من 377 ألفاً ووضعت نحو 16 مليون إنسان على حافة المجاعة.
وتتزامن الدعوة لمشاورات السلام الجديدة مع دخول الحرب عامها الثامن، وبعد عام من مبادرة سعودية رفضها الحوثيون لوقف القتال، وبعد العديد من المبادرات الأمريكية والأممية التي لم تلقَ استجابة حوثية رغم قبول السعوديين وحكومة هادي بها.
وقالت المصادر إن الرئيس هادي قبل بالمفاوضات التي يجري حالياً الترتيب لعقدها بين 29 مارس و7 أبريل 2022، ومن المقرر توجيه الدعوات رسمياً إلى بقية الأطراف خلال أيام.
خلق شرعية جديدة
وتحوّل اليمن منذ سنوات إلى ساحة حرب بالوكالة بين خصوم إقليميين ودوليين، وكثيراً ما كان التصعيد العسكري فيه مرهوناً بوضعية المفاوضات بين إيران والغرب، أو بينها وبين السعودية.
وحتى الآن، ليس معروفاً ما إذا كان الحوثيون سيقبلون بالجلوس للتفاوض أم لا، وهل سيقبلون بالذهاب إلى الرياض أم أنهم سيفضلون مكاناً أكثر حيادية مثل سلطنة عمان، أو الكويت التي استضافت مفاوضات سابقة.
ويرى المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن الأمور سوف تمضي قدماً على ما يبدو، خاصة أنها تأتي "بضغط أمريكي ورغبة سعودية في الظهور بمظهر راعي الحل وليس الطرف في المشكلة".
وفي تصريح لـ"الخليج أونلاين"، قال التميمي: إن الرياض "دفعت بالأمين العام لمجلس التعاون لتبني المبادرة؛ حتى لا تتراجع عن وعدها السابق بدحر الحوثيين، وإنهاء نفوذ إيران في المنطقة".
ويرى التميمي أن الحجرف، وبدفع من الرياض، يسعى لإنتاج "اتفاق رياض جديد" وصولاً إلى إنتاج نسخة حديثة من المبادرة الخليجية، (اتفاق انتقال السلطة الموقع عام 2011، والذي لم يطبق حتى اليوم).
ويرى المحلل اليمني أنه في حال قبل الحوثيون بالحضور فإن "المفاوضات ستكون محاولة لتنصيب حكومة شرعية جديدة تنتقص من صلاحيات هادي وتطيح بنائبه اللواء علي محسن الأحمر، وتحييد حزب الإصلاح" (الذراع السياسية للإخوان المسلمين).
وتمثل هذه المفاوضات، بحسب التميمي، جزءاً من جهد طويل لإيجاد شرعية جديدة باليمن، و"ستعد الحوثيين بحصة سخية (من المستقبل السياسي للبلد)؛ لأنها تمثل تحركاً في الفراغ الذي خلّفه هادي بطموحاته المتداعية وانفصاله التام عن المشروع الوطني".
وقال التميمي إن إيران حاضرة فيما يحدث، إلا أنه يستبعد أن تكون المفاوضات المرتقبة نتيجة ترتيبات إيرانية سعودية أو إيرانية أمريكية؛ لأن طهران لم تنهِ ملفاتها الخاصة حتى الآن، حسب قوله.
الحوثيون لن يتفاوضوا بجدية
المحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع قال إنه لا يعتقد أن الحوثيين سيقبلون بهذه المفاوضات، وإنهم ربما يتذرعون بالمكان، وحتى لو استجابوا فإنهم سيتفاوضون إلى ما لا نهاية.
وفي تصريح لـ"الخليج أونلاين" قال المناع إن الحل بيد إيران، وإن طهران هي من يمكنه إعطاء إشارة للحوثي بحل الأزمة، مشيراً إلى أن الظروف الخليجية والسعودية مواتية للقبول بالحوثيين كجزء من الحكومة اليمنية، سواء عن طريق مصالحة أو انتخابات أو أي شيء.
ولا يتوقع المناع نجاحاً لهذه المفاوضات؛ "لأن الحوثيين لن يدعموا أي مفاوضات لا تمنحهم كل شيء".
واستبعد المناع الربط بين مفاوضات إيران النووية مع الغرب ومفاوضات اليمن المرتقبة، لكنه قال إن الوقت مناسب لكي تبدأ طهران إصلاح علاقتها بدول الخليج عبر الضغط على الحوثيين وكل ما يتبعها في لبنان والعراق؛ للعمل في إطار الدول وليس كجماعات منفصله.
وكانت إدارة جو بايدن قد أكدت فور وصولها إلى البيت الأبيض، مطلع 2021، عزمها وقف حرب اليمن وإحياء اتفاق 2015 النووي مع إيران، ومعالجة خطر المليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة وبرامج طهران الصاروخية أو المتعلقة بالطائرات المسيرة.
كما دعت دول الخليج مراراً لعدم توقيع أي اتفاق مع إيران لا يعالج مخاوف المنطقة الأمنية، ولا يضمن وقف الدعم العسكري والمالي الإيراني للمليشيات المنتشرة في أكثر من بلد، وفي القلب منهم الحوثيون.
ورفضت طهران مراراً مناقشة ما تقول إنها أمور داخلية أو إقليمية مع أطراف خارجية، لكنها أعربت أكثر من مرة عن استعداداها لإعادة العلاقات مع السعودية والمشاركة في إنهاء حرب اليمن.
وبدأت الرياض وطهران قبل عام مفاوضات مباشرة في العاصمة العراقية بغداد، لكنهما لم تحققا نتائج ملموسة على الأرض حتى الآن، كما لم تفلحا في تخفيف التصعيد في اليمن، وهو ما يعني أن كل الأمور مرهونة بمستقبل برنامج إيران النووي، على الأرجح.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في لقاء مع مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، خلال مارس 2022، إن إيران "دولة جارة وستظل هكذا للأبد"، وهو تصريح التقطته الخارجية الإيرانية وأثنت عليه واعتبرته مؤشراً إيجابياً.
وشهدت الفترة القليلة الماضية العديد من الإشارات على أنه لا مجال لحسم ملف اليمن عسكرياً، وقد أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر "ميونيخ للأمن"، منتصف فبراير 2022، أنه "لا حل أمام الحوثيين سوى التفاوض، وأنه لا مجال لتحقيق حسم عسكري".
وشددت المملكة مؤخراً الحصار المفروض على ميناء الحديدة ومطار صنعاء؛ ما أدى لتفاقم أزمة الوقود في مناطق سيطرة الحوثيين، في محاولة لتعزيز الضغوط الداخلية ورفع مستوى الغضب الشعبي.