سلمى حداد - الخليج أونلاين-
لا يحمل رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية التداعيات السلبية فقط للاقتصادات العربية والناشئة، فالاستثمارات التي تملكها الدول في أمريكا ستحظى بأعظم أيامها خلال هذه الفترة لارتفاع أرباحها.
والاستثمارات في سندات الخزانة الأمريكية التي تملك جميع الدول الخليجية أرقاماً قوية فيها تضاعفت عائداتها عدة مرات مقارنة بالعام الماضي؛ بسبب رفع المجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة.
وتعد سندات الخزانة الأمريكية وسيلة لجمع الأموال والديون من الدول والمؤسسات، وتسددها الحكومة عند حلول ميعاد استحقاقها الذي يختلف حسب أجل السند.
وتتمتع السندات الأمريكية بالجاذبية لانخفاض مستوى مخاطرة عدم السداد؛ وهو ما يفسر انخفاض العائد عليها مقابل الأصول الأعلى مخاطرة.
خامس رفع للفائدة
وقرر الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، في 21 سبتمبر 2022، رفع سعر الفائدة بنسبة 0.75%، للمرة الخامسة توالياً منذ بداية العام الجاري.
ووصل مستوى سعر الفائدة في الاحتياطي الفيدرالي بعد هذا الرفع إلى ما بين 3 و3.25%.
وجاء قرار الفيدرالي الأمريكي ضمن مسعاه لكبح جماح التضخم المرتفع، والذي سجل مستويات قياسية في نحو 40 عاماً، خلال وقت سابق من هذا العام.
وفي أحدث الأرقام، ارتفع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة خلال أغسطس إلى 8.3% متخطياً توقعات المحللين التي كانت تدور بين 8 إلى 8.1%.
أرباح متصاعدة
ونتيجة لهذا الرفع الخامس لأسعار الفائدة، تواصل عائدات سندات الخزانة الأمريكية الصعود باتجاه أعلى مستوى له منذ 15 عاماً.
وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات في 22 سبتمبر، إلى 3.704%، مقابل الإغلاق المسجل في 21 سبتمبر، عند 3.531%.
كما تجاوزت العائدات على سندات الخزانة لأجل سنتين مستوى 4.00%، مما يشير إلى أعلى المستويات في 15 عاماً.
وارتفعت أيضاً عائدات سندات الخزانة لأجل 30 سنة، طويلة الأجل، إلى 3.614% مقابل نسب كانت تقرب من الصفر في العام 2020.
استثمارات الخليج
وفي نهاية يوليو الماضي، ارتفعت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في أذون وسندات الخزانة الأمريكية 3.87%، على أساس شهري، إلى 228.712 مليار دولار من 220.19 مليار دولار بنهاية يونيو 2022.
وأظهرت بيانات وزارة الخزانة بالولايات المتحدة أن استثمارات السعودية، أكبر حائزي دول الخليج في السندات الأمريكية، ارتفعت بنسبة 2.013% لتصل إلى 121.6 مليار دولار حتى نهاية يوليو 2022، مقابل 119.2 مليار دولار حتى في يونيو الماضي.
وحلت الكويت ثانياً، حيث ارتفعت استثماراتها بالسندات الأمريكية بنسبة 7.4% في يوليو الماضي إلى 49.4 مليار دولار من مستوى 46 مليار دولار بنهاية يونيو 2022.
وجاءت الإمارات في المرتبة الثالثة، بإجمالي استثمارات 41.3 مليار دولار بنهاية يوليو، مقارنة بـ 39.9 مليار دولار في الشهر السابق له، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 3.5%.
ثم قطر التي رفعت تلك الاستثمارات من 7.272 مليارات دولار في يونيو 2022 إلى 8.231 مليارات دولار بنهاية يوليو الماضي، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 13.2%.
تليها سلطنة عُمان التي رفعت تلك الاستثمارات بنسبة 4.4% من 6.702 مليارات دولار بنهاية يونيو الماضي إلى 6.996 مليارات دولار بنهاية يوليو 2022.
وتذيلت البحرين القائمة باستثمارات رفعتها بنسبة 6.56% من 1.112 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي إلى 1.185 مليار دولار بنهاية يوليو 2022.
انتقام للمدخرين
وفي تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في 21 سبتمبر الجاري، قالت: إن "رفع أسعار الفائدة ينتقم للمدخرين في السندات الأمريكية".
وأوضحت الصحيفة أن زيادات معدل الفائدة 5 مرات منذ بداية العام 2022 كانت من العوامل الرئيسية التي رفعت معدلات عائدات السندات.
وذكرت أن الفائدة التي يحصل عليها المستثمرون في السندات الأمريكية في هذه الأيام تزيد بأكثر من 100 مرة عما كانوا يكسبونه في نهاية العام الماضي.
وأشارت إلى أنه منذ مارس 2020 حتى مارس 2021، دفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة على السندات قصيرة الأجل إلى الصفر في الأساس لمحاولة تعويض الضرر الاقتصادي الناجم عن الوباء.
وقبل ذلك كان البنك المركزي الأمريكي قد أبقى معدلات فائدة السندات قصيرة الأجل قريبة من الصفر منذ العام 2009 إلى 2015 للتعامل مع الركود الاقتصادي آنذاك.
وتشير أرقام شركة (Crane Data) الخاصة ببيانات أسواق المال، إلى أن المستثمرين بالسندات كانوا يحققون متوسط أرباح يصل إلى 0.02% نهاية العام الماضي.
إلا أنه في هذه الأيام يبلغ متوسط العائد على هذه الاستثمارات بالسندات الأمريكية 2.11% (حتى 21 سبتمبر 2022)، حسب المصدر ذاته.
ما هي السندات؟
ولكن ما هي سندات الخزانة الأمريكية ولماذا تشهد كل هذا الإقبال عليها من الدول والمستثمرين حول العالم؟
السندات الأمريكية هي سند حكومي يتم إصداره بواسطة وزارة الخزانة الأمريكية من خلال مكتب الدين العام، وهي عبارة عن أوراق مالية قابلة للتحويل.
وظهرت السندات الأمريكية في مرتها الأولى عندما قررت الولايات المتحدة أن تدخل الحرب العالمية الأولى، فلجأت إلى طرح سندات، وذلك لحاجتها للمال والنقود لتمويل الحرب في ذلك الوقت.
وتتوفر السندات الأمريكية بأشكال متعددة، مثل: سندات الخزينة، وسندات سعر الصرف العائم، وسندات الخزانة المحمية ضد التضخم.
والفرق بين كل تلك الأنواع من السندات يكون في أجل استحقاقها، ويُطلق عليهم جميعاً اسم "سندات الخزانة".
وللاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية مميزات من أبرزها ارتفاع جودة الائتمان، حيث تتمتع الحكومة الأمريكية بجدارة ائتمانية لا منازع لها؛ فتلك السندات التي تصدرها تتميز بأعلى درجة من الجودة الائتمانية.=