دعوة » خطب

الشثري: بعض أبنائنا تنكروا لوطنهم وغدروا به بانضمامهم إلى تنظيمات مخالفة للإسلام

في 2016/03/18

المدينة السعودية-

أكد إمام وخطيب جامع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الشثري أن مِن أبناء الوطن -وهم قلة- مَن تنكروا لوطنهم، وغدروا به، وخانوا أمانته، حين انضموا إلى جماعات وتنظيمات مخالفة للإسلام، ولذلك يقع الدور الأكبر هنا يقع على الأئمة وخطباء المساجد والدعاة إلى الله، وعليهم بيان الحق للناس في أهمية الانتماء لوطنهم والمحافظة عليه؛ وتذكيرهم بأهمية الانتماء، والمواطنة، والمحافظة على هذا الوطن الذي جعله الله مضرب المثل، ومحط النظر لكل المسلمين في أرجاء الدنيا.

وأضاف الشثري: إن الانتماء ينطلق من أسس شرعية فبلادنا متمسكة بكتاب الله وسنة رسوله، عقيدة وشريعة وسلوكًا وأخلاقًا، فقد امتن الله علينا بنعمة الإسلام وجمعنا على هذا الدين، وهذه نعمة نتذكر بها فضل الله علينا في هذه البلاد، فنحافظ عليها، ونحذر من كل ما يَصْرِف عنها، مما يبثه دعاة الفتنة وأصحاب الشبهات، الذين ما فتئوا يبثون سمومهم على بلادنا، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلًا؛ لأن من كان مع الله كان الله معه، وكذلك مِن أَجلِّ النعم وأفضلها علينا في المملكة، نعمة التوحيد وإخلاص العبادة لله، والتي بتطبيقها تحقق لنا الأمن والاستقرار ورغد العيش، وحفظنا الله بتطبيق هذه النعمة من لوثات الفتن والصراعات؛ لأن الأمن ينشأ عن الإيمان الصحيح، وتحقيق الأمن في الوطن أعظم مقاصد الشريعة، بالاضافة إلى لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، وهذا ولله الحمد متحقق شرعًا وعقلًا في بلادنا، فنحن في مجتمع واحد يستقي دينه ونظامه من الشرع المطهر الكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح، وهذه أسس ثلاثة لما تحققت في بلادنا قولًا وعملًا، حفظها الله من خطر الفتن ومن كل ألوان الأحزاب والصراعات التي حلت بساحة المسلمين اليوم.

وأضاف الشثري: إن الواقع الذي نعيشه اليوم يحتم علينا أن نقوم بواجبنا شرعًا تجاه بلادنا وولاة أمرنا، بتذكير الناس بهذه النعم المتعددة التي يتمتعون بها، وهم آمنون في بيوتهم، ويلزم من ذلك الطاعة لولي الأمر بالمعروف، واحترام الدماء المعصومة وعدم الاعتداء عليها، والحفاظ على المرافق العامة في الوطن، ودرء الشر والخطر عن المجتمع، والتعاون مع رجال الأمن في كشف خِطط المفسدين والمعتدين على أمن المجتمع، والالتزام بالنظم والتعليمات التي وضعت لتنظيم أمور الناس ومصالحهم، سواء في طرقاتهم أو في أسواقهم أو في المدارس والجامعات وغيرها، وهذا دور المساجد والخطباء والدعاة، وهي مهمتهم ورسالتهم في توجيه الناس وتذكيرهم بالنصوص الشرعية الدالة على ذلك؛ ليكون مفهوم الانتماء والمواطنة جزءًا من حياتهم في حفظ كيان هذا المجتمع المترابط..

وأردف الشثري أن من لوازم الانتماء والمواطنة السعي في تحقيق التآلف، وإزالة كل ما يعيق ذلك من الشحناء والبغضاء والكراهية، وترسيخ حب الوطن في قلوب الناس من منظور شرعي، وقد ذكر الله بعض المصطلحات في القرآن الكريم، مثل: المواطن بفتح الميم، والبلاد، والديار، والبلد، وهذا يعطينا دلالة لمعرفة قيمة الوطن وحبه؛ لأن الإنسان مهما بلغ من منزلة، ومهما ملك من مال ومتاع فلابد له من وطن يعيش فيه آمنًا مطمئنًا، وفي القرآن الكريم إشارات تبين قيمة الوطن ومكانته في قلوب أهله ليس هذا موضع ذكرها، لكن الممنوع تقديم حب الوطن على حب الله وحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن حب الوطن له حدود فمتى ما تعارضت مع حب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- هنا يكون المحذور الشرعي.

ومن الأشياء التي نحمد الله عليها أن أكرمنا بوطن آمن مستقر، منه شع نور الإسلام، وبُعث سيد الأنام، وفيه تنزل الوحي، ومنه انطلقت الدعوة، وبلادنا هي مهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم فلها صفة استثنائية، واختصها الله بخصوصية لم تكن لغيرها، فهذا الوطن اجتمع فيه كل أنواع الحب الفطري والشرعي، وجهود ولاة الأمر في حفظه وعنايته ورعاية مواطنيه ظاهرة لكل الناس، وأعظم شيء يقومون به نشر العقيدة الصحيحة التي قامت عليها البلاد منذ تأسيسها في العهد الأول وخدمة الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج والمعتمرين والزوار، وهذا الأمر يجعلنا نبتهل إلى الله تعالى أن يحفظ علينا ديننا وعقيدتنا وولاة أمرنا وأن يحفظ بلادنا من كل الشرور والفتن.