ملفات » مؤتمر الشيشان: من هم أهل السنة والجماعة؟

مؤتمر الشيشان.. لا تلعنوا الظلام!

في 2016/09/08

منذ زمن "مهرجي قناة المستقلة" وبعض الدراويش الذين انطلت عليهم ادعاءات الحوار السني - الشيعي؛ ونحن في فرقة ومن فرقة إلى فرقة.. وآخرها المؤتمر الذي استضافته غروزني، برعاية "فتى بوتين المدلل" الرئيس الشيشاني رمضان احمد قاديروف، وحضور جمع غفير من العلماء أبرزهم شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب، ومفتى مصر الشيخ شوقي علام، والمفتي السابق الدكتور علي جمعة.

هذا العبث لن ينتهي مادام هناك من لا يزال يصر على مخالفة سنة الحياة بالاختلاف والتنوع، ومادام هناك دوائر تريد لهذه العبثية أن تستمر لمآربها السياسية، ولو أردنا قراءة المؤتمر فإننا لا نحتاج إلى عبقرية تخبرنا أنه مؤتمر سياسي بالدرجة الأولى؛ يأتي في سياق "عقيدة أوباما" الشهيرة، ووافق حاجة الروس لدعم قاديروف لتوحيد الصف الداخلي عبر اختراع عدو خارجي وشيطنة "السلفية" لإنقاذه من تكتل شعبي رافض لتبعيته المهينة للروس وما زال مديناً للسلفيين في حربه ضد جرائم الإبادة الروسية.

صدارة المملكة العربية السعودية السياسية والدينية لا شك تواجه حرباً شرسة واستهدافاً ممنهجاً من كل الجهات شرقاً وغرباً، وكانت "عاصفة الحزم" بداية تحول سياسي حازم مازال متواصلاً، ومازال يحصد المكاسب تلو المكاسب، ولعل تظاهرة "قمة العشرين" تخبر بذلك بجلاء، لكن الصدارة الدينية التي مصدرها وجود الحرمين الشريفين واتباع المنهج الوسطي تخضع هذه الأيام لاستهداف خطير يتطلب تحركا بمستوى التحرك السياسي ومبادراته الحازمة والجريئة.

قلنا سابقاً إن المقعد الشاغر يحرض الآخرين على اختطافه، وإنه لا يمكن أن ينتظرك إلى الأبد، وإن المبادرة لم تعد من الترف، وكانت ولا تزال الكثير من القضايا الدينية تنتظر من علمائنا التحرك قبل أن يتصدر لها أهل "الضلالات" من المشتغلين على القضايا الخلافية والمستجدة، وليس أفضل من "مؤتمر غروزني" اليوم ليثبت ذلك ولنجدد الدعوة للاستيقاظ ونفض الكسل، ورب ضارة نافعة.

إنه لمن المؤسف ألا تصل رسالتك الوسطية وأنت تستضيف سنوياً ثلاثة ملايين حاج، بينما يصدح في كل الانحاء بيان أعرج صادر من غروزني، والمؤسف أكثر أن نواجه هذا المؤتمر ببيان من "الأمانة العامة" لهيئة كبار العلماء ثم نعود إلى كسلنا بانتظار "غروزني2" يقذف بنا خارج الإسلام!.

إن المسؤولية ولا شك تقع على عاتق هيئة كبار العلماء في مراجعة دورها ومهامها التي تقوم بها فعلياً.. فليس من المعقول أن تحوي هذا الكم الثري من العلماء وتكتفي بفتاوى "السين جيم" على حساب مواكبة المستجدات أولاً بأول بالبحث والدراسة والمبادرة وقطع الطريق على "المجتهدين" والمتعالمين وثلة الارهابيين الذين يحاولون اختطاف السلفية ونسب جرائمهم لها.

إن الحاجة باتت ملحة لإعادة النظر في بناء الهيئة وآلية عملها؛ إذ لا يجب على سبيل المثال أن نشغل هذه الكوكبة الثرية في برامج الافتاء التلفزيونية ـ التي يمكن أن يتصدى لها من تزكيه الهيئة وتثق به ـ أو نشغلهم بفتاوى مكررة لا خلاف فيها.. في الوقت الذي يجب أن يتفرغ اعضاء الهيئة لمهامهم الملحة ورسالتهم الأولى في جعل المنهج السلفي حاضراً بوسطيته في كل المستجدات ومنتبهاً لكل الفرص المواتية.

إن التحدي خطير والمؤامرة كبيرة لا تحتمل الاجتهادات الشخصية.. ولا بد للهيئة من المبادرة بالإجابات قبل أن تتراكم عليها وحولها الاسئلة.

عادل الحربي- الرياض السعودية-