علاقات » اميركي لاتيني

لحوم البرازيل الفاسدة.. زلزال يدفع دول الخليج لوقف الاستيراد

في 2017/03/31

لا تزال تبعات فضيحة اللحوم الفاسدة التي هزّت الاقتصاد البرازيلي مستمرّة، رغم محاولات الحكومة البرازيلية التقليل منها؛ حيث علَّقت بعض الدول استيراد منتجاتها، في حين فرضت أخرى قيوداً صارمة عليها.

وتفجّرت فضيحة اللحوم الفاسدة، التي ضربت سمعة أكبر مصدّر للحوم الحمراء في العالم، عندما اتّهمت الشرطة الفيدرالية البرازيلية قرابة 40 شركة بارتكاب أعمال غير قانونية؛ مثل رشوة المفتشين الصحيين للموافقة على بيع وتصدير لحوم فاسدة، وإضافة مواد كيميائية لإخفاء رداءة اللحوم، وذلك عقب مداهمتها عشرات مواقع الإنتاج، في 17 مارس/آذار 2017.

وشملت لائحة الاتهام شركة "جي بي إس"، أكبر مصدّر للحوم الأبقار في العالم، وشركة "بي آر إف"، أكبر منتج للحوم الدواجن في العالم، التي تملك العلامتين التجاريتين "ساديا" و"بيرديغا".

وناشدت البرازيل الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية ألا تفرض قيوداً تعسّفية على استيراد لحومها.

- تعليق وقيود

وفي إطار الإجراءات التي تستهدف حماية مواطنيها، حظرت وزارة التغيّر المناخي والبيئة الإماراتية، الثلاثاء 28 مارس/آذار 2017، استيراد المواد الغذائية من 6 منشآت برازيلية تقوم بتصدير منتجاتها خارج البرازيل، وفرضت رقابة صارمة على كافة الصادرات والواردات الغذائية القادمة منها، بحسب "البيان" الإماراتية.

وكانت السعودية ومصر قد أوقفتا رسمياً استيراد اللحوم البرازيلية في الـ 22 من مارس/آذار، قبل أن تعلن القاهرة استئناف الاستيراد بعد ثلاثة أيام فقط.

الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية، قالت في بيان إنها أوقفت "استيراد لحوم الأبقار والدواجن ومنتجاتهما من أربع منشآت برازيلية"؛ وذلك "حرصاً على سلامة المواطنين والمقيمين".

وأوصت الهيئة المستهلكين بتجنب منتجات تلك المنشآت، والتخلّص مما لديهم منها، مشيرة إلى أنها تواصلت مع الجهات ذات العلاقة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال سحب منتجات تلك المنشآت من الأسواق المحلية وإيقاف الاستيراد منها.

المملكة -التي تعد أكبر مستورد للدواجن البرازيلية– شدّدت أيضاً على تحرّي الدقة والحذر الشديدين، وتكثيف إجراء سحب العينات من إرساليات لحوم الأبقار والدواجن ومنتجاتهما الواردة من البرازيل، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية.

وعقد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للغذاء والدواء، هشام بن سعد الجضعي، اجتماعاً مع سفير البرازيل لدى المملكة، فلافيو ماريغ، ومستشار السفارة ألبرتو لويز بنتو، الأسبوع الماضي، للتباحث حول مستجدات التحقيق.

والأحد 24 مارس/آذار، أعلن وزير الفلاحة الجزائري، عبد السلام شلغوم، أن بلاده أوقفت بشكل مؤقت استيراد اللحوم البرازيلية، في انتظار نتائج تحليل عينات من 24 طناً للحوم برازيلية محتجزة في ميناء العاصمة.

ونقلت وكالة الأناضول عن الوزير الجزائري أن التوقيف جاء بسبب ما تم تداوله على المستوى الدولي حول العثور على كميات لحوم فاسدة واردة من البرازيل.

وتحقق الشرطة الاتحادية البرازيلية في 21 مسلخاً؛ للاشتباه بوجود مخالفات فيها من أصل 4800 منشأة من هذا النوع تعمل في البلاد، وقد علَّقت الحكومة البرازيلية تراخيص التصدير لمصانع اللحوم التي يشملها التحقيق.

- صادرات بالملايين

وبلغت قيمة صادرات البلاد من اللحوم ومنتجاتها إلى العالم العربي 574 مليون دولار في أول شهرين من 2017، من أصل 1.8 مليار دولار قيمة الصادرات إلى المنطقة خلال نفس الفترة، بحسب ما أعلنته الغرفة التجارية العربية البرازيلية، الخميس 21 مارس/آذار 2017.

السلطات السعودية كانت الأكثر صرامة تجاه الأزمة؛ فلم تقف عند حد منع إدخال البضائع البرازيلية، بل إنها طالبت مواطنيها والمقيمين على أراضيها بالتخلّص من الكميات الموجودة لديهم من إنتاج بعض الشركات المحدّدة، في خطوة تكشف خطورة الموقف.

لكن هناك من يعتقد أن الفضيحة البرازيلية منحت المنتج المحلي فرصة لاقتطاع كعكة أكبر من السوق، خصوصاً في ظل وجود شركات محلية منافسة، بحسب ما نقلت جريدة "الحياة".

وتعد مصر والسعودية والإمارات من أكبر 10 مستوردين للحوم الأبقار البرازيلية في 2016، بنحو 164.9 ألف طن، و28.7 ألف طن، و18.9 ألف طن على التوالي، وفق قناة "الجزيرة" الإخبارية.

ووفقاً لوكالة "سبوتنيك" الروسية، فقد تراجعت مبيعات اللحوم البرازيلية في الخارج 19%، بعد عشرة أيام من الفضيحة.

وبُعيد الكشف عن الفضيحة، أصدرت وزارة الصحة العامة في قطر تعميماً إلى جميع منافذ الدولة بحجز جميع إرساليات لحوم الماشية والدواجن ومنتجاتها الواردة من البرازيل بكل أشكالها وأنواعها، وعدم الإفراج عنها قبل سحب عينات منها وتحليلها وثبوت صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، ومطابقتها للوائح الفنية والمواصفات القياسية الخليجية ذات الصلة.

وفي 22 مارس/آذار الجاري، حظرت هونغ كونغ، واليابان، وكندا، والمكسيك، وسويسرا، واردات اللحوم البرازيلية جزئياً أو كلياً، وذلك بعد يوم واحد من إجراءات مشابهة اتخذها الاتحاد الأوروبي والصين وكوريا الجنوبية وتشيلي.

- مداهمات وفضائح

وكانت الشرطة البرازيلية بدأت مداهمة مصانع ومستودعات للحوم ومكاتب شركات في سبع ولايات برازيلية؛ في إطار تحقيق بدأ منذ عامين، وكشفت المداهمات عن فضيحة في القطاع الذي يمثل نقطة مضيئة في الاقتصاد البرازيلي، الذي يعاني من أسوأ ركود في تاريخه، وتسعى حكومة الرئيس ميشال تامر منذ ذلك الحين لاحتواء الأزمة.

واتهمت الشرطة أكثر من 100 شخص -أغلبهم مفتّشون في الصحة- بتلقّي رِشى نظير السماح ببيع منتجات فاسدة، وتزوير وثائق تصدير، وغض الطرف عن تفتيش مصانع تجهيز اللحوم.

وتصدّر البرازيل لحوم الأبقار والدواجن لأكثر من 150 دولة، وأكبر الدول المستوردة لهذه اللحوم هي السعودية، والصين، وسنغافورة، واليابان، وروسيا، وهولندا، وإيطاليا.

وتُقدّر قيمة صادرات اللحوم البرازيلية سنوياً بـ 12 مليار دولار، وفي العام 2016 بلغت مبيعات لحوم الدواجن البرازيلية 5.9 مليارات دولار، ومبيعات لحوم الأبقار 4.3 مليارات دولار.

السلطات البرازيلية فتحت تحقيقاً موسّعاً بشأن الموضوع، واستجوبت عدداً من المديرين بهذه الصناعة، كما طردت 33 مسؤولاً حكومياً متورّطين في القضية، واتهمت أكثر من 30 شركة لحوم بدفع رشى لمفتشين صحيين، إضافة إلى اعتقال 30 شخصاً على الأقل، وإصدار 27 مذكرة توقيف، وإغلاق مركزين لمعالجة اللحوم، ومركز لمعالجة لحوم الدواجن.

لكن الرئيس البرازيلي، ميشال تامر، قال خلال مؤتمر نظّمه مجلس الأمريكتين، الثلاثاء 22 مارس/آذار 2017، إن الفضيحة "أثارت قلقاً لا داعي له"، وإن كانت قد جرحت اقتصاد البلاد، حسب قوله.

تصريحات تامر لم تفلح في تضييق الجرح، حيث تم تعليق استيراد منتجات البرازيل في تشيلي، وهي سادس دولة مستوردة للحوم البرازيلية، كما شددت كوريا الجنوبية إجراءات التفتيش، وفرضت حظراً مؤقتاً.

الاتحاد الأوروبي أيضاً بدأ حظراً مؤقتاً، وقال الناطق باسم المفوضية الأوروبية، إنريكو بريفيو، إن الاتحاد طلب من البرازيل أن "تسحب فوراً كل المؤسسات المتورّطة في عملية الغش" من لائحة الشركات التي يسمح لها بالتصدير.

غير أن الضربة التجارية الكبرى تمثلت في 19 مارس/آذار؛ عندما فرض العملاق الصيني، الذي يحتل المركز الثاني بين الدول التي تشتري لحوم البرازيل في العالم، حظراً مؤقتاً على واردات اللحوم البرازيلية؛ "كإجراء احترازي"، قبل أن يعود ويعلن استئناف الاستيراد في الـ 25 من الشهر نفسه.

ويشتبه في أن المخالفات ارتكبت من جانب 21 مستودعاً للتبريد، بينها أربعة لديها تصاريح تصدير إلى الاتحاد الأوروبي.

وكالات-