سياسة وأمن » مؤتمرات أمنية

جدل حول «العودة للإسلام المنفتح».. مجاراة للواقع أم هدم للثوابت

في 2017/10/26

الخليج الجديد-

نقاش وجدل شهده موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، على خلفية تصريحات ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، التي قال فيها إن بلاده ستعود إلى ما أسماه الإسلام الوسطي المعتدل.

وتمثل هذه التصريحات هجوما عنيفا ونادرا من قبل مسؤول سعودي رفيع المستوى على أصحاب الأفكار المحافظة في المملكة، التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة بوادر انفتاح اجتماعي.

وأراد ولي العهد أن يسوق أفكاره على أنها تتسق مع التراث السعودي، حين قال «نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب»، مضيفا «70% من الشعب السعودي أقل من 30 سنة، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار مدمرة، سوف ندمرها اليوم وفورا».

وأضاف «بن سلمان»: «نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة (...) وهذا أمر أعتقد انه اتخذت (في إطاره) خطوات واضحة في الفترة الماضية، وأننا سوف نقضي على بقايا التطرف في القريب العاجل».

وتابع «نحن نمثل القيم المعتدلة (...) والحق إلى جانبنا في كل ما نواجهه، ولذا فلا أعتقد أن هذا الأمر سيكون مصدر قلق».

وشهد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، جدالا بين مؤيد ومعارض، وبين من يرى في حديث «بن سلمان» مواكبة للواقع والمستقبل، ومن يراه هدما للثوابت.

سندمر التطرف

وتحت وسم «سندمر التطرف»، أشاد مغردون بتصريحات «بن سلمان»، واعتبروها بداية جديدة للمملكة.

وغرد الكاتب الإماراتي «ياسر حرب»، قائلا: «بعد كلمة الأمير محمد بن سلمان في حفل إطلاق مشروع نيوم.. يمكن القول إن التنوير النابع من الإسلام المعتدل قادم وسيجتاح المنطقة والعقول».

وأضاف الأكاديمي «وائل القاسم»، «ولي العهد قال: سنعيش حياة طبيعية، ونفهم من كلامه: حياتنا لم تكن طبيعية.. ومن هذا الاعتراف الجميل بدأت مسيرة التغيير العظيمة».

وتابع الكاتب والشاعر «عبدالله محمد المقرن»:«أصحاب الغلو سرقوا من أعمارنا 38 سنة، وحينما كنا نكافح الغلو بالكلمة اتهمونا في ديننا».

هدم ثوابت

في المقابل، رأي آخرون أن ما ذكره «بن سلمان»، فيه هدم لثوابت بالدين، وعادات وتقاليد عاشت عليها المملكة منذ عقود، وليس فقط خلال الثلاثين عاما الماضية.

فقال الإعلامي «محمد الكومي»: «محمد بن سلمان ماسك استيكة ونازل مسح في ثوابت كنا متخيلين أنها مش هتزول من السعودية.. وده تطبيق لجملة: الرغبة والقدرة».

وتساءل «حسن الفقيه»: «يعني كان إسلام بلاده في السابق متطرف.. أين نذهب بكتب الوهابية إذن؟».

وقال «فتحي بن لزق»: «السعودية قررت التخلي عن (الوهابية).. يا ترى ما هو البديل؟».

فيما رأت «فريدة»، أن «الإسلام المعتدل هو ببساطة تجاهل لبعض تعاليم الإسلام الصحيح».

بينما قال الداعية «بدر العامر»: «الإسلام الوسطي المعتدل هو الإسلام الذي جاء به محمد بن عبدالله عليه السلام.. بعيدا عن تشويهات المتطرفين من طرفي الإفراط والتفريط».

إنهاء الصحوة

وتحت وسم «محمد بن سلمان ينهي الصحوة»، غرد ناشطون، بين مؤيد ومعارض.

فكتبت «غادة العايدي»: «لا مكان للعادات الظالمة والسوداء بيننا هذه الأيام.. الوعي يزداد في المجتمع وجميعنا مقبلين على تغيير يمحو الصحوة».

وأضاف «سعد الزهراني»: «لا يصح أن يفهم معنى (الصحوة) أنه التدين أو الإلتزم بضوابط ومقاصد الشرع.. (الصحوة) لم تكن إلا مشروع فكري متطرف».

وتابع «خالد عبد العزيز»: «لأنه عرف أن ما في تطور مع وجود فكر متطرف يحث على الكره، ويحرم الأشياء المباحة، ويحتقر المرأة التي هي نصف المجتمع».

فيما تساءل الكاتب «تركي الشلهوب»: «من قرر إطلاق الصحوة؟، ومن قدم كل أشكال الدعم لها؟، أليست الدولة؟»، مضيفا: «إذا لماذا إلقاء اللوم على التيار الإسلامي!.. هذا نفاق!».

وقال «الحربي»: «الصحوة!! شماعة الفاشلين.. دولتنا نامية ليست بسبب الصحوة كما يخيل للبعض.. السبب: نهب الثروات وانعدام المسؤولية والمخصصات».

وغرد «شغب» قائلا: «إذا كانت الصحوة هي إحياء للدين، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وإنكار للاختلاط بين الجنسين.. فليشهد التاريخ أني صحوي».

وتابع «الحميدي»: «أقوى معركة في حياتك هي الثبات على الدين في زمن المتغيرات.. اللهم  ثبت قلبي على دينك».

فيما أشار حساب «نحو الحرية»، إلى أن «الدولة هي من صنعت وأوجدت الصحوة في ظروف معينة لتخدم مصالحها.. والآن عندما انتهت مهمة الصحوة، ستقضي عليها بدون رحمة».

ونشر مغردون، مقطع فيديو للملك السعودي الراحل «فهد بن عبدالعزيز»، وهو يتحدث عن الصحوة، ودورها الإيجابي في تطور المملكة، متسائلين: «هل القضاء على الصحوة إهانة للملك فهد وتاريخ الأجداد؟».

تحرر وحرية

أما الكاتب «جمال خاشقجي»، فقال: «حديث ولي العهد عن التحرر من التطرف جاء في وقته فلقد ضاع على المملكة عقود طويلة حبيسة فكر سلفي ضيق وحان وقت حرية الاسلام بتعدديته واجتهاده».

وتابع: «الخلاص من التطرف الذي وعد به ولي العهد يجب أن يشمل إطلاق الحريات العامة وألا يعتقل مواطن لرأيه.. حينها لن ننتقل من تطرف إلى آخر.. ولي العهد يفعل الشيء الصحيح ويحمل رؤية خير للوطن، لتكن رؤية inclusive تحوي الجميع غير إقصائية فالتطرف الذي وعد بسحقه كان اقصائيا».

واتفق معه الكاتب الكويتي «عبدالله محمد الصالح»، حين قال: «اعتراف حميد من بن سلمان بأن ما كان هو التطرف.. وما هم مقبلين عليه هو الاعتدال.. المصيبة أن الاعتقالات لا توحي على ذلك!».

فيما قال «تركي الروقي»: «الحل الآمن لمواجهة انجراف المجتمع نحو فكر متطرف يمينا أو يسارا هو تفعيل آليات الدولة المدنية الحقيقية.. ليصبح الشعب رقيبا على أداء الحكومة».

إجراءات

كما تداول مغردون، مقطع فيديو، ينتقد تصريحات «بن سلمان»، ويكشف ما يقولون إنه رؤيته الحقيقية للدين، وقالوا إنه «يريده إسلاما مدجنا، لا يعرف معنى الجهاد ولا يعترف بالأقصى، يطيع الحاكم مهما بغى، ويبارك الفساد وإن كان فاعله ولي الأمر، يريدون إسلاما محصورا بين جدران المسجد».

وأضافوا: «لذلك، كان إنشاء مجمع الملك سلمان للحديث، وإنشاء مركز اعتدال، وإنشاء هيئة الترفيه، وإيقاف الجمعيات الخيرية وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإيقاف الأئمة والخطباء، واعتقال العلماء والدعاة».

وشهدت على مدار الأسابيع الماضية، توقيف أكاديميين ودعاة بارزين بينهم «سلمان العودة» و«عوض القرني»، من دون أن توضح أسباب اعتقالهم.

ورأى محللون أن بعض الموقوفين معارضون للسياسة الخارجية المتشددة التي تتبعها السعودية حاليا، خصوصا فيما يتعلق بالأزمة مع الجارة قطر، بينما أن بعضهم الآخر ينظر بريبة إلى الإصلاحات الاقتصادية التي يعتمدها الأمير «بن سلمان»، وبينها خصخصة قطاعات عامة وتقليل الدعم الحكومي.

ومنذ تعيينه في منصبه في يونيو/حزيران الماضي، اتخذ «بن سلمان» إجراءات سياسية وأمنية عديدة بهدف توسيع نفوذه في المملكة، في إطار مساعيه لتتويج نفسه ملكا خلفا لوالده الملك «سلمان بن عبد العزيز».

وتسارعت بوادر الانفتاح الاجتماعي في المملكة، منذ بروز دور «بن سلمان»، في العام 2015، حين كان وليا لولي العهد.

وخلال الشهور الماضية، أجرت المملكة تعديلات واسعة على صلاحيات «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، التي كانت تعتبر حاميا لتلك الآراء الفقهية ومراقبا لتنفيذ المجتمع تعاليمها، وقد أدت تلك التعديلات إلى تقليص وجود الهيئة ونفوذها بشكل مفاجئ، رأى بعض أكثر منتقدي أداء الهيئة وتجاوزاتها سابقا أنه ترك فراغا مفاجئا في الشارع السعودي.

والعام الماضي، دشنت السعودية «هيئة الترفيه»، التي بدأت بتنظيم فعاليات ثقافية وفنية وترفيهية في مناطق عدة بالمملكة، بعد أن ظلت غائبة عنها لسنوات طويلة، ما أسفرت عن صراع محتدم بين التيارين المحافظ والليبرالي.

وشهدت احتفالات المملكة بالعيد الوطني، في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، تجاوزات دفعت مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي إلى إطلاق وسم بعنوان «الوطنية ليست بالمعاصي»، بعدما تحدث المغردون عن أمور عدة؛ مثل مسألة الاختلاط بين الجنسين، والعروض والحفلات الموسيقية التي لم تكن بهذا الحجم في السابق، والتركيز على مسألة الوطنية بدلا من الدين، كما انتقدوا الحفلات التي تم تنظيمها في شوارع المملكة، حيث قام فيها الشباب بالرقص والغناء على أنغام موسيقى عربية وغربية.

ولأول مرة تقام احتفالية اليوم الوطني في السعودية، بحضور العوائل في استاد الملك فهد بالرياض.

وسمحت السعودية في خطوة تاريخية، مؤخرا، السماح للمرأة بقيادة السيارة، وألمحت إلى إمكانية السماح بإعادة فتح دور السينما قريبا، كما أعادت بعض الحفلات الغنائية إلى دور الموسيقى في الرياض وعلى شاشة القناة الرسمية.