ثقافة » مناهج

خطوة جديدة نحو التطبيع.. تسويق "العبرية" في السعودية

في 2018/04/07

وكالات-

عقب التصريحات الرسمية التي تعكس مزاج السلطات السعودية من العلاقات مع إسرائيل، لم تعد اللغة العبرية من المحرمات في المملكة.

فقبل سنوات كانت دراسة العبرية محصورة في جامعة الملك سعود. ووفق إحصائية تعود للعام 2004 فإن نحو 10 طلاب يدرسون العبرية في جامعة الملك سعود بالرياض، والأساتذة من الجنسية المصرية والأردنية.

وكان ينظر فيما مضى إلى من يقبل على تعلم العبرية على أنه "خائن"؛ لأنها لغة العدو الإسرائيلي، علماً أن هذا الإقبال كان ضعيفاً للغاية، ومحصوراً بالذين يعملون في الجهات الأمنية وفي وزارة الدفاع، ولم يكن للسوق السعودية أي حاجة بها.

لكن عقب التوجه الرسمي الجديد بدأ ناشطون بالترويج للعبرية، وأبرز هؤلاء لؤي الشريف، الذي وجه، في 19 مارس الماضي، تسجيلاً مصوراً يطمئن الإسرائيليين- باللغة العبرية- إلى أن بلاده لا تشكل أي تهديد على جيرانها.

الأكاديمي السعودي محمد الغبان حذا حذو الشريف وقال في مقابلة مع موقع "تابلت" العبري عبر سكايب: إن "الدراسات العبرية واليهودية لم تعد من المحرمات في السعودية"، رغم أن الطلب عليها ما زال ضعيفاً، على الرغم مما وصفه بـ"انفتاح الحكومة الجديد".

وأوضح الغبان، الحاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات العبرية بجامعة الملك سعود، في المقابلة التي تمت يوم 3 أبريل الجاري، أن "الانخراط في دراسة العبرية واليهودية كان من المغامرات في السعودية، وينظر إلى الدارس باعتباره خائناً لوطنه أو دينه في الماضي".

وتابع بالقول: "لكن اليوم.. وبوجود حكومة جديدة، بات لدينا حرية أكثر للتعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت الأمور مختلفة تماماً، الآن أستطيع أن أتحدث عن العبرية كلغة وثقافة ومجتمع في السر والعلن، وحتى في الصحف السعودية".

ويعتقد الغبان أن المواقف السلبية في السعودية تجاه دراسة العبرية ستتغير، مشيراً إلى أنه "قبل عقد من الزمن كان ينظر إليها على أنها لغة عدو، ولكنها الآن لغة الآخر".

وعن موقفه من اليهود، قال الغبان إنه يفرق بين سياسات قوات الاحتلال الذين يقتلون الأبرياء، واليهود الذين يعتنقون المبادئ الدينية، مشيراً إلى أن الكثير ممن يعرفهم في إسرائيل يعارضون الحرب ويبحثون عن السلام بأي طريقة ممكنة، "وأنا على استعداد لمصافحتهم واحترامهم".

ويلاحظ أن تصريحات الغبان لا تصدر عن هواه الشخصي؛ بل عن أجواء انفتاح على التطبيع مع "إسرائيل"، خاصة أن النظرة السلبية ضدها بدأت تنحسر في المملكة، بالتزامن مع غزل رسمي.

وسبق أن استغلت الصّحف الإسرائيلية كلام الناشط السعودي لؤي الشريف لدعوة السعوديين بأن يقتدوا به ويتعلموا اللغة العبرية، كما شرعت بعضُ وسائل الإعلام الإسرائيلية تروج للتطبيع "السعودي - الإسرائيلي" وتصدر فكرة أن التطبيع صار أمراً واقعاً أقرّه الحاكم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان.

وخلّفت تصريحات بن سلمان حول القضية الفلسطينية، واعترافه بوطن لـ"إسرائيل" على أرض فلسطين، صدمة، وسط اتهامات وتحذيرات من الدور "المشبوه" الذي تقوم به الرياض لتصفية القضية وشرعنة الاحتلال ضمن مخطط "صفقة القرن".

وصرح ولي العهد السعودي لمجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، أن "الشعب اليهودي له الحق في العيش بدولة قومية أو في جزء من موطن أجداده على الأقل، وأن كل شعب في أي مكان له الحق بالعيش بسلام".

وأضاف، في حديثه الذي نشر الاثنين (2 أبريل 2018)، أن لـ"الفلسطينيين والإسرائيليين الحق في امتلاك دولتهم الخاصة، لكن بذات الوقت يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية".

وكشف ولي العهد السعودي في المقابلة نفسها النقاب لأول مرة عن وجود يهود يعملون داخل المملكة العربية السعودية، وقال رداً على سؤال إذا كان لديه مشكلة مع معاداة السامية في السعودية: "يوجد الكثير من اليهود في المملكة العربية السعودية قادمون من أمريكا ومن أوروبا للعمل".

ورسم بن سلمان صورة لمستقبل العلاقات الاقتصادية بين الرياض وتل أبيب، وقال: إن "إسرائيل تشكّل اقتصاداً كبيراً مقارنة بحجمها، كما أن اقتصادها متنامٍ، ولعل هناك الكثير من المصالح الاقتصادية المحتملة التي قد نتشاركها مع إسرائيل، ومتى كان هناك سلام مُنصف فحينها سيكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي ودول كمصر والأردن".

جدير بالذكر أن هذه التطورات في العلاقات بين الرياض وتل أبيب تأتي في ظل فتح السعودية أجواءها أمام شركات طيران تتجه في رحلاتها إلى تل أبيب، في سابقة تمهد لعلاقات اقتصادية بين الجانبين، بحسب ما يراه محللون اقتصاديون، لا سيما أن مسؤولين إسرائيليين قالوا إن السعودية قد تسمح قريباً لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق فوق أجوائها.

يشار إلى أن "الخليج أونلاين" كان قد انفرد، في 9 مارس الماضي، بالكشف عن تفاصيل لقاءات سرية، هي الأولى من نوعها، جرت بين السعودية و"إسرائيل" في العاصمة المصرية القاهرة، مطلع مارس، وأثارت ردود فعل فلسطينية وعربية ودولية وإسرائيلية كبيرة.