ملفات » القبض على الدعاة

سليمان الدويش.. واجه الليبرالية وزيف الإعلاميين فسلبوه حياته

في 2018/08/16

الخليج أونلاين-

ظل الشيخ السعودي الراحل سليمان أحمد الدويش يواجه التيارات الليبرالية ويكشف زيف الإعلام في المملكة من خلال المقابلات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى خرجت روحه تحت التعذيب في سجون المملكة، لتنهي السلطات الأمنية حياة رجل طالما كانت حواراته وحديثه تمثل علقماً للداعين إلى تحديث المملكة وتغريبها تحت تسميات الانفتاح والترفيه.

ويعد الشيخ الدويش أحد المقربين من وزير الداخلية السابق الأمير محمد بن نايف، ومن أبرز الواقفين بوجه دعوات "الليبراليين" ومن يطلقون على أنفسهم "التنويريين" في المجتمع السعودي.

- محاضرات ومشاهد

والداعية السعودي حاصل على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، وعمل في عدد من الجامعات السعودية في قسم أصول الدين، ويعرف نفسه على تويتر بأنه "مهتم بالشأن العام وقضايا الأمة وفضح أعداء الملة من المنافقين الليبراليين وأضرابهم من أصحاب النحل الفاسدة والأفكار الخبيثة المنحلة"، بحسب وصفه.

وفي جولة بسيطة لرصد محاضرات ومقابلات الشيخ الراحل سليمان الدويش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منها "يوتيوب" و"تويتر"، يلاحظ أن حديثه كان معروفاً بمواجهة فساد أعضاء مجلس الشورى السعودي، والمد العلماني والتيارات الليبرالية التي تنادي بخلع الحجاب عن المرأة السعودية وجعلها سلعة يتمتع الناظر في مفاتنها، كما يقول.

فضلاً عن مواجهة من يسميهم الإعلاميين الفاسدين الذي يتلقون الاتصالات الهاتفية من مديري الصحف السعودية للكتابة عن موضوع ما مقابل حفنة من الريالات، خصوصاً التنكيل بالدعاة والعلماء وتسقيط رموز الأمة الإسلامية.

حساب "معتقلي الرأي"، الذي يهتمّ بنشر أخبار المعتقلين في السعودية، أعلن، يوم الثلاثاء 14 أغسطس 2018 على موقع "تويتر"، وفاة الداعية السعودي المعتقل منذ 22 أبريل 2016، سليمان أحمد الدويش، في السجون  من جراء التعذيب. وذكر الحساب أنه "يتحفّظ عن ذكر تفاصيل التعذيب الذي تسبّب بوفاة الدويش تقديراً لشخصه".

وبعد أقل من يوم على نشره تغريدات حذّر من خلالها الملك سلمان بن عبد العزيز- بشكل غير مباشر- من منح الثقة لابنه ولي ولي العهد آنذاك، محمد بن سلمان، الذي وصفه بـ"المراهق والمدلّل"، ألقت السلطات في المملكة، يوم 22 أبريل 2016، القبض على الداعية الدويش، وأخفته قسرياً حتى وفاته، رغم المطالبات المتكررة من منظمات حقوقية دولية بالكشف عنه، لكن السلطات في المملكة أنكرت أنه معتقل في سجونها.

وتزامنت تغريدات الداعية السعودي مع نشر حوار لولي العهد محمد بن سلمان مع وكالة "بلومبرغ"، الذي قال فيه إنه "سيُسمح للنساء بقيادة السيارة، والسفر من دون إذن ولي أمر في اللحظة المناسبة".

ومنذ نشر الشيخ الدويش التغريدات على حسابه الخاص "بتويتر"، يوم 21 أبريل 2016، حتى وفاته، انقطعت أخباره عن عائلته، التي اتّهمت السلطات السعودية بإخفائه قسرياً خلال زيارة له إلى مكة المكرمة، بحسب ما يذكر تقرير للمنظَّمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، نُشر في يناير 2018.

في الفترة الواقعة بين يوليو وأغسطس 2017، وبعد نحو 15 شهراً من الاختفاء القسري للدويش، تلقّت العائلة اتصالاً وحيداً منه، ولم تتمكن من معرفته في ذلك الاتصال ولا مكان وجوده، وهل كان المتكلم فعلاً هو الشيخ الدويش أم أنه رجل أمن انتحل شخصية الداعية المعروف ليطمئن أهله أنه على قيد الحياة لكنه فقد عقله؟

وكشف الناشط السعودي الشهير المعروف باسم "مجتهد"، عبر "تويتر"، عن معلومات حول مصير الداعية السعودي قائلاً: "بعد توقف المعلومات كلياً عن الشيخ سليمان الدويش منذ اعتقاله، يتلقى أهله اتصالاً يفترض أنه من داخل السجن من شخص يزعم أنه هو بصوت متغير وكلام مضطرب"، مضيفاً أن "أمن الدولة تريد لأهله أن يفهموا أنه موجود وأنه فقد عقله، ولكن يبدو أن الحيلة لم تنطلِ، وأهله يشككون في بقائه على قيد الحياة"، وهو ما أكده تقرير المنظَّمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، الذي ذكر أن حالة الشيخ الدويش الصحية لم تكن طبيعية من خلال الاتصال.

- مقابلات وانتقاد للسلطات

إحدى المقابلات التي استضافت بها قناة اقرأ القضائية الشيخ الدويش مع الإعلامي السعودي صالح الطريقي، كان الحديث فيها يدور عن الأجور التي يأخذها الصحفي والإعلامي من مدير التحرير أو مدير الصحيفة مقابل الكتابة للهجوم على بعض الدعاة.

ورغم نفي الطريقي لهذه التهم، وحاول الالتفاف على حديث مقدم البرنامج، فإنه أشار إلى أنه شارك في الكتابه ضد بعض الدعاة، منهم محمد العريفي، حيث يقوم مسؤولو الصحف في المملكة بتوجيه الكُتاب والصحفيين للكتابة لقضية معنية أو عن داعية بهدف التسقيط الإعلامي والاجتماعي لهم وتخفيف دورهم في نقد تحديث المملكة وسياسة الانفتاح التي يقودها بن سلمان.

وأكد الشيخ الدويش أثناء المقابلة أن هناك تنسيقاً بين الكُتّاب وبعض رؤساء التحرير في الصحف، مشيراً إلى أنه من غير المعقول أن يجتمع من 30 إلى 200 مقال عن شخص أو عالم أو داعية أو مفكر، وتصب هذه الصحف وكتابها كل غضبها على هذا الرجل.

 وذكر من العلماء الذي كتب عنهم: الشيخ يوسف الأحمد بأكثر من 150 مقالاً، والشيخ العريفي، وعبد الرحمن البراك، والشيخ سعد الشكر الذي كتب عنه خلال ثلاثة أيام أكثر من 30 مقالاً، متسائلاً هل هؤلاء الكتاب لا يعرفون قضية تمس الأمة الإسلامية إلا التنكيل بالدعاة؟

ودخل الشيخ الدويش في نقاش مع عيسى الغيث، عضو مجلس الشورى السعودي، وعضو مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، قائلاً إنه يدعو إلى الاختلاط بين الجنسين ويقتات على أهل الخير بتعظيم المسؤولين في السعودية، وينتقد العلماء بحجة النقد.

وقال الدويش أثناء مشاركته ببرنامج خيمة رمضانية عبر التلفزيون: إن "العضو عيسى اتهم مدرسي دورات تحفيظ القرآن الكريم بأنهم ينتمون إلى تنظيمات حركية (يقصد جماعة الإخوان المسلمين)، ومعلوم هذه التهمة ومدلولاتها، بينما يبرر أخطاء القضاة- منها أخذ الرشوة- بأنها أخطاء شخصية ويجب ألا تعمم، على عكس تعامله مع الدعاة غير الموالين للسطات السعودية أو المسؤولين".

وسرد الدويش في نقاشه مع المسؤول الذي يعمل قاضياً بوزارة العدل السعودية تناقضات عيسى الغيث، واتهامه لمدرسي حلقات القرآن مقابل تبريره لفساد المسؤولين والوزراء والقضاة، وانتقاد المحتسبين مقابل تبريره أخطاء الإعلاميين الذي جرحوا الأمة وطعنوها بخاصرتها، وكيف التمس لهم الأعذار، وبرر أخطاءهم، ومع هذا لم يلتمس لغيرهم العذر. وقال: "هناك من الوزراء وغيرهم من المسؤولين من سرق المال وخان الأمانة وحنث باليمين، وهناك وهناك، وهذا معلوم، وما إنشاء مكافحة الفساد إلا لهذا الشأن، كائناً من كان".

وطلب مقدم البرنامج من الشيخ الدويش والمسؤول السعودي إجراء مقابلة خاصة على الهواء للحديث عن هذه المواضيع وكشفها للرأي العام بكل صراحة، لكن الغيث عارض وتهرب من هذا الطرح.

ومنذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، تشنّ السلطات في المملكة حملة اعتقالات واسعة على كلّ من لا يؤيّد سياسة ولي العهد، حيث اعتُقل العديد من العلماء والدعاة، كما اعتُقل العديد من الناشطات الليبراليات.

وسبق أن انتقدت جماعات حقوقيّة، منها منظمة "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، حملة الاعتقالات السعودية، وطالبت بإطلاق سراح ضحاياها فوراً.