علاقات » صيني

شيطنة مسلمي الأويغور.. مهمة إماراتية سعودية جديدة

في 2019/12/27

الخليج أونلاين-

كعادتها تواصل الإمارات محاربة الشعوب وتطلعاتها وثوراتها، وتسعى دائماً إلى الوقوف في المكان المعاكس لها، من خلال أدواتها المختلفة التي توظف فيها شخصيات سياسية وعسكرية وإعلامية ودينية، وتسخير الأموال الهائلة لتحقيق أهدافها.

وكعادتها، جاء موقف الإمارات مختلفاً عن إجماع المسلمين وتعاطفهم وغضبهم مما يحصل لمسلمي "الأويغور" الذين يتعرضون لانتهاكات جسيمة في الصين، وفق إفادة الأمم المتحدة.

ولم تكتفِ الإمارات بصمتها عن الاعتداءات الأخيرة التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في الصين، بل عملت على محاولة شيطنة الأويغور من خلال تصدير الداعية الإماراتي من الأصول الأردنية، وسيم يوسف، لوصفهم بـ"المتطرفين".

وهاجم "يوسف"، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل والمؤيدة لسياسات ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مسلمي الأويغور، في تغريدة عبر حسابه في موقع "تويتر"، الأربعاء (25 ديسمبر)، متهماً بعض الدعاة بـ"التحريض على الصين".

ونشر "يوسف" مقطع فيديو نقله عن شبكة التلفزيون الصيني "CCTV"، يظهر ما قال إنه "عمليات للمتطرفين ضد الصين"، متسائلاً: "لماذا لم ينكر أحد ما يفعله المتطرفون هناك؟".

وأضاف وسيم في تغريدة أخرى أن هؤلاء "المشايخ" قد شحنوا الشباب لأفغانستان وباكستان والشيشان وسوريا والعراق، متهماً إياهم بأن "طعامهم وشرابهم الدم".

وعرف عن وجود دعم إماراتي رسمي لسياسة الصين ضد أقلية الأويغور المسلمة في إقليم "شينجيانغ" المعروف بـ"تركستان الشرقية" غربي الصين.

وأظهر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بوضوح موقف الإمارات من الأقلية المسلمة حين التقى ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، في يوليو 2019، بالعاصمة الصينية بكين، حسبما نقلت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا".

وبحسب الوكالة، أعرب الرئيس الصيني عن امتنانه لدعم الإمارات سياسات بكين المتعلقة بإقليم شينجيانغ فيما يخص مكافحة الإرهاب، في إشارة إلى الحملات الأمنية التي تنفّذها الصين ضد مسلمي الأويغور.

وقالت "شينخوا" -آنذاك- إن الرئيس الصيني أكد "دعم بلاده الثابت لجهود الإمارات في محاربة المتطرفين الدينيين"، بحسب تعبيره.

كما تزامنت مهاجمة الأويغور من قبل الداعية الإماراتي مع هجوم مماثل من قبل مستشار الرئيس الفلسطيني، محمود الهباش، ضدهم، حين قال: إن "محاولات التضامن مع ما يسمى مسلمي الأويغور محاولة مفضوحة لخدمة المصالح الأمريكية في محاربة الصين التي لم تتوانَ عن دعم الرئيس عباس".

بن سلمان يدعم الصين

ولم تكن الإمارات وحدها التي دعمت الصين ضد ما يتعرض له مسلمو الأويغور، فكان لحليفها محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، موقف أكثر قوة منها؛ إذ دافع هو الآخر عن الإجراءات القمعية التي تتخذها السلطات الصينية ضد مسلمي الأويغور، من خلال قوله: إن "الصين لها الحق في تنفيذ أعمال مكافحة الإرهاب والتطهير من أجل أمنها القومي".

واستخدم بن سلمان خلال تصريحات له نقلها التلفزيون الرسمي عندما زار الصين، في فبراير الماضي، أسلوباً مخادعاً في دعم إجراءات السلطات الصينية ضد الأقلية المسلمة، بقوله: إنه "من حق الصين إعادة التثقيف للسكان المسلمين".

ويقصد بن سلمان بهذا الحديث معسكرات "مكافحة الإرهاب" التي أقامتها الصين لمسلمي الأويغور ، وهو ما يعني موافقة السعودية، كبرى الدول الإسلامية، على الاضطهاد الممارس ضد الأقلية المسلمة في البلاد.

ولم يكتفِ بن سلمان بالدفاع عن الإجراءات الصينية ضد مسلمي الأويغور، بل عمل على إدراج اللغة الصينية في جميع مراحل التعليم العام والجامعي في المملكة.

وتفرض السلطات قيوداً مشددة على حياة الأقليات المسلمة في المنطقة؛ بذريعة مكافحة الإرهاب والتيارات الانفصالية، بحسب تقارير للأمم المتحدة.

جريمة بحق الإنسانية

ماهر حامد الحولي، رئيس دائرة الإفتاء في رابطة علماء فلسطين، يؤكد أن الواجب الديني والشرعي والأخلاقي يحتم على الجميع الوقوف إلى جانب المظلوم، وخاصة إذ كان من المسلمين، وما يتعرض له مسلمو الأويغور يعد جريمة بحق الإنسانية ترتكب ضد أبرياء.

وحول حديث الداعية الإماراتي والهباش عن الأويغور يرى "الحولي" في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أنه تشجيع على قتلهم من قبل السلطات الصينية، ومواصلة ارتكاب الانتهاكات ضدهم.

ويستدرك بالقول: "ما تم من قبل الهباش ويوسف منافٍ للقيم الدينية والأخلاق، وكل المعايير والعقول السليمة والأطباع السوية".

وحول المطلوب عربياً وإسلامية لوقف ما يتعرض له مسلمو الأويغور يوصي الحولي بضرورة وجود وقفات غضب في جميع أنحاء الدول الإسلامية، واستخدام القوة لوقف ما يتعرضون له.

اضطهاد الأويغور

الأويغور معناها "الاتحاد أو التحالف"، وهي تعبر عن قبائل رحل كانت تعيش في منغوليا وصلت إلى الصين بعد سيطرتها على القبائل المغولية خلال زحفها نحو الشمال الغربي للصين، في القرن الثامن الميلادي.

وتحدثت تقارير حقوقية محلية ودولية، العام الماضي، عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان طالت أقلية الأويغور المسلمة في المنطقة الواقعة شمالي غربي الصين، والتي تتشارك الحدود مع باكستان وأفغانستان.

ويعيش ما يزيد على 20 مليون مسلم في إقليم "شينجيانغ" الصيني الذي يخضع لحكم ذاتي، مشكلين نسبة 45% من إجمالي عدد سكان الإقليم، وفق إحصاء لعام 2016.

ويوجد منهم في كازاخستان ومنغوليا وتركيا وأفغانستان وباكستان وألمانيا وإندونيسيا وأستراليا وتايوان، ويتحدثون اللغة الأويغورية التي تنحدر من اللغة التركية، ويستعملون في كتابتها الحروف العربية.

وتمكن الأويغور من إقامة دولة تركستان الشرقية، التي استمرت على مدار عشرة قرون، قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام 1759.

ورغم ضم دولتهم للصين قام الأويغور بعدة ثورات نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة؛ على غرار ثورات 1933 و1944، لكنها سرعان ما كانت تنهار أمام الصينيين الذين أخضعوا الإقليم في النهاية لسيطرتهم عام 1949.

وبهدف إحداث تغيير ديموغرافي دفع الصينيون عرق "الهان" الصيني إلى المنطقة، وباتوا أغلبية اليوم على حساب السكان الأصليين.

واستغلت السلطات الصينية أحداث 11 سبتمبر 2001 لشن حملة مطاردة للاستقلاليين الأويغور، وتمكنت من القبض على بعض الناشطين بالتعاون مع دول إسلامية؛ منها باكستان وكازاخستان وقيرغزستان، في إطار ما يسمى بالحملة الدولية لمكافحة "الإرهاب".

مليون أويغوري معتقل

وكشف تقرير صادر عن لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة، في 31 أغسطس 2018، عن وجود مليون شخص من مسلمي الأويغور محتجزين بشكل غير قانوني في معسكرات تطلق عليها الصين تسمية "معسكرات إعادة التثقيف السياسي"، وطالبت اللجنة المذكورة الصين بالإفراج فوراً عنهم، منتقدةً ما وصفته بالتعريف الفضفاض الذي تتبناه لمفهومي "الإرهاب" و"الانفصال".

ولفتت اللجنة في تقريرها إلى أن إبقاء كثير من الأويغور قيد الاحتجاز في إقليم تركستان الشرقية "شينجيانغ" دون توجيه أي تهمة أو محاكمة بحجة الإرهاب والتطرف الديني ينذر بالخطر.

وأعرب الخبراء عن قلقهم العميق من الأنباء المتواترة حول خضوع معتقلين للحبس الانفرادي لفترات طويلة، وتعرضهم لأنماط من التعذيب والمعاملة السيئة، وأن أبناء الأويغور يتعرضون لمراقبة جماعية مفرطة، حيث يتم توقيفهم بشكل متكرر على حواجز الشرطة، وفحص محتويات هواتفهم المحمولة، وأخد عينات من حمضهم النووي، وتجاهل طلباتهم للسفر خارج البلاد لسنوات.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن المحتجزين الأويغور يرغمون في مراكز الاحتجاز على حفظ دعاية الحزب الشيوعي، وانتقاد سلوكهم الديني السابق، وإنكار الإسلام من خلال أكل لحم الخنزير وشرب الكحوليات، وفقاً لما ذكرته مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية.

كما تم الكشف، في نوفمبر الماضي، أنه "يتم إجبار النساء المسلمات المتزوجات في الصين على مشاركة نفس السرير مع مسؤولين ذكور ترسلهم الحكومة لمراقبتهم أثناء مكوث أزواجهن في معسكرات الاعتقال.

وكانت الأمم المتحدة أعربت أكثر من مرة عن قلقها بعد ورود تقارير عن اعتقالات جماعية للأويغور، داعية لإطلاق سراح أولئك المحتجزين في معسكرات "مكافحة الإرهاب".

وأكدت لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تلقيها كثيراً من التقارير الموثوقة التي تتحدث عن احتجاز نحو مليون فرد من أقلية "الأويغور" المسلمة في الصين في "مراكز لمكافحة التطرف".

وتزعم الصين أن مسلمي الأويغور يمارسون التطرف والإرهاب، وأطلقت "برنامج التعليم والتدريب المهني" من أجل التخلص ممَّا تصفه بالبيئة التي تغذي "الإرهاب والتطرف الديني".