خاص الموقع

إسرائيل على سواحل الخليج .. متى يطوف اليهود حول الكعبة؟!

في 2020/09/11

مبارك الفقيه- راصد_الخليج- 
وأخيراً حلّق العلم الإسرائيلي في سماء الإمارات العربية المتحدة، وتنفّس ولي العهد محمد بن زايد الصعداء للإنجاز الكبير بعد أكثر من عقدين من التكتّم والتخفّي تحت الطاولات الدبلوماسية والتجارية والأمنية، وتلقّى السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة التهنئة من المكتب البيضاوي في مقر الرئاسة الأمريكية، أما بنيامين نتنياهو فقد نظّم حفلاً في الكابينت تبادل فيه الأنخاب مع أعضاء حكومته بالتزامن الالكتروني مع اجتماع عقده دونالد ترامب لفريقه الخاص لدراسة الخطوة التالية وتحديد العواصم العربية الجديدة التي سترفع فيها الأعلام الإسرائيلية، وسيكون 15 سبتمبر / أيلول 2020 موعداً تاريخياً يشهد على إنهاء عقود من الصراع.

فعلتها الإمارات في وقت حساس جداً لإدارة ترامب الذي يؤمّل النفس بولاية جديدة في حكم الولايات المتحدة، وفي مرحلة عصيبة جداً لنتنياهو الذي أرّقه صراخ المتظاهرين المطالبين برحيله عن رئاسة الحكومة لفشله في معالجة مجموعة من الملفات الحسّاسة على المستويين السياسي والاقتصادي والطبي، ولطالما كانت الإمارات تحقّق السبق في لعب دور الرافعة المعنوية والاستثمار السياسي والاقتصادي في كل مرة يواجه سيدا البيت الأبيض والكابينت أزمة في بيئتهما الداخلية.. إنه موقف مبدئي لدى أبو ظبي مهما كان الرئيس في الولايات المتحدة وإسرائيل، فالتعاطي يرقى على مستوى الأشخاص باتجاه الإلتزام مع الإدارات العليا، وهذا دأب الزعماء الكبار في النظرة العامة إلى مصائر البلدان والشعوب، ورسم المسارات الجيوستراتيجية في العالم.

قرّرت دولة الإمارات الدخول في العصر الجديد ليكتب التاريخ أنها الدولة الأولى في الخليج التي أقامت رسمياً علاقة شاملة مع إسرائيل، وأول دولة عربية تعترف بحق إسرائيل بالوجود كوطن لليهود، وهي تطمح لأن تلعب الدور المحوري، الذي كانت تلعبه إيران في عهد الشاه قبل انقلاب الخميني، في أن تشكّل قاعدة رئيسية في منطقة الخليج الاستراتيجية لأي نشاط أمريكي ـ إسرائيلي في أي مجال كان، وأن تمهّد العناصر الآيلة إلى إرساء حالة من الاستقرار وصولاً إلى التخلّص من الجرح النازف على جبهة اليمن، وقبل كل شيء الاستفادة من "المقوّمات الطبيعية والاجتماعية والدينية التي تجمع ما بين الشعبين العربي واليهودي" وتثميرها باتجاه وضع المنطقة بأسرها تحت الوصاية الأمريكية والحماية الإسرائيلية، وهذا ما أكّده وزير الخارجية مايك بومبيو الذي كشف عن "اتفاق إماراتي - إسرائيلي لتشكيل تحالف ضد إيران لحماية الأراضي الأميركية والشرق الأوسط عبر اتفاقية التطبيع المعروفة باتفاق أبراهام"، وتحقيق هذا الهدف متاح طالما أصبح باستطاعة إسرائيل نشر جنودها وقواعدها على أرض الإمارات وسواحلها.

لم يعد أي خطاب مستغرباً وبات كل شيء مع إسرائيل مسموحاً وواجباً تحت شعار مصالح الدين والمجتمع، فالعرب واليهود أولاً أبناء عم وأولي قربى، والقرآن يوصي بالتعامل الحسن مع أتباع أهل الكتاب لتقريبهم إلى الإسلام والدخول فيه، فكيف وهم الآن جيراننا وبين ظهرانينا؟! وهذا ما دفع إمام وخطيب الحرم المكي عبد الرحمن السديس ليؤكد في خطبته بالكعبة المشرّفة، أن "حسن التعامل في العلاقات الفردية والدولية..لا يتنافى، مع عدم موالاة غير المسلم، ومعاملته معاملة حسنة تأليفاً لقلبه واستمالة لنفسه للدخول في هذا الدين، فيكون المسلم محسناً إليه ليستميل قلبه إلى الدين القويم".. أضف إلى ذلك أن إسرائيل ومنذ أن وطأت أقدام اليهود أرض فلسطين واحتلال القدس وبعد أن استقدموا شتات اليهود في العالم، لم يقوموا بأي عمل معادٍ ضد الإمارات أو ضد أي دولة من دول وإمارات وممالك الخليج، فلماذا نستمر في معاداة إسرائيل بعد أن أصبحت أمراً واقعاً ودولة قوية تعود بالنفع والفائدة على العرب، بعكس "الفلسطينيين الذين لم يأتنا منهم سوى الأذى والهدر المالي والمعنوي والسياسي"؟!

لا شك أن هذه الأفكار والتبريرات تدور حالياً في أذهان المسؤولين في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين على وجه الخصوص، ولا بأس إذا انتظروا قليلاً حتى تتمظهر حقائق السلام الإسرائيلي بدءاً من الإمارات، فعاجلاً أم آجلاً سيرتفع العلم الإسرائيلي في المنامة والرياض، وهذان بندان رئيسيان وضعهما جاريد كوشنر كبير مستشاري ترامب، وتحدث بذلك صراحة خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض، وحصل على مباركة الملك سلمان نفسه الذي أعرب عن تقدير المملكة لجهود ترامب في إحلال السلام في المنطقة، وقدّم مبادرة حسنة في السماح للرحلات الجوية بين الإمارات وإسرائيل بعبور المجال الجوي السعودي.. هذه هي إرهاصات السلام الإسرائيلي تدقّ أبواب بلاد الحرمين الشريفين، ولا يبعد أن نرى اليهود يطوفون "ساخرين" حول الكعبة فيما يطوف الخليجيون سائحين في شوارع المدن الإسرائيلية، وسنرى الشعب السعودي يلتحف بالعلم الإسرائيلي، واليهود يلتحفون بعلم مملكة الحرمين الشريفين "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ولا غرابة في أن نراه في تصاميم ملابس عارضات الأزياء المثيرات يتبخترن بأجسادهن العارية به على المنصات العالمية لينقلوا رسالة جزيرة الإسلام الى العالم.