علاقات » اميركي

اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. هل يقود لحل قضية فلسطين؟

في 2024/05/01

كمال صالح - الخليج أونلاين-

على وقع التصعيد في قطاع غزة، وتزايد مخاطر اتساعه إقليمياً، يأتي الحديث السعودي عن اتفاق أمني بين المملكة والولايات المتحدة، في مسعى من واشنطن لترميم الثقة مع حلفائها الموثوقين في الشرق الأوسط.

يتحدث وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، عن اتفاق أمني ضمن مسار التطبيع مع "إسرائيل"، والذي تصر الرياض على ربطه بالقضية الفلسطينية كشرط أساسي لا يمكن تجاوزه.

ومثلما عطّلت حرب غزة جهود الولايات المتحدة لدمج "إسرائيل" ضمن المنطقة، فإنها قد تكون سبباً في اختصار الطريق نحو الحل النهائي، والمتمثل في إقامة دولة فلسطينية، فهل يقود الاتفاق مع السعودية نحو هذا الحل؟

موقف السعودية

وفي جلسة حوارية عُقدت الاثنين الماضي، في الرياض ضمن المنتدى الاقتصادي العالمي، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن الاتفاقيات الثنائية بين المملكة والولايات المتحدة أصبحت قريبة جداً.

وأضاف الوزير بن فرحان: "لقد تم بالفعل إنجاز معظم العمل، ولدينا الخطوط العريضة لما نعتقد أنه يجب أن يحدث على الجبهة الفلسطينية".

وتحدث عن "تنسيق وثيق مع الفلسطينيين" بشأن هذه الاتفاقات، مؤكداً أنه "يجب أن يكون طريقاً حقيقياً إلى الدولة الفلسطينية"، مشدداً على أن "هذه هي الطريقة الوحيدة التي سيعمل بها الأمر".

موقف الولايات المتحدة

تدفع الولايات المتحدة باتجاه إنجاح التطبيع مع "إسرائيل"، وهي في سبيل ذلك مستعدة لتقديم كثير من الخدمات لدول المنطقة، ولعل الجانب الأمني سيكون الأكثر حظاً، ومن هنا يأتي الحديث عن الاتفاق الأمني مع الرياض.

وتحدث وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن في المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، عن تلك الاتفاقات، قائلاً: "العمل الذي تقوم به كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة معاً، فيما يتعلق بالاتفاقيات الخاصة، من المحتمل أن يكون قريباً جداً من الاكتمال".

ويضيف بلينكن أنه "من أجل المضي قدماً في عملية السلام، سيكون هناك أمران، الهدوء في غزة، ومسار ذو مصداقية نحو دولة فلسطينية"، وهذا تحديداً ما تشترطه الرياض لأي تفاهمات مستقبلية حول التطبيع مع "إسرائيل".

الموقف الإسرائيلي

تستفيد السعودية من تجربة اتفاقات أبراهام التي رعتها واشنطن، ونصت على تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين و"إسرائيل"، في أغسطس 2020، إذ حصلت تل أبيب على تنازلات تاريخية مقابل صفر تنازلات للجانب العربي.

ومن هنا تضع الرياض حل القضية الفلسطينية كشرط أساسي، وهذا يضع "إسرائيل" وحكومة نتنياهو في مأزق، وهو ما ذهب إليه الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، أحد المتحمسين لاتفاقيات التطبيع، في مقال كتبه يوم 28 أبريل الجاري، في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

فريدمان، أشار إلى أن نتنياهو أمام "خيار صعب"، إما "اجتياح رفح والسيطرة عليها، أو تطبيع العلاقات مع السعودية، وسط مساع دبلوماسية لإنهاء الحرب على غزة في وقت يزداد فيه التقارب مع الرياض".

ضيف الكاتب أن "التطبيع مع السعودية، وتشكيل قوات حفظ سلام عربية وتحالف أمني تقوده الولايات المتحدة في المنطقة ضد إيران، "سوف يكون له ثمن مختلف يتضمن التزام الحكومة الإسرائيلية بالعمل في اتجاه دولة فلسطينية وسلطة فلسطينية، إضافة إلى دمج إسرائيل في التحالف الأمني العربي الإسرائيلي بقيادة أمريكية".

اتفاقية الدفاع المشترك

وتطمع الرياض فيما هو أكثر من مجرد اتفاق أمني كثمن للتطبيع، إلى جانب حل القضية الفلسطينية، ألا وهو الدخل في اتفاقية دفاع مشترك مع واشنطن على غرار الاتفاقيات العسكرية التي أبرمتها واشنطن مع اليابان وكوريا الجنوبية.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مصادرها، في سبتمبر 2023، أن مسؤولين من السعودية والولايات المتحدة يبحثون شروط معاهدة دفاع مشتركة، وأن إدارة بايدن تسعى من وراء هذه الاتفاقية دفع السعودية للتطبيع مع "إسرائيل".

ووفقاً للصحيفة الأمريكية، فإن هذه الاتفاقيات "تقوم على التزام الولايات المتحدة بشكل عام بتقديم الدعم العسكري إذا تعرضت السعودية لهجوم في المنطقة أو على الأراضي السعودية".

أهمية السعودية بالنسبة لواشنطن

وتفترض أي اتفاقات أمنية بين الولايات المتحدة والسعودية استعداد الجانبين لتقديم الموارد اللازمة لمواجهة الهجمات المسلحة التي تعرض أمنهما القومي للخطر.

وحول هذا يقول العقيد عباس دهوك، المستشار السابق بالخارجية الأمريكية: "تنبع معاهدات الدفاع المتبادل من المصالح المشتركة أو الحاجة إلى ردع التهديدات المشتركة".

وأضاف أنه "لكي تنجح المعاهدة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، يجب أن يكون الطرفان مستعدين لبذل الموارد من الدماء والموارد لمواجهة الهجمات المسلحة التي تعرض سلامة أراضيهما أو استقلالهما السياسي أو أمنهما القومي للخطر".

ولفت دهوك في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، إلى أنه "بدون هذه الالتزامات فإن الاتفاق لن يحقق أهدافه الأمنية".

ويرى أنه "مع أو بدون اتفاقيات أمنية، يظل الشرق الأوسط، وخاصة السعودية، ذا أهمية استراتيجية كبيرة للمصالح الخارجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية؛ بسبب مساحة أراضيه، واحتياطاته النفطية وطرقه البحرية ودوره المؤثر في العالم العربي والإسلامي".

شروط نجاح الاتفاق الأمني

ومنذ بدء الزخم حول الجهود الأمريكية للدفع قدماً بشأن اتفاق التطبيع بين السعودية و"إسرائيل"، وضعت الرياض شرطاً معلناً يتمثل في حل القضية الفلسطينية، إلى جانب نقاط أخرى تتعلق بالأمن وتطوير برنامج نووي سلمي.

ويقول العقيد دهوك، إن المملكة العربية السعودية وضعت شروطاً محددة قد تعزز الاتفاق الأمني المرتقب مع الولايات المتحدة الأمريكية، من ذلك تطوير برنامج نووي مدني، ومسار قابل للحياة نحو إقامة دولة فلسطينية.

وأضاف: "على الرغم من ذلك، فإن حل الصراع الفلسطيني يمتد إلى ما هو أبعد من هذه المعايير ويمكن معالجته بشكل منفصل بمجرد أن يعترف الإسرائيليون والفلسطينيون ببعضهم البعض على قدم المساواة".

ولفت دهوك إلى أنه "في الوقت الحالي، يبدو أن أياً من الطرفين غير مستعد للدخول في مناقشات حول حل الدولتين"، في إشارة إلى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

على ماذا تتفاوض الرياض وواشنطن؟

ومنذ أشهر يدور الحديث في واشنطن عن اتفاق أمني كبير في الشرق الأوسط، مرتبط بالتطبيع بين السعودية و"إسرائيل"، ووفقاً للكاتب الأمريكي توماس فريدمان، فإن السعوديين يسعون للحصول على ثلاثة أشياء رئيسية.

وأشار فريدمان في مقال نشرته "نيويورك تايمز"، في أغسطس الماضي، إلى أن السعوديين يسعون لتوقيع معاهدة أمنية متبادلة على مستوى الناتو من شأنها أن تلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن المملكة إذا تعرض لهجوم.

كما تسعى الرياض للحصول على برنامج مدني تشرف عليه الولايات المتحدة، والقدرة على شراء أسلحة أمريكية أكثر تقدماً مثل منظومة "ثاد" المضادة للصواريخ الباليستية.

وفي المقابل، تسعى الولايات المتحدة لدفع الرياض لإنهاء القتال في اليمن، وتقديم حزمة مساعدات سعودية كبيرة وغير مسبوقة للمؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية، ووضع قيود كبيرة على العلاقات المتنامية بين السعودية والصين، فضلاً عن التطبيع مع "إسرائيل".