دعوة » خطب

المنابر قبل الخواتم

في 2015/10/13

حمود أبو طالب- عكاظ السعودية-

حكاية طريفة تلك التي حدثتنا عنها إحدى الصحف يوم أمس بعد أن تداولتها مواقع التواصل، فقد تم الاشتباه في صيدلي يعمل بأحد مستشفيات محافظة القطيف بسبب خاتم يحمل شعارا يشبه شعار تنظيم داعش الإرهابي، ما تسبب في استنفار الجهات الأمنية المختصة للتحقيق في الموضوع، ثم إطلاق سراحه بعد أن تبين عدم ثبوت ما يشير إلى انتمائه أو تأييده للتنظيم كما صرح الناطق الرسمي لشرطة المنطقة الشرقية. هذه الحكاية لها دلالات يمكننا تناول بعضها، ومنها: عندما نطالب المواطن بأن يكون رجل الأمن الأول بارتفاع حسه تجاه المنتمين للتنظيمات الإرهابية أيا كانت، أو الذين أصبحوا جاهزين للانضمام لها بعد اعتناقهم للفكر التفكيري، فإن ذلك لا يعني أن يصبح الأمر هاجسا تجاه أي أحد دون التثبت ودون وجود مؤشرات مادية معقولة تثير الشبهة، إذ لا يصح اتهام أحد لمجرد خيال فيه مبالغة أو شك لا يستند إلى ما يدعمه، كما أن مواقع التواصل مثلما هو مطلوب منها تسليط الضوء على مثل هذه القضايا لخدمة الوطن والمجتمع فإنه مطلوب أيضا عدم تعريض سمعة الناس للتشويه والضرر بناء على شبهات لم تثبت ولم تتحدث بشأنها الجهات المختصة. كما أن هذه القصة تشير إلى مفارقة لافتة، فعندما تصل حساسية الحس الأمني إلى حد الاشتباه بسبب خاتم في أحد أصابع اليد فإننا في المقابل نتغافل عن ما هو أهم وأخطر، فقد تمكن إرهابيون ومشبوهون أمنيا من السكن بجوار الكثير من الجيران والحركة والتنقل بينهم وتخزين الأسلحة والمتفجرات وإيواء الخارجين على القانون لفترات طويلة دون أن يثير ذلك ريبة أحد أو يبادر بنقل معلومة للجهات الأمنية. بمعنى أننا أحيانا ندقق على شيء صغير كالخاتم ونتغافل عن خطر كبير كمصنع المتفجرات الذي تم ضبطه مؤخرا. كذلك، يوجد بيننا من لا يحتاجون إلى لبس خاتم عليه ما يشبه شعار داعش للشك في تعاطفهم مع التنظيم وتأييدهم له، لأنهم يتحدثون بأكثر من لغة وصيغة مواربة ومخاتلة لا تخفى على أحد بأنها تتضمن التأييد لداعش وما شابهها، أو تتجنب إنكار ما تقوم به التنظيمات الإرهابية من جرائم في حق الوطن والإنسانية، وكان الأولى أن يتم التركيز على هؤلاء لأنهم الخطر الأكبر الذي لا يجب أن يستمر بحال من الأحوال. ركزوا على كل أشكال المنابر قبل التركيز على أشكال الخواتم.