دعوة » خطب

طاعة الله طريق العزّة والنصر

في 2016/01/09

الراية القطرية-

قال الشيخ عبدالله النعمة إن أهل الدنيا يتقلّبون فيها بين خير وشرّ، ونفع وضرّ، وليس لهم في أيام الرخاء أنفع من الشكر والثناء، ولا في أيام البلاء أنجع من الصبر والدعاء.

وروى في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب ما ذكره البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سُئل عن قوله سبحانه {كل يومٍ هو في شأن}، قال سئل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من شأنه أن يغفر ذنباً، ويكشف كرباً، ويرفع قوماً، ويضع آخرين)، هكذا هو حال الإنسان في هذه الدنيا، إن أطاع الله رفعه وأعزّه ونصره، وإن عصى الله حطه وذله وخذله.

وذكر أن الإنسان في هذه الدنيا يرنو إلى النعيم، بألوان اللذائذ، فإذا ما ناله الخير استبشر وسعد وتهلل وشعّ الرضا والحبور في نفسه، أما إذا مسه ضرٌ وشرٌ، اسودت الدنيا في عينيه وملأ اليأس قلبه، وضاقت عليه نفسه.{وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وأشار إلى أن الإنسان إذا ما أنعم الله عليه ومكن له بتحقيق أمله، واستجابة رجائه انتفخ وانتفش، وبلغ به الفرح البطر والطغيان، فزعم أن ما يرتع فيه من خير إنما مرده إلى جهوده وجهاده، ويغلو متخيلاً أن مكاسبه ستدوم، مؤكداً أن سعيد الدنيا هو سعيد الآخرة وأنه سيضمّ إلى ما معه من الدنيا الحسنى عند ربه.

مطلب المؤمن

وأشار إلى أن الإنسان في هذه الحياة يسعى إلى السعادة، وهي مطلب المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والغني والفقير، فمنهم من يراها في جمع المال والدرهم، وآخر يراها في الحصول على المناصب الرفيعة، وآخر يراها في الحصول على الشهادات العالية، ومنهم من يراها في غير ذلك.

واعتبر أن تلك الأمور جزء من السعادة فهي سعادة وقتية تزول بزوالها، فصاحب المال قد يفقد ماله، وصاحب المنصب قد يزاح من منصبه، بل إن هذا المال الذي هو عصب الحياة إذا لم يستخدمه صاحبه في طاعة الله يكون وبالاً عليه، قال تعالى (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ).

وذكر خطيب جامع الإمام أن فرعون طلب السعادة في المُلك، ولكنه ملك بلا إيمان، وتسلطن بلا طاعة، فنادى في قومه (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي)، ونسي أن الذي ملّكه هو الله، والذي جمع له الناس هو الله، والذي أطعمه وسقاه هو الله، فكان جزاء هذا التكبر والتمرد على الله؛ إنه لم يتحصل على السعادة التي طلبها، بل كان نصيبه الشقاء والهلاك (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى).

كنوز كالتلال

وأشار إلى أن قارون كان يملك كنوزاً كالتلال ما جمعها بجهده، ولا بذكائه، ولا بعرقه، ولا بعبقريته، وظن أنه هو السعيد وحده، وكفر بنعمة الله، فقال عنه (فخسفنا به وبداره الأرض).

وذكر أن الوليد بن المغيرة طلب السعادة، فآتاه الله عشرة من الأبناء، كان يحضر بهم المحافل، خمسة عن يمينه وخمسه عن يساره، ونسي أن الله خلقه فرداً بلا ولد (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ)، فما كان منه إلا أن كفر بنعمة الله، فقال الله فيه (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ).

ولفت إلى حال من يلتمس السعادة في الشهرة فيقضي ساعاته في توجيه الناس إليه، ليصبح محط الأنظار وحديث الركبان، وينطبق عليه قول الله تعالى: ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).

وأوضح الشيخ النعمة أن الله يحجب السعادة عن كل من لم يعترف بألوهيته، ويدين بربوبيته، فيقول: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).