دول » البحرين

آنَ الأوانُ لحَلٍّ استراتيجيٍّ لمعالجة العَجْز في المُوازنة بصورة مُستدامة

في 2016/01/14

منصور الجمري-

ليس خافياً أن العجز الذي كانت تتوقعه الحكومة في الموازنة العامّة يصل إلى مليار ونصف المليار دينار سنوياً وذلك على أساس أن يكون سعر البرميل 60 دولاراً. أمّا حاليّاً، فإنّ سعر البرميل أقلَّ من 30 دولاراً، وقد يصل إلى 20 دولاراً خلال الفترة المقبلة، وذلك بسبب فائض النفط المعروض في السوق العالمي. وعليه، فإنّ العجز الحقيقي سيكون أكبر من ما توقعته الموازنة للعام 2016.

إن الإنفاق الحكومي أكبر بكثير من عائدات النفط والرسوم الحالية، وهذا سيؤدّي إلى تراكم الديون على القطاع العام، وقد وافق مجلس النواب في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2015 على مرسوم برفع سقف الدَّين العام إلى 10 مليارات دينار. ولكن هذا الاقتراض لن يحل المشكلة، بل إنه يتسبب في تخفيض التصنيف الائتماني للبحرين إلى مستويات دنيا.

الحكومة في هذه الحال ستضطر إلى خفض الإنفاق العام للحَدِّ من عجزها المالي، وأُولى الفئات المستهدَفة بالخفض ستكون السلع والخدمات المدعومة، وهو ما بدأت بتنفيذه الحكومة فعلاً، وهو سيستمر لأنّ الوضع الاقتصادي يدفع نحو ذلك. خفض الإنفاق سيتطلب أكثر من ذلك، ولاسيما أن أكثر أبواب الإنفاق هي عبارة عن معاشات موظفين في كُلِّ الوزارات والخدمات والقطاعات التابعة للدولة.

بعض الحكومات تلجأ إلى وضع شروط جديدة للتقاعد، وذلك بهدف إطالة مُدَّة العمل المطلوبة قبل التقاعد، وخفض الميزات التقاعدية. وعلى هذا الأساس، فإنَّ الناس انزعجت عندما سعى أعضاء في مجلس الشورى لتحسين ميزاتهم التقاعدية بحسب مشروع قانون جديد ينص على ذلك.

حكومات أخرى تسعى لاستحداث ضرائب على الأفراد والشركات والمشتريات (أو زيادتها إذا كانت موجودة)، وهذا الحديث أصبح مطروحاً حتى على مستوى دول مجلس التعاون، وقد تحدّثت صحيفة سعودية قبل أيام عن اتفاق دول مجلس التعاون على فرض ضريبة انتقائية بشكل مُوَحَّد تشمل المشروبات الغازية بنسبة 50 في المئة، ومشروبات الطاقة بنسبة 100 في المئة، والسلع ذات الطبيعة الخاصة بسقف أعلى تصل نسبته 100 في المئة إضافة إلى التبغ؛ وسيُوَقَّع عليه في منتصف العام 2017. وهناك حديث عن فرض ضريبة القيمة على المشتريات بصورة عامّة في وقت لاحق.

الحَلُّ الاستراتيجيُّ يَكمُن في تنمية اقتصادية تعتمد على قطاعات غير نفطيّة، وتنتج نموّاً اقتصاديّاً يعتمد على المواطنين، وليس على العمالة الرخيصة المستورَدة من الخارج.

عندما ينمو الاقتصاد بصورة مُستدامة، فإنّ الحكومة تتمكّن من زيادة دخلها عبر الإيرادات الضريبية، والناس تزداد لديهم القوة الشرائية ويستطيعون دفع الضرائب، كما أن الشركات تربح وتستطيع دفع الضرائب (أو المزيد منها) على الأرباح... وكُلُّ هذا يتطلّب تغييرات هيكليّة جرّبتها دولٌ كثيرة ليست لديها أيّة موارد طبيعية، ولكنها نجحت في كُلِّ ذلك... ونحن لا يوجد لدينا حَلٌّ مستدامٌ سوى هذا النهج.