اقتصاد » دراسات

ريادة الأعمال.. قاطرة النمو الاقتصادي الجديد في دول الخليج

في 2025/01/09

كامل جميل - الخليج أونلاين

تشهد دول مجلس التعاون الخليجي ازدهاراً ملحوظاً في قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة، مدعوماً بتوجهات حكومية طموحة تهدف إلى تنشيط هذا القطاع الحيوي.

يأتي هذا التوجه في إطار خطط استراتيجية شاملة لتقليل الاعتماد على عائدات النفط، وتنويع مصادر الدخل، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة.

مع استمرار الالتزام الحكومي بتنفيذ خطط التنويع الاقتصادي، من المتوقع أن يتحول قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة إلى رافعة اقتصادية رئيسية.

وتواصل الحكومات والبنوك الخليجية تقديم حوافز كبيرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، في حين أسهم التطور التكنولوجي في تأسيس عدد كبير من هذه المشروعات.

جهود حكومية

تتضافر جهود دول الخليج لدعم هذا القطاع، ويتضح ذلك جلياً من خلال إطلاق منصة متخصصة لـ"رواد الأعمال" بدول مجلس التعاون، في مايو 2023، حيث تستهدف المنصة:

توفير البيانات والمعلومات اللازمة.

التعرف والاطلاع على الفرص الاستثمارية في دول المجلس.

جمع قنوات التمويل والجهات الداعمة لمشاريع رواد الأعمال، لتمكينهم من تطوير وتحسين أعمالهم.

وفيما يخص الدعم الحكومي لهذا القطاع في داخل الدول الخليجية فقد قدمت الحكومة السعودية عديداً من التسهيلات لرواد الأعمال.

وفي مارس الماضي، عقد بالمملكة "ملتقى رواد الأعمال"، الذي شهد إطلاق برامج ومبادرات جديدة لدعم توجهات ريادة الأعمال في البلاد لتعزيز بيئة الشركات الناشئة.

أما الإمارات التي تتزعم دول الخليج في نمو ريادة الأعمال والشركات الناشئة، فقد كان من أبرز حلولها التمويلية إطلاق "صندوق محمد بن راشد للابتكار"، الذي يموّل الشركات الناشئة والمتوسطة التي لديها مشاريع مبتكرة.

وضمن دعم قطر لهذا القطاع، أعلنت الدوحة استثماراً بقيمة مليار دولار لدعم رواد الأعمال والمشاريع الناشئة في قطر والمنطقة، وذلك خلال افتتاح "قمة الويب 2024".

أبرز ما قدمته البحرين كان عقد صندوق العمل (تمكين) اتفاقية، في سبتمبر 2023، مع منظمة رواد الأعمال في البحرين (EO Bahrain)؛ بهدف مساعدة روّاد الأعمال البحرينيين للتوسع في أعمالهم.  

بدورها تؤكد عُمان أنها تسجل نجاحات مستمرة في قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة، لا سيما أنها تعزز هذا النجاح من خلال خطط عديدة، أبرزها تقديم الدعم عبر المحفظة الإقراضية "العزم". 

أنسب وقت للشركات الناشئة

تقرير لمنتدى الاقتصاد العالمي، نشر مؤخراً، يقول إن توسيع القطاع الخاص أصبح الركيزة الأساسية لطموحات جميع الدول الخليجية، حيث يزداد اعتماد القادة في المنطقة على الشركات الصغيرة ورواد الأعمال كمحركات لخلق الوظائف والابتكار.

وبحسب المنتدى، هناك 5 أسباب تجعل الوقت الراهن هو الأنسب للشركات الناشئة في الخليج، وتشمل:

- التمويل

تمتلك الصناديق السيادية الخليجية أكثر من 4 تريليونات دولار من الأصول تحت الإدارة، أي ما يعادل 40% من ثروة الصناديق السيادية العالمية.

مع زيادة تركيز هذه الصناديق على الاستثمار المحلي لتعزيز النمو في القطاع الخاص، تتوفر فرص ضخمة للشركات الناشئة.

- مشاريع ضخمة تعزز نمو الشركات الصغيرة

معظم الشركات الصغيرة تستفيد من التأثير المضاعف الناتج عن الإنفاق الهائل في المنطقة على مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي.

- حوافز تنظيمية لدعم النمو

تعتمد الحكومات الخليجية على سياسات محفزة لخلق الوظائف وتعزيز النمو في القطاع الخاص.  

- تعزيز المهارات والترويج للشركات

أصبحت دول الخليج أكثر قدرة على تحديد احتياجات الشركات الناشئة والصغيرة؛ حيث باتت حكومات الخليج تروج بقوة للصادرات غير المرتبطة بالطاقة.

- فرص تجارية وتقنية هائلة

تتبنى دول الخليج النموذج الأمريكي في استخدام التمويل الحكومي لدعم الأبحاث الجامعية، التي تؤدي لاحقاً إلى الابتكارات القابلة للتسويق.

الدعم الحكومي

الخبير الاقتصادي د. عبد النبي عبد المطلب الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يرى أن الدعم الحكومي الخليجي أحد أهم أسباب النجاحات التي يشهدها قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة والاستثمارات المتوسطة الموجودة في دول الخليج.

وحول مستقبل قطاع ريادة الأعمال الخليجي يقول عبد المطلب:

وجود الحكومات الخليجية كضامن لهذا القطاع، سواء مشاريع الخليج في الداخل أو في دول أخرى، سبب كبير في نجاحه.

المستثمر الخليجي أو الشركة الخليجية التي تستثمر في خارج الخليج تجد أن خلفها داعماً.

هذا الداعم يكون مالياً، سواء من البنوك والمصارف الخليجية، أو سياسياً من الحكومات التي تحاول أن تبني جسوراً من الصداقة والعلاقات مع الدول التي يتوجه إليها هذا الاستثمار.

يتعزز النجاح أيضاً بعقد اتفاقيات، سواء على المستوى المالي أو التجاري، ومنع الازدواج الضريبي، وتشجيع الاستثمار، وحوافز لجذب الاستثمار بحيث تكون هذه المزايا متبادلة بين الطرفين الخليجي والدولة الأخرى.

في ظل الإمكانيات الحالية فإن إمكانية نماء هذه الشركات هو وارد، والدليل النجاحات الكبيرة التي حققتها الشركات الخليجية في الخارج.

على سبيل المثال، الشركات الإماراتية في مصر استثمرت في مشاريع مثل "رأس الحكمة" الذي تبلغ قيمة الاستثمارات فيه 35 مليار دولار، والتوقعات تقول بأن العوائد خلال الأعوام الخمسة سوف تبلغ 100 مليار دولار.

نقيس على ذلك الاستثمارات الخليجية التي تتوسع في دول العالم، خاصة الاستثمارات السعودية والقطرية.

أعتقد أن مستقبل هذه الشركات ربما يكون أفضل حتى في ظل المشاكل الجيوسياسية.

هناك توقعات بتراجع أسعار النفط؛ ما قد يدفع الحكومات الخليجية إلى دعم أكبر لشركات ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والاستثمارات، سواء داخل دول الخليج أو خارجها، لتسهم في سد عجز الموازنات في حال تراجع إيرادات النفط والغاز.