في 2025/04/16
(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
تزامنًا مع المفاوضات النووية التي تجريها الولايات المتحدة مع إيران؛ خرج وزير الطاقة الأميركي كريس رايت بتصريحات لافتة تستوجب الربط بينها وبين المفاوضات الأميركية الإيرانية، وخاصة أنه كان في زيارة للسعودية وأطلق التصريحات من الرياض. فقد قال إن الولايات المتحدة والسعودية ستوقّعان اتفاقًا أوليًا للتعاون في تطوير برنامج نووي مدني في المملكة، وأن البلدين على مسار للوصول إلى اتفاق مشترك في هذا المجال.
لكن الوزير الأمريكي ذكر في تصريحاته العائق الذي عطل دومًا هذا التعاون، وبالطبع لم يتناول العوائق الأخرى المسكوت عنها. إذ يتمثل العائق المعلن في ما قاله الوزير رايت بأنّ أي شراكة أميركية في الطاقة النووية داخل المملكة ستتطلب اتفاق 123، في إشارة إلى القسم 123 من قانون الطاقة الذرية الأميركي لعام 1954، والذي يفرض شروطًا للتعاون النووي المدني، ومنها تسع معايير لمنع الانتشار النووي. إذ أشار إلى أن المملكة لمّا توافق بعد على هذه الشروط التي تمنع استخدام التكنولوجيا الأميركية في تصنيع أسلحة نووية أو نقل المواد الحساسة إلى أطراف أخرى.
هذا؛ وبينما تتمثل العوائق المسكوت عنها في رفض "اسرائيل" لأي مشروع نووي عربي؛ حتى لو كانت الدول مطبّعة معها، أو على شفا التطبيع. كما أن الكونجرس يرفض هذا المشروع زاعمًا أنه لا يضمن تطوراته، فقد يبدأ سلميًا ويتطور نحو التخصيب وصناعة السلاح النووي.
السؤال هنا عن التصريحات الأميركية، وهل هي مخادعة وبمثابة تطمين وتخدير للسعودية تمهيدًا لعقد اتفاق نووي مع إيران، حيث أعلنت السعودية مرارًا أنها تخشى المشروع الإيراني، وسترد بامتلاك مشروع نووي في المقابل؟
تاريخيا، توقف التعاون النووي الأمريكي بعد إعلانات مشابهة. وفي العام 2008؛ وقّعت المملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لبناء برنامج نووي مدني في السعودية، ويكون جزءًا من برنامج "الذرة من أجل السلام، وهو ما أدّى إلى خوف الكثير من السياسيين بدعوى أن إيران بدأت برنامجها النووي في جزء من برنامج "الذرة من أجل السلام"؛ ثم تحول البرنامج إلى تخصيب اليورانيوم.
يبدو أن التردد الأميركي يكمن في قراءة مفادها أن السعودية تطمح للحصول على سلاح نووي، وليس فقط مشروعًا سلميًا لتنويع مصادر الطاقة. إذ أرسلت السعودية للأميركيين إشارات عديدة عن نواياها. وقال غاري سامور، والذي كان حتى مارس/أذار 2013 مستشارًا للرئيس باراك أوباما، أنه يعتقد أن السعودية لديها تفاهم مع باكستان، وفي الحالات القصوى لن تتردد باكستان في إعطاء السعودية أسلحة نووية.
كما في 30 مارس/أذار 2015 أعلن السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، في حوار على CNN الأميركية، أن السعودية ستبني برنامجها النووي الخاص وستصنع قنبلة نووية لمواجهة برنامج إيران النووي، مؤكدًا أنه لا يُمكننا التفاوض على عقيدة المملكة وأمنها.
إلى ذلك؛ فقد رشح عن كثير من السياسيين والعسكريين أن السعودية تملك أسلحة نووية صينية، وتمول برنامج أسلحة نووية في باكستان، وتحاول بناء برنامج نووي سعودي على أراضيها. وانبثقت هذه التقديرات من مقاربة سعودية، أعلنت في العام 2003، حين خرجت مصادر تؤكد أن السعودية تملك ثلاثة خيارات حيال الأسلحة النووية:
الأول: أن تتحالف مع دولة تملك أسلحة نووية لكي تحميها.
الخيار الثاني: التخلص من الأسلحة النووية في غرب آسيا (الشرق الأوسط).
الخيار الثالث: امتلاك برنامج نووي سعودي.
لصعوبة الخيار الأول واستحالة الخيار الثاني؛ الخيار الثالث هو المتاح، والذي يحظى بسعي سعودي مستمر، ولكن تشكيل هذا الخيار الأمني والاستراتيجي يوحي بأنه خيار نووي عسكري وليس مدنيًا.
السؤال الأهم هنا؛ هل: ستحقق أميركا للسعودية حلمها بمشروع نووي، أم أنها ستظل تماطل وتهدد السعودية بمنع التعاون النووي مع القوى الأخرى ؟
السؤال الموجه للسعودية متعلق بأمنها القومي؛ ولماذا حصرت المخاوف النووية في إيران على الرغم من عدم تطويرها سلاحًا نوويًا، وعلى الرغم من انتفاء أسباب التهديد الإيراني للسعودية، بينما تصمت عن امتلاك "إسرائيل" للسلاح النووي، ولا تصر على امتلاك رادعًا نوويًا لمواجهة "إسرائيل"، فإذا حدث اتفاق نووي أميركي - إيراني يؤكد ما تعلنه ايران من عدم سعيها لصناعة اسلحة نووية، ستصمت السعودية أو تكتفي بمشروع سلمي حقيقي؟