اقتصاد » اسكان ومصارف

بعد طفرة 2024.. قطاع العقارات الخليجي يواصل الزخم في 2025

في 2025/01/22

متابعات

يعيش قطاع العقارات في دول الخليج ذروته التاريخية، حيث وصل حجم السوق في مختلف الدول، على رأسها السعودية والإمارات وقطر، إلى مستويات قياسية غير مسبوقة مدعومة بشكل أساسي بخطط التنويع الاقتصادي الهادفة لتقليل الاعتماد على الطاقة ودعم القطاعات غير النفطية.

وشهد القطاع بدول مجلس التعاون في 2024 عاماً ديناميكياً، حيث شهدت أسعار العقارات زيادة ملحوظة بفعل ارتفاع الطلب في قطاعات الضيافة والتجزئة. وأسهم تدفق الزوار الدوليين في تعزيز أداء السياحة والتجزئة

وبالنظر إلى العام 2025، من المتوقع أن تؤثر عدة عوامل على مستقبل سوق العقارات الخليجي، حيث تؤدي جهود لتنويع اقتصادات الدول الست إلى جانب النمو السكاني والتحولات الديموغرافية وزيادة الطلب على العقارات السكنية والتجارية.

خطوات قطرية

واعتبر تقرير محلي قطري أن العقود المرتبطة بالمشاريع الجديدة المتعلقة بالبنية التحتية، والتعليم، والصحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، المزمع تنفيذها خلال عام 2025، هي المحور الأساسي لتعزيز نمو قطاع الإنشاءات والبناء في قطر.

وأشار تقرير شركة "الأصمخ" للمشاريع العقارية (18 يناير 2025)، إلى طرح نحو 3300 مناقصة، خلال العام الجاري، وتشمل أكثر من 189 نشاطاً اقتصادياً، بقيمة 56.2 مليار ريال (15.4 مليار دولار) منها 21.9 مليار ريال مخصصة لمناقصات البلدية والبيئة، وتضم أعمال البنية التحتية الخاصة بتطوير أراضي المواطنين الجديدة والقائمة. 

وسجلت قيمة الصفقات العقارية الأسبوعية من 5 إلى 9 يناير الحالي، أداءً مرتفعاً وصل إلى 292 مليون ريال (79.97 مليون دولار)، عبر 71 صفقة، مقابل 261 مليون ريال (71.48 مليون دولار) خلال الفترة من 29 ديسمبر الماضي إلى 2 يناير الجاري. 

السعودية.. ارتفاع مستمر

كما سجلت أسعار العقارات في السعودية ارتفاعاً خلال الربع الأخير من 2024 بأسرع وتيرة منذ منتصف 2023، حيث ارتفع الرقم القياسي بنسبة 3.6% على أساس سنوي، مدفوعاً بقفزة أسعار العقارات السكنية 3.1%، وفق الهيئة العامة للإحصاء.

ويقول سعود السليماني، المدير الإقليمي لـ"جيه إل إل السعودية"، إن آفاق القطاع العقاري في المملكة تبدو إيجابية لعام 2025 في ظل وجود مشاريع قيد التطوير تتجاوز قيمتها 1.4 تريليون دولار. 

ووصف السليماني عام 2024 بـ"التاريخي" لقطاع العقارات في المملكة، مع ارتفاع أسعار مبيعات العقارات السكنية 12% وإيجاراتها 10%، وزيادة أسعار العقارات المكتبية 21%، بالإضافة إلى زيادة السائحين القادمين إلى السعودية لأغراض ترفيهية 656%، ما انعكس إيجاباً على العقارات الفندقية.

طلب في الإمارات

تبدو الآفاق رحبة أمام سوق العقارات التجارية في الإمارات خلال العام المقبل، لا سيما مع توجه الاهتمام إلى المباني الخضراء الصديقة للبيئة والمكاتب الفاخرة، وسط تفوق واضح لدبي، رغم المخاطر الخارجية الناتجة عن أسعار الفائدة المرتفعة وتباطؤ الاقتصاد العالمي، بحسب "بلومبيرغ إنتليجنس". 

وتشير التقديرات إلى استمرار الطلب القوي على المساحات المكتبية في الإمارات، بدعم من عوامل بينها جهود الدولة لترسيخ وضعها كمركز دولي لمجموعة من القطاعات الاقتصادية.

كما يتوقع أن يرتفع الطلب على العقارات في دبي بعد أن جذبت الكيفية التي تعاملت بها الحكومة مع جائحة "كورونا" وإجراءات التأشيرة المرنة عدداً كبيراً من المشترين الأجانب. 

واستفاد قطاع العقارات الفاخرة من تدفق المستثمرين الأثرياء على الإمارة، بما في ذلك الفيلات التي تطل واجهتها البحرية على جزر النخيل الصناعية. ومن بين هؤلاء الأثرياء الأغنياء الروس الذين يسعون إلى حماية أصولهم، ومليونيرات العملات المشفرة، والمصرفيون الذين فروا من قيود كورونا الصارمة في آسيا، والأثرياء الهنود الذين يبحثون عن منازل أخرى.

نمو مستقر

يتوقع الباحث الاقتصادي أحمد عيد أن يشهد قطاع العقارات في دول الخليج، خلال العام الجاري، "نمواً مستقراً مدعوماً بمشاريع البنية التحتية والاستثمارات الكبرى".

وبخصوص الدول الخليجية ومشاريعها يقول: "السعودية تقود التحول مع مشاريع ضخمة مثل نيوم، بينما تركز الإمارات على العقارات الذكية والمستدامة لجذب المستثمرين. أما في قطر، فإن إرث ما بعد كأس العالم 2022 والأنشطة الرياضية يدعم تطوير مناطق مثل لوسيل والمباني الصديقة للبيئة، مع زيادة الطلب بفضل قوانين التملك للأجانب".

وأضاف لـ"الخليج أونلاين": "الكويت تركز على تعزيز سوق الإسكان المتوسط لمواجهة احتياجات السكان المحليين والوافدين، في حين تسعى البحرين إلى جذب الاستثمارات عبر مناطق تجارية مميزة وقوانين داعمة للملكية الأجنبية".

وفيما يتعلق بعُمان، فيشير إلى أنها "تركز على تطوير العقارات السياحية والصناعية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي والمشاريع المرتبطة برؤية 2040".

ويؤكد أن التكنولوجيا والاستدامة "تعتبر من العوامل الأساسية التي تدعم نمو القطاع، مع التوجه نحو البناء الأخضر والعقارات الذكية"، مضيفاً: "السياحة والفعاليات الكبرى، مثل كأس آسيا 2027 في السعودية، تُعزز الطلب على الفنادق والعقارات الترفيهية. ومع ذلك تواجه المنطقة تحديات مثل ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً واحتمالية زيادة العرض".

كما يوضح أن دول الخليج "تسعى لتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات عبر قوانين الملكية والإقامات الطويلة، مما يدعم القطاع العقاري على المدى الطويل".

نمو متطور

فيما يقول الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، إن كل التوقعات تشير إلى أن العقارات في دول الخليج العربي "ستبقى محافظة على نموها وتطورها واتساع أنشطتها خلال الأعوام القادمة، وخصوصاً العام الجاري".

ويشير لـ"الخليج أونلاين" إلى أن تلك التوقعات تستند إلى "قوة اقتصاديات دول الخليج وإلى المبادرات والتسهيلات الحكومية وفي تقديم كل ما من شأنه تطور هذا القطاع المهم لاقتصادياتها".

وأضاف: "نجد أن السعودية، التي تشهد أكبر طفرة عقارية، طرحت العديد من المشاريع العقارية الضخمة، التي من بينها إقامة مدن جديده والآلاف من الأراضي الخضراء والمباني السكنية والتجارية والاستثمارية، وما يقابلها من تقديم الجهات المعنية والمختصة كل التسهيلات المطلوبة لتحقيق ما جاء في رؤية 2030 في مجال القطاع العقاري والبناء".

ويلفت إلى تواصل نمو القطاع العقاري في الإمارات "حتى بات أمنية كل المستثمرين من مختلف دول العالم للاستثمار فيه؛ لما تتميز به من الإجراءات السهلة والاستقرار الاقتصادي والمبادرات الخلاقة الحكومية في هذا الاتجاه".

وتحدث عن تطور القطاع العقاري في البحرين، الذي بات يساهم  بما يزيد عن 6% من الناتج المحلي الإجمالي، كما هو الحال في قطر التي شهدت بسبب احتضان مباريات كأس العالم أكبر طفرة عقارية وبنى تحتية، وهي "مستمرة في احتضان القطاع العقاري، حيث تشير التوقعات إلى أن حجم سوق العقارات سيبلغ نحو 15 مليار بحلول عام 2028".

وفيما يتعلق بالكويت فيقول العبسي إنها شهدت وما زالت تدعم "المشاريع العقارية بعدما أظهر القطاع مرونة وإمكانات للنمو برغم كل التحديات، حيث بات يحتل المرتبة الثانية بعد القطاع النفطي"، مشيراً في الوقت ذاته إلى النمو الذي شهده سوق العقارات في عُمان بعدما بلغ نحو 4.5 مليار دولار في عام 2024.

وأكد أن القطاع العقاري في الخليج "يتخذ مساراً تصاعدياً مدعوم بمبادرات التنمية والاستثمار الحكومي. ومن المتوقع أن يستمر في جذب المستثمرين المحليين والدوليين بفضل التحولات الإيجابية في مشاريع المدن الذكية، والبنية التحتية المتطورة، والقوانين المحفزة للاستثمار".

2024.. عام النهوض

شهد قطاع العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي نهوضاً خلال 2024، حيث استفادت الأسواق من تدفق الزوار الدوليين إلى الإمارات والسعودية وقطر، الأمر الذي عزز أداء السياحة والتجزئة، حيث تجاوز سوق العقارات الإماراتي التوقعات محققاً مستويات قياسية في حجم المعاملات والأسعار، ولا سيما في دبي وأبوظبي.

وبينما سجلت دبي أرقاماً قياسية في مبيعات المنازل وطلبات الرهن العقاري وأسعار المساحات المكتبية والمستودعات، ارتفعت مبيعات العقارات الجاهزة في أبوظبي بنسبة 51.1% على أساس سنوي بحلول الربع الثالث، وكذلك قفزت أسعار المكاتب بنسبة 15.3%.

وفي السعودية، ساهم برنامج "رؤية 2030" بإعادة تشكيل سوق العقارات السعودي بشكل كبير، حيث شهدت الرياض زيادة بنسبة 31% في مبيعات الوحدات السكنية خلال الربع الثالث من العام، مدفوعة بتدفق العمالة الوافدة على خلفية النمو الاقتصادي.

كما حققت مشاريع الشقق السكنية بنظام التملك الحر والإسكان الميسر نجاحاً بارزاً، ولا سيما تلك التي تنفذها "الشركة الوطنية للإسكان".

وحافظ سوق العقارات القطري على استقراره خلال 2024، مع اتساع الفجوة بين العقارات الفاخرة ونظيرتها، حيث شهدت المكاتب الفاخرة والشقق الراقية ومراكز التسوق الفاخرة طلباً قوياً، بينما عانت العقارات القديمة من انخفاض معدلات الإشغال.

وأظهر المشترون القطريون نشاطاً قوياً في سوق الرهن العقاري، خلال النصف الأول، رغم ارتفاع أسعار الفائدة في بداية العام، إلا أن هذا النشاط تراجع في الربع الثالث مع انخفاض الفائدة تدريجياً.

بالمقابل واجه سوق العقارات في عُمان تحديات خلال 2024، حيث أثرت أسعار الفائدة المرتفعة على النشاط العقاري، وانخفضت أسعار الشقق بنسبة 13% على أساس سنوي، بينما شهدت أسعار الفلل زيادة طفيفة بنسبة 2.5%.

وسجلت البحرين زيادة بنسبة 18% في قيم المعاملات العقارية خلال الربع الثالث، ما يعكس تعافي السوق الذي يعاني من فائض المعروض، إلا أن مكانة المملكة كمركز مالي تراجعت لصالح الإمارات والسعودية.

وفي الكويت، برزت قضية القدرة على تحمل تكاليف السكن كأحد التحديات الرئيسة، ما دفع الحكومة لفرض قيود على ملكية المنازل، وشهدت مبيعات العقارات السكنية تحسناً في الربع الثالث، لكن الأسعار استمرت في التراجع للربع السادس توالياً.