في 2025/07/25
يوسف حمود - الخليج أونلاين
تواصل دول مجلس التعاون الخليجي استعداداتها النهائية لإطلاق التأشيرة السياحية الموحدة، التي طال انتظارها، بهدف تمكين الزوار من التنقل بين الدول الست بتأشيرة واحدة، وبأسلوب يشابه نظام "الشنغن" الأوروبي.
تُعد هذه الخطوة تحولاً استراتيجياً في سياسة دول المجلس تجاه القطاع السياحي، حيث تسعى إلى تحويل المنطقة إلى وجهة متكاملة ذات جاذبية عالمية، مستفيدة من التنوع الجغرافي والثقافي والاقتصادي للدول الأعضاء.
وتندرج هذه المبادرة ضمن استراتيجية مجلس التعاون الخليجي لتنويع مصادر الدخل وتعزيز التكامل الاقتصادي، وتشكّل ركيزة أساسية في الرؤية السياحية الخليجية الموحدة، التي تهدف إلى رفع مساهمة السياحة في الناتج المحلي وخلق فرص عمل جديدة وتحقيق قفزات نوعية في مؤشرات الاستدامة الاقتصادية.
ما هي التأشيرة الخليجية الموحدة؟
بحسب الموقع الإلكتروني الرسمي للتأشيرة (gccvisa.com)، فإن التأشيرة الموحدة هي مبادرة سياحية تمكن الأجانب من زيارة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون بتأشيرة واحدة، تغطي أغراض السياحة وزيارة الأهل والأصدقاء، وقد تفتح المجال مستقبلاً لتضمين زيارات الأعمال القصيرة.
وقد أُقر المشروع في عام 2023 ضمن خطط تعزيز السياحة والتكامل الإقليمي، بعد سنوات من النقاشات الفنية والتشريعية، بهدف خلق منظومة تأشيرات تتماشى مع المتغيرات الدولية والتطلعات الاقتصادية الخليجية.
تسمح التأشيرة لحاملها بالتنقل بين جميع دول الخليج دون الحاجة لتقديم طلبات منفصلة، وتُعد بمنزلة تحول استراتيجي في طريقة تعاطي دول المجلس مع الزوار والسياح، من خلال تقليل البيروقراطية، وتوحيد المعايير الأمنية والتقنية.
متى التدشين؟
مطلع يوليو 2025، أكد جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن إدارات الجوازات بوزارات الداخلية بدول المجلس ومن خلال اجتماعاتهم الفنية المشتركة والمستمرة، يبذلون جهوداً قيمة للبدء بانطلاق مشروع التأشيرة السياحية الموحدة، خلال الفترة القادمة القريبة.
وبحسب بيان صدر عن الأمانة، جاء ذلك خلال لقاء البديوي بالمشاركين في الاجتماع الـ39 للمديرين العامين للجوازات بدول مجلس التعاون، بمقر الأمانة العامة في الرياض.
وأكدت أن البديوي اطلع على مشروع جدول الأعمال، ومن ضمنه مشروع التأشيرة الخليجية، والاطلاع على آخر ما توصلت إليه اجتماعات الفرق الفنية المعنية بهذا المشروع.
وفق تصريحات البديوي، فإن الإطلاق الرسمي للتأشيرة سيكون قبل نهاية العام الجاري 2025، بعد استكمال الجوانب القانونية والفنية، علماً أن دول المجلس أقرت المشروع مبدئياً عام 2023.
مزايا متعددة
تتميز هذه التأشيرة بإلغاء الحاجة إلى تقديم طلب تأشيرة لكل دولة، ما يخفف الأعباء الإدارية والمالية على السائح، كما تُسهم في تسهيل خطط السفر متعددة الوجهات، وتشجع على قضاء فترات أطول في المنطقة، وتزيد من عدد الليالي السياحية، وتُعزز الحضور الخليجي على خريطة السفر العالمية.
ووفق ما تشير إليه الجهات الرسمية الخليجية، ستسهم التأشيرة الموحدة في تنشيط القطاعات المرتبطة بالسياحة مثل الضيافة، والطيران، والفعاليات، كما تُعزز فرص العمل والاستثمارات السياحية، وتفتح المجال أمام تطوير منتجات جديدة مثل الرحلات متعددة الوجهات، وبرامج الترفيه العائلي، والسياحة البيئية.
الوثائق المطلوبة؟
سيجري التقديم للتأشيرة الموحدة عبر منصة إلكترونية واحدة تشمل جميع الدول، حيث من المتوقع أن تكون متكاملة مع أنظمة الجوازات، وتُوفّر خاصية تتبع الطلبات، والدفع الإلكتروني، ودعماً متعدد اللغات.
تشمل الوثائق المطلوبة:
- جواز سفر صالحاً لمدة لا تقل عن 6 أشهر.
- صورة شخصية حديثة.
- نموذج طلب إلكترونياً.
- إثبات إقامة أو حجزاً فندقياً مؤكداً.
- خطة السفر بين الدول الخليجية.
- تأمين سفر يغطي مدة الإقامة والنفقات الصحية والطوارئ.
- إثبات القدرة المالية عبر كشف حساب مصرفي أو شهادة راتب.
- حجز تذكرة عودة أو مغادرة.
وتمر العملية بأربع خطوات: تعبئة الطلب، وإرفاق المستندات، ودفع الرسوم، واستلام التأشيرة بالبريد الإلكتروني بعد الموافقة عليها. ويُتوقع أن تجري معالجة الطلبات خلال أيام معدودة.
مدة التأشيرة وصلاحيتها
رغم عدم الإعلان عن مدة الصلاحية رسمياً، تشير التقديرات إلى أن المدة المحتملة ستتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، لتمنح الزوار وقتاً كافياً لاستكشاف المنطقة.
كما تُدرس إمكانية إصدار تأشيرات متعددة الدخول لفترات أطول، خاصة لرجال الأعمال والسياح المتكررين.
فوائد وفرص
يساعد النظام الجديد على تعزيز التكامل الخليجي، وتقديم تجربة موحدة للسائح، ما يزيد من معدل إنفاق الزائر الواحد، ويُطيل من مدة إقامته.
كما يقلل من الاعتماد على السياحة الموسمية، ويفتح المجال أمام الاستثمار في السياحة الترفيهية والعائلية والطبيعية، والربط بين المهرجانات والفعاليات الخليجية المختلفة.
وتسعى دول المجلس إلى استخدام هذا النظام كبوابة لمبادرات أخرى تشمل النقل المشترك، وتنسيق الفعاليات الكبرى، وتوحيد الجهود التسويقية خارجياً، مما يعزز من تنافسية المنطقة كوجهة سياحية موحدة في الأسواق العالمية.
وتشير التوقعات، بحسب تقرير صادر عن موقع "TRAVEL AND TOUR WORLD"، إلى أن التأشيرة يمكن أن تساعد المنطقة في جذب نحو 129 مليون زائر بحلول عام 2030.
توسع تدريجي
من المتوقع أن تُعيد التأشيرة الموحدة رسم خريطة السياحة في الخليج، وفي المرحلة الأولى، تمنح التأشيرة لمواطني دول معينة (من المتوقع أن تشمل دول أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا)، على أن تتوسع تدريجياً لتشمل دولاً أكثر، وفقاً للترتيبات الأمنية والتقنية.
وستسهم هذه الخطوة في تعزيز مكانة دول الخليج كمجموعة موحدة، قادرة على تقديم تجربة سياحية تكاملية غنية ومتنوعة.
وإذا ما تم إطلاق التأشيرة كما هو مخطط نهاية 2025، فإنها ستُشكل أكبر طفرة في المجال السياحي الإقليمي منذ عقود، وستضع الخليج في مصاف التكتلات السياحية الكبرى.
كما تُبرز قدرته على الموازنة بين الأمن والتسهيل والانفتاح السياحي المنضبط، مما يدعم الرؤية المستقبلية لدول المجلس بتحقيق تنمية مستدامة قائمة على المعرفة والتنوع الاقتصادي والانفتاح الثقافي.