سياسة وأمن » صفقات

أول نظام ذكاء اصطناعي مضاد للمسيّرات.. الإمارات تعزز قدراتها الدفاعية

في 2025/12/09

طه العاني - الخليج أونلاين 

تعزّز الإمارات حضورها الدفاعي عبر تطوير منظومات محلية متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في ظل التحولات السريعة في طبيعة التهديدات الجوية.

وتعيد هذه التوجهات صياغة معادلة الحماية العسكرية، خاصة مع تصاعد استخدام الطائرات المسيّرة في الحروب الحديثة وقدرتها على تنفيذ هجمات جماعية ودقيقة ومنخفضة التكلفة.

نقلة دفاعية نوعية

وفي هذا السياق، كشفت مجموعة "كالدس القابضة" في 3 ديسمبر 2025 عن أول منظومة محلية متكاملة للدفاع ضد المسيّرات تحمل اسم (DAMITA)، لتصبح أول بنية دفاعية إماراتية متعددة الطبقات تعتمد بالكامل على المعالجة الذكية منذ لحظة الكشف وحتى التحييد.

ويمثل الإعلان محطة بارزة في مسيرة توطين الصناعات الدفاعية الإماراتية، في ظل سعي الدولة لتعزيز قدراتها على إنتاج حلول اعتراض ذكية قادرة على التكيف مع بيئات عملياتية متغيرة.

وقد طُوِّرت "DAMITA" محلياً بالكامل لتعمل كنظام دفاع متعدد الطبقات قادر على التعامل مع الطائرات المسيّرة الفردية وأسرابها، اعتماداً على منصة ذكاء اصطناعي تربط بين الكشف الفوري والقيادة والسيطرة والاستجابة الميدانية.

وتعمل المنظومة الجديدة على توحيد قدرات الرصد والمراقبة والتحليل والتشويش والاعتراض المباشر، بما يضمن حماية المواقع الحيوية والمدن والحدود والقواعد العسكرية عبر سرعة استجابة عالية.

وأكد الرئيس التنفيذي للمجموعة خليفة مراد البلوشي أن "DAMITA" تمثّل هيكلية موحّدة تجمع تقنيات الكشف والقيادة والسيطرة وحلول التحييد متعددة الطبقات.

وأشار البلوشي في حديثه لوكالة أنباء الإمارات (وام)، في 3 ديسمبر 2025، إلى أنها تجسّد رؤية استراتيجية لتوفير حلول جاهزة للمهام تجمع بين الابتكار والاستقلالية وقابلية التوسع.

وتعتمد (DAMITA) على مجموعة تقنيات متقدمة تشمل رادارات عالية الدقة، وأجهزة مسح لاسلكي كامل الطيف، ومستشعرات كهروبصرية/حرارية (EO/IR)، مدعومة بخوارزميات ذكاء اصطناعي تميّز بدقة بين الطائرات والطيور.

كما تدمج المنظومة تقنيات التشويش الإلكتروني والليزر عالي الطاقة واعتراضات جوية تعتمد الانفجار الهوائي، بما يعزز القدرة على مواجهة هجمات الأسراب أو التهديدات في المناطق الواسعة.

وتوفر "DAMITA" خيارات اعتراض غير مدمر (Soft-kill) عبر التشويش الموجّه، ومدمر (Hard-kill) عبر الليزر والذخائر المتفجرة فوق الهدف، مما يتيح استجابة مرنة تتناسب مع كل سيناريو.

كما يمنح نظام الليزر العامل بالبطارية قدرة تدخل فورية، بينما تسمح خاصية التحرك أثناء العمليات بالتعامل مع التهديدات أثناء التنقل.

وتصل قدرة المنظومة إلى اعتراض 20 طائرة مسيّرة في الدقيقة، وهي من أعلى القدرات التشغيلية المعلنة في المنطقة، ما يجعلها أداة دفاعية مستقبلية قادرة على مواجهة التهديدات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، خاصة المسيّرات التي يمكنها الملاحة الذاتية وتنفيذ ضربات منخفضة التوقيع.

توازن دفاعي

ويؤكد الخبير الأمني والسياسي فاضل أبو رغيف، أن المنظومة الجديدة تُعد الأولى من نوعها في المنطقة، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تمتلك اليوم تقنية متقدمة وغير مسبوقة في الشرق الأوسط.

ويوضح أبو رغيف لـ"الخليج أونلاين" أن المنظومة تختلف جذرياً عن النظم التقليدية، إذ تعتمد دقة عالية في التعامل مع التهديدات من دون استخدام السدّ الناري أو كثافة الإطلاق، كما تتميز بفاعلية اقتصادية، وتستند إلى تقنيات تشويش إلكتروني أيوني وانفجارات هوائية تتفاعل مع ذرات الأكسجين لإحداث صعقة كهربائية توقف المسيّرات.

وأضاف أن المنظومة تعتمد رادارات مدمجة قادرة على التمييز بين الطائرات المسيّرة والطيور والطائرات الأخرى، وتمتلك قدرة على معالجة عدد كبير من الأهداف في وقت واحد، سواء كانت قريبة أو بعيدة وعلى ارتفاعات منخفضة، وبأسلوب فردي أو جماعي أو ضمن أسراب.

كما يشير إلى أن هذه القدرات ستعزز منظومة الحماية الإماراتية لمختلف الأهداف الحيوية والاقتصادية والنفطية والعسكرية والمدنية، وستمنح مستوى أعلى من الاستجابة الدفاعية المتقدمة.

ولفت إلى أن المنظومة الجديدة تُعد أيضاً أول نظام يدمج الذكاء الاصطناعي بشكل كامل في معالجة تهديدات المسيّرات، ما يجعلها متفوقة على أنظمة الدفاع الجوي التقليدية والنمطية.

ويرى أبو رغيف أن هذه المنظومة ستسهم في تعزيز توازن منظومات الدفاع الجوي في المنطقة، مؤكداً أن سيادة الدول تبدأ من قوة دفاعها الجوي، وأن ما تحقق سيعزز مكانة الإمارات الدفاعية في الخليج، مما يجعلها تتفوق بوضوح على الأنظمة السابقة.

شراكات بحثية متقدمة

وبالتوازي مع تطوير "DAMITA"، تمضي الإمارات في تعزيز جاهزيتها التقنية عبر شراكات بحثية ترفع مستوى قدراتها في الكشف المبكر عن التهديدات الجوية.

وفي إطار ذلك، أعلن مجلس التوازن وشركة "ساب" الإمارات، في 20 نوفمبر 2025، عن إطلاق برنامج مشترك للبحث والتطوير بهدف تطوير تقنيات متقدمة لكشف الطائرات بدون طيار، وذلك خلال اليوم الرابع من معرض دبي للطيران 2025.

وتندرج الاتفاقية ضمن التزام شركة "ساب" ببرنامج التوازن الاقتصادي في الإمارات، بما يدعم توطين الصناعات الدفاعية وتعزيز استقلالية المنظومة الوطنية.

ويجري تنفيذ البرنامج داخل الإمارات ضمن مرافق الشركة في مجمع توازن الصناعي بأبوظبي، ما يعمّق العمل داخل بيئة تشغيلية محلية ويمنح الكوادر الإماراتية فرصة الانخراط في مراحل التصميم والتطوير والتنفيذ.

وأكد مدير عام مديرية التطوير الصناعي في مجلس التوازن، مطر علي الرميثي، أن المشروع يمثل خطوة لتوسيع جهود الدولة في البحث والتطوير الدفاعي، ويهدف إلى تطوير حلول مبتكرة للكشف عن الطائرات بدون طيار وتعزيز جاهزية الدولة للتعامل مع التحديات المستقبلية.

وأشار الرميثي، في حديثه لـ"وام"، إلى أن التعاون مع شركات عالمية كـ"ساب" يسهم في نقل المعرفة وبناء القدرات الوطنية، من خلال إشراك المهندسين الإماراتيين في برامج بحثية متقدمة.

ويندرج هذا التعاون ضمن المسار الاستراتيجي الإماراتي نحو بناء منظومة دفاعية متكاملة تجمع بين التصنيع المحلي المتقدم – كما في (DAMITA) – والبحث والتطوير المشترك، بهدف تطوير منظومات كشف واعتراض أكثر تطوراً في مواجهة الطائرات غير المأهولة.

توطين إنتاج "كايوتي"

وتسعى الإمارات إلى توسيع قدرات الاعتراض الجوي عبر توطين إنتاج الأنظمة الدفاعية المتقدمة، ضمن مشروع صناعي جديد بالتعاون مع شركة "ريثيون الإمارات" لإنتاج وتجميع نظام "كايوتي" المضاد للطائرات بدون طيار.

ويقع المشروع الذي جرى الإعلان عنه في 13 نوفمبر 2025 داخل مجمع توازن الصناعي في أبوظبي، وعلى مساحة 21,500 قدم مربع، وذلك وفق ما أعلنته الشركة.

ويهدف إنشاء المنشأة الجديدة، بشراكة مباشرة بين ريثيون ومجلس التوازن، إلى دعم التصنيع المحلي وتقليل زمن تسليم المكونات الحيوية وتعزيز مرونة سلاسل التوريد الدفاعية.

ويُعد "كايوتي" من الأنظمة المجرّبة ميدانياً والقادرة على كشف وتعقّب وتحييد نطاق واسع من التهديدات الجوية غير المأهولة.

كما يعزز نقل عمليات التصنيع إلى داخل الإمارات مشاركة الكفاءات الوطنية في إنتاج مكونات رئيسية للنظام، ضمن مسار متدرج للجاهزية الصناعية بدأ بالفعل عبر تصنيع النماذج الأولية بالتعاون مع شركة "إي بي آي" التابعة لمجموعة "إيدج".

وتأتي أهمية هذا التوجه في سياق العقد الكبير الذي حصلت عليه ريثيون من وزارة الدفاع الأمريكية في سبتمبر 2025 بقيمة 5.04 مليارات دولار لتوريد أنظمة "كايوتي" ورادارات نظام (KuRFS) حتى 2033، ما يعزز حضور هذا النظام ضمن منظومات الدفاع الجوي المستخدمة عالمياً.