سياسة وأمن » حروب

هل تشارك الإمارات بتكرار النموذج السوري في اليمن؟

في 2025/01/07

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)

تتواتر التقارير عن خطة هجومية على العاصمة اليمنية صنعاء تزامنًا مع القصف الجوي المكثف من جانب أميركا وبريطانيا والكيان الإسرائيلي، وذلك على خلفية التدخل اليمني في الحرب وفي معركة إسناد غزة. وتكشف هذه التقارير- مع الأسف- تدخلًا خليجيًا، وتحديدًا الإماراتي بسبب تقاطع مصالح الإمارات مع أميركا والكيان في الخلاص من جماعة أنصار الله التي تشكّل المقاومة في اليمن.

الحرب بين الإمارات والسعودية من جهة، وبين الجماعة اليمنية من جهة أخرى، استمرت وما تزال قرابة عقد من الزمان، ووصلت إلى هدنة مؤقتة من دون تحقيق أي انتصار، ويستمر معها حصار الشعب اليمني ودعمًا لمجموعات مسلحة تحت مسمى الشرعية اليمنية للاحتفاظ بمحافظات يمنية بعيدًا عن سيطرة أنصار الله، وهي تشكّل نذرًا دائمة للحرب الأهلية ومساسًا بوحدة الأراضي اليمنيّة.

لكن مع اندلاع "طوفان الأقصى" وتدخّل المقاومة في اليمن في حرب الإسناد، فإنّ أي محاربة للجماعة هي بمثابة خدمة لمصلحة "إسرائيل"، ومن الواجب تحييد الصراع على الأقل حتى وقف إطلاق النار في غزة، ثم استئناف التفاوض أو حتى الصراع بما لا يخدم مخططات الأعداء.

مؤخرًا، كشفت مصادر دبلوماسية عن خطط مشتركة بين دولة الإمارات و"إسرائيل"، لهجوم قيد الإعداد، ويحضّر له على قدم وساق عبر حدود المملكة العربية السعودية باتجاه صنعاء. وهذا ما يتطلّب توضيحًا إماراتيًا أو نفيًا؛ لأنّ هذه التقارير باتت منتشرة بشكل كبير وعبر مصادر متعددة، إضافة الى توفر شواهد عملية تؤكد هذه التقارير. وتقوم هذه الخطط على الاستعانة بـــ"طارق عفاش" للبدء بالهجوم على صنعاء على أن تقدم "إسرائيل" دعمًا جويًا واستخباريًا في ما تموّل أبوظبي هذه الحملة.

أما على الأرض، فقد لوحظ عمليًا، خلال الأيام الأخيرة الماضية، وصول دفعات منفصلة من القوات التي كانت في إطار التحالف السعودي- الإماراتي والتابعة إلى طارق عفاش إلى أطراف صنعاء ومحاولتها التمركز في مناطق حدودية منها. كما حذر القيادي في جماعة الحوثي محمد العماد من اجتماعات تجري في نواد رياضية وجامعات خاصة بصنعاء، لإعادة تدوير "آل عفاش"، وحشد قوات تابعة لـــ"طارق عفاش" من أجل الهجوم على صنعاء.

كما ذكر العماد أن الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلفها "إسرائيل" وحليفتهما الإمارات، أوكلوا مهمة الإطاحة بجماعة الحوثي إلى طارق عفاش ومرتزقته من أجل وقف هجمات الجماعة على "إسرائيل" وإنهاء دعمها للمقاومة في غزة. 

كما اتهمت مصادر حوثية "إسرائيل" بالتنسيق مع الإمارات بتكثيف الأنشطة الاستخبارية ضد جماعة الحوثي، وتحضير بنك أهداف بغرض شن هجمات إسرائيلية مكثفة على الجماعة، وتزامن ذلك مع إلقاء القبض على عدد من الجواسيس أُسندت اليهم مهمة رصد المواقع التابعة للقوة الصاروخية وتحديدها، والطيران المسيّر والقوات البحرية والمواقع العسكرية الأخرى لجماعة الحوثي. كما أسند إليهم العمل على محاولة اختراق وتجنيد وزرع عملاء وجواسيس في صفوف القوات المسلحة والأمن التابعين لجماعة الحوثي.

لكن قبل أشهر؛ كانت هناك مصادر يمنية رسمية قد كشفت عن تحركات إماراتية- أمريكية في جبهات الساحل الغربي في اليمن استعدادًا لإطلاق عملية عسكرية ضد قوات صنعاء، بهدف كسر الحصار المفروض في البحر الأحمر. وقالت المصادر إن الإمارات تحشد فصائلها، وتشرف على استقدام مرتزقة جدد من السودان إلى مديرية المخا في محافظة تعز الواقعة تحت سيطرة قوات طارق عفاش للبدء بتنفيذ عملية عسكرية برية بمشاركة جوية ضد قوات صنعاء، وأن العملية العسكرية تشمل جبهات محافظتي تعز والحديدة بدعم عسكري أمريكي بريطاني إسرائيلي بمشاركة جوية وبحرية، وأن العملية العسكرية ستشارك فيها قوات طارق عفاش وعدد من ألوية العمالقة الجنوبية ومرتزقة السودان.

كما أفادت المصادر، أيضًا، بأنّ التحركات الإماراتية تأتي في ظل تنسيق واسع للفصائل العسكرية الموالية لـــ"الشرعية" وتشكيل غرفة عمليات مشتركة بهدف إشعال الجبهات ومحاولة إشغال قوات صنعاء. وهذا ما جعل القوات المسلحة اليمنية تحذر في بياناتها من مشاركة أي دولة في أي اعتداء على اليمن، وأنها ستكون ضمن بنك الأهداف وسيكون الرد عليها قاسٍ ومؤلم.

هذا سيستدعي ردًا إماراتيًا واضحًا على هذه الاتهامات الخطيرة، في أن التقارير تناولت أسماء لضباط التقوا بقيادات داعشية، إذ قالت المصادر إن الامارات عمدت إلى تجنيد مجاميع متطرفة لإطلاق هجمات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وذلك لخلط الأوراق وزعزعة الملاحة الدولية. ومن ضمن الخلايا عناصر من "داعش"، منهم المدعو عبدالله شعيفان البكري الملقب بـــ"أبو المهاجر"، والذي رُصد لقاؤه مع الضابط الإماراتي اللواء أحمد سيف المهيري في مقر التحالف السعودي- الإماراتي.

هذا التنسيق الذي تتحدث عنه التقارير، والذي تؤكد وجاهته الشواهد العملية، هو تنسيق مشابه لما حدث في سوريا وتهديد لبلد عربي يقوم بمهمة كبرى في مواجهة التمدد الصهيوني، ويعرقل تنفيذ "مشروع الشرق الأوسط الجديد"، واللذي مشروع يشكل خطرًا على المنطقة وفي قلبها الخليج. ومن المؤسف؛ أن تكون الإمارات مشاركة بهكذا استهداف يخدم مخططات العدو، حتى لو كان محققًا لمصالح ضيقة تكتيكية للإمارات والسعودية، ولكنه خطر استراتيجي كبير لو امتلكت "إسرائيل" الهيمنة على المنطقة وعلى البحر الأحمر.

تاليًا؛ إنّ هذه التحركات تستدعي إما توقفًا فوريًا، وإما نفيًا إماراتيًا صريحًا وتفنيدًا لهذه التقارير التي تناولت تفاصيل وأسماء تتطلب توضيحًا عاجلاً.