في 2025/02/20
متابعات
لا تضع إسرائيل أي اعتبارات للقوانين الدولية أو المعاهدات التي تلزمها احترام القنصليات والمكاتب الدبلوماسية للدول، حيث اعتدت على مكتب اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة خلال عدوانها الذي استمر عاماً وثلاثة أشهر.
ولم تحترم سلطات الاحتلال الوجود الدبلوماسي لمبنى اللجنة القطرية في قطاع غزة، فدمرت أجزاء كبيرة منه، وحرقته بالكامل من الداخل، وجرفت السور الخارجي له، في تجاوز للقانون الدولي.
مراسل "الخليج أونلاين" في قطاع غزة وثق مشاهد الدمار التي لحقت بمقر اللجنة القطرية، ورصد دخول دبابات جيش الاحتلال لداخل مقر المبنى، وحرقه بالكامل، وإطلاق قذائف المدفعية عليه، وتدمير أجزاء من السور الخارجي له، وتحطيم شعار اللجنة القطرية الموجود أعلى المبنى غرب مدينة غزة.
كما وضعت دبابات وجرافات جيش الاحتلال جبالاً من الرمل والحصى على مداخل مبنى اللجنة القطرية، ودمرت مولدات الكهرباء الرئيسية وموقف السيارات، والبوابات الرئيسية له.
وبدأ الهجوم الإسرائيلي الأول على مبنى اللجنة القطرية في نوفمبر 2023، ما أثار في حينها موجة من الإدانات الدولية والعربية، خاصة أن اللجنة تعد جهة رئيسية في تقديم المساعدات الإنسانية وتنفيذ مشاريع البنية التحتية في القطاع المحاصر.
في حينها، وصفت وزارة الخارجية القطرية هذا الهجوم بأنه "تعدٍّ سافر على القانون الدولي"، مشيرةً إلى أنه امتداد لسياسة استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، من بينها المستشفيات والمدارس وملاجئ النازحين.
كما أكدت أيضاً أن "قصف مقر اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة هو امتداد لسياسة استهداف الإنسان، خاصة أن هذه اللجنة عملت من خلال مشاريعها على رفع معاناة السكان في قطاع غزة المأزوم بفعل الحصار الطويل والعدوان المستمر".
ورغم هذا الهجوم، أكدت قطر التزامها بمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة، مشددةً على أن هذه الاعتداءات لن تثنيها عن دورها في دعم الشعب الفلسطيني.
تجاوز للقانون
تنص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 على حماية المقرات الدبلوماسية وضمان حرمتها، كما تلزم الدول باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المباني الدبلوماسية والإنسانية من أي اعتداء أو ضرر، ومنع أي إخلال بسلامة وكرامة البعثة.
ويعد استهداف المقرات الإنسانية والدبلوماسية انتهاكاً للقانون الدولي، وقد يؤدي إلى تصعيد التوترات الدبلوماسية وفرض عقوبات دولية على الدولة المعتدية على مقرات القنصليات والأخرى التابعة لوزارات الخارجية.
كما يؤدي استهداف المقرات الإنسانية إلى عرقلة تقديم المساعدات والإغاثة للمتضررين، مما يزيد من معاناتهم، خاصة في ظل الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة وحاجة السكان هناك والبنية التحتية إلى التدخل من قبل المؤسسات، وخاصة اللجنة القطرية التي لها دور بارز في الإعمار.
خراب متعمد
يرى الكاتب والمختص في الشؤون الإقليمية، محمود حلمي، أن تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء كبيرة من مبنى اللجنة القطرية، "إجراء متعمد وهدفه تخريب مكان مهم لسكان القطاع".
يقول حلمي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "المبنى يعد مكاناً دبلوماسياً ويتبع لدولة قطر؛ لكونه مقراً للجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة التي هي جهة تابعة لوازرة الخارجية القطرية، وهذا يفرض على دولة الاحتلال احترام المكان وعدم العبث به وتدميره بهذه الصورة".
ويضيف: "جيش الاحتلال خالف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنشآت القنصليات والمكاتب التمثيلية للدول، من خلال تدميره لأجزاء من مبنى اللجنة القطرية في قطاع غزة، ودخول الدبابات إلى أرض المبنى، وخط شعارات استفزازية للجنود على الجدران".
وأشار إلى أن "سلطات الاحتلال تعلم حين اقتحمت مبنى اللجنة القطرية أنه مكان يتبع لوزارة الخارجية القطرية، من خلال علم دولة قطر الموجود على أعلى المبنى، وشعار الخارجية، ولكن رغم ذلك اقتحموا المكان وحرقوه من الداخل".
اللجنة القطرية
ولجنة إعادة إعمار غزة هي لجنة منبثقة عن وزارة الخارجية القطرية، تأسست في شهر أكتوبر من عام 2012.
أبرز المنح التي قامت بها اللجنة تمثلت بإدارة وتنفيذ منحة قطر المقدمة من الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لإعادة إعمار غزة، والتي تبلغ قيمتها 407 ملايين دولار، فضلاً عن منح قطرية أخرى.
وتسعى اللجنة لأن تصبح نموذجاً يُحتذى به في إدارة برامج الإعمار، حيث نفذت من خلال منحة الأمير الوالد عشرات المشاريع في مجالات الإسكان والأبنية والطرق والبنية التحتية والصحة والزراعة وغيرها من القطاعات لخدمة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، معتمدين في ذلك على الجودة والمصداقية والقيم الأصيلة.
وحرصت اللجنة على السمو بكافة مشاريعها لتكون صديقة للبيئة وذلك عن طريق تطبيق معايير الصداقة للبيئة، بهدف حماية البيئة الفلسطينية والمواطن الفلسطيني.
وتؤكد اللجنة، في موقعها الإلكتروني، أنها تحرص على الوقوف الدائم على الاحتياجات الضرورية لتطوير البنية التحتية في غزة، ووضع خطة استراتيجية لإعادة إعمار القطاع من قبل المختصّين وبالتنسيق مع الجهات المعنيّة، وتحديد مشاريع الإعمار وأولوياتها على ضوء ما اعتمدته الدولة (دولة قطر).