سياسة وأمن » حروب

نُذر الحرب تتصاعد.. إيران تهدد وأمريكا تحذر والعين على مسقط

في 2025/06/12

كامل جميل - الخليج أونلاين

في لحظة توتر إقليمي حرج، جاء قرار واشنطن مساء الأربعاء (11 يونيو الجاري) بسحب جزئي لطاقمها الدبلوماسي من بغداد، والسماح بمغادرة أسر العسكريين من مواقع متعددة في الشرق الأوسط، ليؤكد أن نُذر التصعيد باتت أقرب من أي وقت مضى.

ومع تهديدات متبادلة تلوح باستخدام القوة، وتصريحات متشنجة من كلا الجانبين، تترقب المنطقة بقلق الجولة السادسة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، التي تستضيفها سلطنة عُمان يوم الأحد المقبل، وسط تساؤل مهم: هل يوقف اجتماع مسقط الانحدار نحو المواجهة المفتوحة؟

القرار الأمريكي، الذي لم تحدد الإدارة طبيعته الأمنية بشكل واضح، أتى بعد مؤشرات متلاحقة على أن ثقة واشنطن في إمكانية التوصل لاتفاق مع طهران باتت على المحك.

الرئيس دونالد ترامب أشار إلى أن ثقته في نوايا إيران تتآكل، قائلاً إنه "أصبح أقل ثقة أكثر فأكثر" بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي، بينما لمّح خلال حضوره عرضاً سينمائياً في مركز كينيدي بواشنطن، إلى أن عملية نقل الدبلوماسيين تأتي بسبب "الخطر".

إجراءات وتحذيرات 

وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت أن الوزير بيت هيغسيث أذن بالمغادرة الطوعية لأسر العسكريين الأمريكيين من مواقع في أنحاء الشرق الأوسط، من ضمنها البحرين والكويت.

وفي الوقت ذاته، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أمريكيين أن واشنطن تستعد لإخلاء جزئي لسفارتها في بغداد.

بدورها طلبت وزارة الخارجية الأمريكية من البعثات الدبلوماسية الواقعة قرب الأصول الإيرانية – سواء في الشرق الأوسط أو أوروبا الشرقية وشمال إفريقيا – تشكيل لجان طوارئ والإبلاغ عن خطط التخفيف من المخاطر.

القرار، وفقاً للبيت الأبيض، جاء نتيجة "مراجعة دورية لتموضع الموظفين"، لكن السياق السياسي والأمني العام يُضفي عليه أبعاداً تتجاوز الإجراء الإداري؛ فخطر الانفجار بات وشيكًا، والتوتر في ذروته.

تهديدات إيرانية واستعدادات متبادلة

كل هذه المخاوف والإجراءات التي صدرت عن الولايات المتحدة، كان سببها تهديدات إيرانية صريحة باستهداف المصالح الأمريكية في المنطقة.

وزير الدفاع الإيراني، الجنرال عزيز نصير زاده، لوّح صراحةً بإمكانية ضرب القواعد الأمريكية في المنطقة في حال تعرضت إيران لأي هجوم.

"كل القواعد في متناولنا"، قالها نصير زاده بثقة، مشيراً إلى أن "الخصم سيتكبد خسائر أكبر من خسائرنا".

وأضاف: "على أمريكا أن تغادر المنطقة، لأننا سنستهدف القواعد في الدول المستضيفة بلا تردد".

يأتي ذلك في وقت تتزايد المخاوف داخل أجهزة الاستخبارات الأمريكية من أن تُقدِم "إسرائيل" على ضرب المنشآت النووية الإيرانية دون تنسيق مع واشنطن، وهو ما قد يخلط الأوراق بشكل خطير، ويدفع إيران للرد على المصالح الأمريكية.

تداعيات اقتصادية محتملة

لم تقتصر التوترات على التصريحات السياسية والعسكرية؛ فقد أصدر مركز عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة تحذيراً للسفن العابرة في الخليج وخليج عمان ومضيق هرمز، داعياً إلى الحذر من احتمال تصاعد النشاط العسكري في المنطقة.

كذلك، أعلنت شركة الأمن البحري البريطانية "أمبري" أن السفن التجارية المرتبطة بـ"إسرائيل" أو الولايات المتحدة أصبحت عرضة لخطر متزايد.

وتعاظم القلق داخل قطاع الشحن البحري والتأمين من احتمال تمدد أي صراع إلى المياه الدولية، ما قد يؤثر مباشرة على الملاحة العالمية وأسعار النفط.

وحذّر ياكوب لارسن، مدير الأمن والسلامة في رابطة الشحن "بيمكو"، من أن "أي صراع مسلح شامل سيؤدي فعلياً إلى إغلاق مضيق هرمز، ورفع أسعار النفط بشكل كبير".

وسط كل هذه التهديدات والتحركات، أعلنت سلطنة عُمان أنها ستستضيف الجولة السادسة من المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران يوم الأحد المقبل، في محاولة واضحة لاحتواء الانفجار المرتقب.

وقال وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي عبر منصة "إكس": "يسعدني أن أؤكد أن الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية الأمريكية ستُعقد في مسقط يوم الأحد 15 يونيو".

المشهد الحالي لا يحمل فقط توترات ثنائية بين واشنطن وطهران، بل ينذر بصراع إقليمي مفتوح، تتداخل فيه الحسابات الإسرائيلية، والتهديدات الإيرانية، والاستعدادات الأمريكية.

الضغط على طهران

المحلل السياسي محمود علوش الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين" يرى أن التحركات الأمريكية الأخيرة والتدابير التي اتخذتها لحماية بعثاتها في المنطقة لها دلالاتها، دون ان يستبعد حصول تطور أكبر قد يصل إلى عمل عسكري، موضحاً:

التحركات الأمريكية تعكس استعداداً لاحتمال التصعيد، لكنها تهدف أيضاً إلى الضغط على طهران قبيل جولة جديدة من المحادثات في مسقط.

المسار التفاوضي بين واشنطن وطهران بلغ مرحلة حرجة، وسط مؤشرات على تعثر الجهود الدبلوماسية.

تسعى الولايات المتحدة لاستخدام التهديد بضربة عسكرية ورقة ضغط لإحياء المحادثات، ودفع إيران نحو قبول إطار تفاوضي يتماشى مع رؤيتها.

الحرب ليست وشيكة، لكن احتمالها قائم.

إيران ترى أن شروط ترامب النووية أشبه بـ"شروط استسلام"، ما يعقّد فرص التهدئة.

إسرائيل بدورها تستعد لعمل عسكري محتمل، سواء فشلت المفاوضات أو اتجهت نحو اتفاق لا يخدم مصالحها.

"إسرائيل" ستكون المستفيد الأكبر من التصعيد، سواء لأسباب أمنية أو سياسية داخلية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعارض بشدة تكرار تجربة الاتفاق النووي لعام 2015، ويخشى من تقارب أمريكي–إيراني.

يواجه نتنياهو ضغوطاً داخلية، وقد يشكل التصعيد مع إيران فرصة للهروب من أزماته السياسية.

رغم ضعف فرص نجاح مفاوضات مسقط، لكن التفاهم بين طهران وواشنطن قد يبعد شبح الحرب.

المؤشرات على إمكانية التوصل إلى صفقة تتراجع، ما يزيد من احتمالات التصعيد في الفترة المقبلة.