متابعات
تعد الكويت من الدول التي تحرص على تكثيف جهودها في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أنواعه، وتسعى لتدعيم التعاون على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لتحقيق الأمن للمجتمعات.
وتبادر الكويت أيضاً في المشاركات والمؤتمرات الدولية لتحقيق تشريعات مواكبة للمتغيرات التي تهدف إلى الحد من ظاهرة الإرهاب والتطرف، وتقدم كل الدعم والمساعدات حول تبادل المعلومات بين الدول؛ من أجل تحقيق التعاون المثمر نحو مكافحة الجرائم.
ولا يقتصر الأمر عند المشاركة، بل تسارع إلى الاستضافة أيضاً، كما هو الحال مع استضافتها مؤتمراً حول تعزيز التعاون الدولي في مكافحة هذه الآفة الخطيرة، ما يطرح تساؤلات حول أهمية انعقاد هذا المؤتمر؟
مؤتمر دولي بالكويت
ستكون الكويت على موعدٍ مع استضافة مؤتمر "تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وبناء آليات مرنة لأمن الحدود"، الذي قال وزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا، إنه ينعقد خلال الفترة من 4 إلى 5 نوفمبر الجاري، بالتعاون مع طاجيكستان ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
بحسب بيان الخارجية الكويتية، فإن المؤتمر "يُعد استمراراً لعملية دوشانبي لمكافحة الإرهاب وتمويله، التي أطلقتها جمهورية طاجيكستان في عام 2018".
وأشار الوزير الكويتي إلى أن النسخة الرابعة من عملية دوشانبي ستكون بعد المؤتمرات الدولية السابقة التي عقدت في العاصمة الطاجيكية في أعوام 2018 و2019 و2022.
وقال الوزير اليحيا: إن المؤتمر سيمثل "منصة محورية لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي بشأن أمن الحدود في سياق مكافحة الإرهاب وتمويله"، مشيراً إلى أنه سيشارك في أعماله أكثر من 450 مشاركاً، من بينهم 33 وزيراً من الدول الأعضاء.
كما يشارك في المؤتمر "ممثلون عن الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، و23 منظمة دولية وإقليمية، و13 منظمة من المجتمع المدني".
الكويت ومكافحة الإرهاب
وتبذل الكويت جهوداً كبيرة وبارزة في مكافحة الإرهاب، بالشراكة مع عدد من حلفائها وأصدقائها بالمنطقة ودول العالم، من خلال إجراءات عملية على أرض الواقع، فضلاً عن سن تشريعات وقوانين تجرم الإرهاب.
وتتبادل الكويت المعلومات والبيانات مع دول حليفة إقليمياً ودولياً في إطار مكافحة الإرهاب، والحرص على تحقيق الاستقرار الأمني بالمنطقة.
وسنت الكويت التشريعات بهذا المجال، وكان أبرزها القانون رقم 106 لسنة 2013 في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولائحته التنفيذية الصادرة بموجب القرار الوزاري رقم "37" في العام نفسه.
وكان أبرز المؤتمرات التي نظمتها في ديسمبر 2017، حينما استضافت الكويت مؤتمراً وزارياً ناقش قضية "مكافحة الإرهاب"، بمشاركة 70 دولة.
وفي عام 2017، وفي خطوة عملية لمواجهة الإرهاب، دشنت الكويت مع السعودية وقطر والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان والولايات المتحدة، "مركز استهداف تمويل الإرهاب".
يهدف المركز إلى قطع تمويل الأنشطة الإرهابية، وتصنيف الأفراد والكيانات الممولة للإرهاب، وإعلان قوائم الأفراد والكيانات المتورطة، وبناء شراكات وثيقة بين شركاء المركز، وفرض الجزاءات بحق المتورطين، وتوفير المساعدة الفنية وبناء قدرات للجهات والدول التي تطلب ذلك.
استراتيجيات مرنة وفعالة
يرى المحلل السياسي والمستشار الأمني الكويتي الدكتور ناصر المصري، أن المؤتمر يعكس أهمية وعي المنطقة بالتحديات الأمنية المتزايدة في ظل الوضع السياسي والأمني المضطرب.
ويشير إلى أن الهدف من هذا المؤتمر هو "إيجاد استراتيجيات مرنة وفعالة لمكافحة الإرهاب، وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي والإقليمي، وتبادل المعلومات، وتقوية أنظمة أمن الحدود، التي تعد خط الدفاع الأول ضد الجماعات المتطرفة والأنشطة الإرهابية".
كما يعتقد في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن الهدف الأساسي من هذا المؤتمر هو "تبادل الخبرات وبناء آليات مشتركة بين الدول المشاركة، لتعزيز الأمن والتصدي لخطر الإرهاب العابر للحدود، وتحسين أدوات الرقابة والتتبع، خاصة عبر تبني التكنولوجيا الحديثة، للتصدي للتسلل غير القانوني وتدفقات الأسلحة والتمويل غير المشروع، فضلاً عن تعزيز قدرات الدول الإقليمية على الاستجابة السريعة للتهديدات من خلال آليات تنسيق مشتركة".
أما بخصوص مدى أهمية مخرجات المؤتمر في الوضع الراهن، فقال إنها تعتمد بشكل كبير على "جدية المشاركين في الالتزام بتوصياته وتفعيلها عملياً، بالنظر إلى حالة الاضطراب في المنطقة، التي تتسم بتزايد نشاط الجماعات الإرهابية والصراعات الإقليمية".
وإذا نجح المؤتمر في وضع آليات فاعلة لتنسيق الجهود وتطوير استراتيجيات مشتركة، وفق المصري، "فقد تشكل هذه المخرجات خطوة مهمة نحو تقليل التهديدات الإرهابية وتعزيز أمن الحدود، مما ينعكس إيجاباً على استقرار المنطقة بأسرها".
في الوقت ذاته، يطرح المستشار الأمني سؤالاً حول "كيف ستتصدى دول المنطقة بالتعاون مع بقية دول العالم والمنظمات الدولية، للإرهاب الإسرائيلي والدول الداعمة له، وكذلك الإرهاب الإيراني والمليشيات التابعة له في العراق وسوريا ولبنان واليمن".
ويعتقد أن ذلك يعتبر "من التحديات الكبيرة والمعقدة التي تواجه المنطقة"، موضحاً: "التعاون الدولي مطلوب هنا، ليس فقط لضمان الأمن؛ بل لخلق توازن عادل يستند إلى القوانين الدولية ويمنع أي دولة أو جماعة من استغلال نفوذها لإثارة الفوضى والعنف".
ويؤكد أن دول المنطقة بإمكانها بالتعاون مع المجتمع الدولي، أن تتبنى عدة خطوات عملية لمواجهة هذا النوع من الإرهاب من خلال "تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بما يمكّن دول المنطقة من العمل مع حلفاء دوليين خارج نطاق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي- مثل (روسيا والصين وكوريا واليابان وجنوب أفريقيا والهند وماليزيا وإندونيسيا والبرازيل)، ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة- لتبادل المعلومات الاستخباراتية الدقيقة حول أنشطة هذه الدول والجماعات".
"عملية دوشانبي"
هذا المؤتمر الحديث الذي ينعقد في الكويت، يأتي بالأساس استكمالاً لمؤتمرات سابقة كانت طاجيكستان قد أطلقتها، تحت اسم "عملية دوشانبي"، بهدف تحديد الممارسات الفعالة لمنع تمويل الإرهاب وإيقافه، وإنشاء منتدى لمناقشة الخبراء حول كيفية الرد على الأساليب المتطورة التي تستخدمها المنظمات الإرهابية لتمويل أنشطتها والهياكل.
وكان الحدث منبراً للتداول بشأن التحديات المعقدة والمتعددة الأبعاد التي تواجهها الدول الأعضاء، وتبادل الخبرات والدروس المستفادة والممارسات الجيدة في مكافحة تمويل الإرهاب.
مؤتمر دوشانبي هو أول مؤتمر إقليمي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة في سلسلة من فعاليات متابعة للمؤتمر الرفيع المستوى الأول لمكافحة الإرهاب الذي عقده الأمين العام أنطونيو غوتيريش، بنيويورك، في يونيو 2018.
واشترك في عقدها حكومة طاجيكستان بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، قبل أن تنضم الكويت لاحقاً إلى الجهات المنظمة للمؤتمر.