في 2025/06/12
كامل جميل - الخليج أونلاين
يمثل رفع اسم الداعية الكويتي حجاج بن فهد العجمي من قوائم العقوبات الدولية المتعلقة بالإرهاب، إنجازاً لدبلوماسية الكويت، التي تسعى لرفع أسماء عدد آخر من مواطنيها، من هذه القوائم.
تشير التحركات الكويتية إلى أن البلد الخليجي تحلّى بالصبر والعقلانية، فاتخذ خطوات دقيقة بدءاً من جمع الأدلة، والتنسيق مع جهات دولية، إلى الاستماع الشخصي للمتهمين.
رفع العقوبات عن العجمي، الذي أعلن الثلاثاء (10 يونيو الجاري)، ينهي تجميد الأصول وحظر السفر المفروضة عليه، بعد مراجعة دقيقة أظهرت تغير سلوكه وندمه العميق على ما ارتكبه في الماضي.
بالنسبة للكويت، رفع الأسماء يعني استعادة كرامة مواطنيها، وتعزيز ثقتها بأن القضاء ولا شيء سواه هو الفيصل، وفي الوقت ذاته يبعث رسالة قوية للعالم أن هذه الدول تشارك في الوقوف بوجه الإرهاب وتحمي حقوق الإنسان.
ولعل ما بين الأسطر الأهم هو تأكيد أن هذه الخطوة لم تكن مجرد إجراء شكلي، بل ترجمة لطموح دولة تؤمن بأن مكافحة الإرهاب تبدأ بالعدالة.
من هو حجاج العجمي؟
العجمي من مواليد الكويت عام 1987.
له العديد من المحاضرات والمؤلفات الدينية ويتابعه الملايين على حساباته بشبكات التواصل.
ناشط اجتماعي، وأحد أعضاء حزب الأمة الكويتي، ذي التوجه الإسلامي.
رئيس الهيئة الشعبية لدعم الثورة السورية، وأحد أبرز الداعمين للفصائل الإسلامية المسلحة في سوريا.
أدرجت الخزانة الأمريكية اسمه على قائمة الإرهاب عام 2014 وجرى تجميد حساباته البنكية ووقف جميع المعاملات الحياتية العادية باستثناء الإجراءات الصحية.
قال في إحدى الندوات إنه خُدع وفعل ما فعله بداعي الدفاع عن الإسلام.
قال إنه كان يعتقد أن مشكلة التطرف تقتصر على "داعش" و"جبهة النصرة"، لكن أدرك لاحقاً أن لهاتين الجماعتين تفرعات كثيرة لخداع المتعاطفين وتفادي التصنيف الدولي.
نفى تورطه في أي عمل إرهابي.
نجاح دبلوماسي
بعد رفع اسم العجمي من قوائم الإرهاب أعلن وزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا، نجاح جهود بلاده في شطب اسم الداعية من قائمة عقوبات مجلس الأمن.
وقال اليحيا، في تصريح صحفي نقلته وسائل إعلام كويتية: "نبارك لحجاج، وربنا يوفقه".
بدوره، علق الداعية الكويتي محتفياً بالقرار: "اللهم لك الحمد، رُفع اسمي من قائمة العقوبات بمجلس الأمن، وثبوت البراءة من التهم الموجهة".
وأضاف: "الشكر لله ثم لجهود وزارة الخارجية على مساعيها، ممثلة بمعالي الوزير عبد الله اليحيا، وأخص بالشكر السفير حمد المشعان؛ فقد كان نعم الأخ والسند، وللفريق العامل معه ولوفد الكويت الدائم بمجلس الأمن".
وسبق أن نفى العجمي، في حديث لـ"الخليج أونلاين" عام 2016، تورطه بأعمال "إرهابية"، عاداً إلصاق تهمة "داعش" به تهدف إلى "تحجيمه عن الأعمال الإنسانية والإغاثية".
وكانت منظمة أمريكية زعمت اشتراك العجمي في قتل مواطنين مسيحيين بالعراق وسوريا، من خلال تمويل تنظيم "داعش".
وحول ذلك أكد العجمي أن "هذه التهمة ساقطة بالقطع، ولا دليل عليها"، مستشهداً بأحكام البراءة التي حصل عليها من القضاء الكويتي، في قضايا تمويل الإرهاب، وذلك فيما يخص العمل في سوريا.
وأشار الداعية الكويتي إلى أنه "لم يكن طرفاً في حرب أهلية أو نزاع بين الفصائل"، لافتاً إلى أن "داعش" يتم طبعها على كل ما يراد شيطنته وتحجيمه عن القيام بدوره الإنساني تجاه القضية السورية".
وشدد على أن نشاطه في سوريا اقتصر على العمل الخدمي والإنساني والإغاثي، مثنياً على وزارة الخارجية الكويتية، وأكد أنها "متعاونة معي في غاية التعاون، وهي تعلم يقيناً خلو ساحتي من هذه التهمة الجائرة، وذلك عبر المحاكم الكويتية".
سعي كويتي مستمر
من أبرز الشخصيات الكويتية المدرجة ضمن قوائم الإرهاب الدولية، بالإضافة إلى حجاج العجمي: حامد حمد حامد العلي، ومبارك مشخص سند مبارك البذالي، ومحسن فاضل عايد عاشور الفضلي.
لسنوات، أطلقت الكويت جهوداً دبلوماسية وقضائية لإزالة أسماء مواطنيها من قوائم الإرهاب الدولية، وفي عام 2021 نجحت في شطب أسماء عدد منهم، بينهم عادل رويسان الظفيري، ومحمد عبد الرزاق كردوش العنزي.
وقبل عامين كشف مساعد وزير الخارجية الكويتي لشؤون التنمية والتعاون الدولي، السفير حمد المشعان، عن أن أمين المظالم في مجلس الأمن، ريتشارد مالانجوم، التقى مع ثلاثة كويتيين واثنين من فئة المقيمين بصورة غير قانونية (البدون) المدرجين في القائمة السوداء للمطلوبين دولياً.
وأمين المظالم هو الشخص المعني بتقييم أي شخص يوضع على قوائم الإرهاب الخاصة في مجلس الأمن.
وأوصى أمين المظالم في تقرير له، بعد لقائه بالأشخاص الخمسة ومناقشة أسباب فرض مجلس الأمن العقوبات عليهم، بإبقاء الكويتيين الثلاثة في قائمة العقوبات، وأوصى برفع العقوبات عن الاثنين (من البدون)..
واستمرت المساعي الكويتية في عقد جلسات داخل مجلس الأمن، لمناقشة أسباب عدم رفع العقوبات عن الكويتيين الثلاثة، حيث يحظى هذا الملف باهتمام كبير من وزارة الخارجية.
رفع اسم العجمي ومن سبقوه جاء بعد مؤازرة قانونية ونقد ذاتي صادق من الكويت، إذ أثبتت أن مكافحة الإرهاب لا تُقاس فقط بالقوائم السوداء، بل تُبنى أيضاً على العدالة القانونية وندم المتهمين.