ثقافة » نشاطات

برنامج مرتقب.. جهود قطرية في دعم الحرف الفنية التقليدية

في 2024/09/28

متابعات- 

تواصل دولة قطر جهودها الحثيثة للحفاظ على الحرف الفنية التقليدية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من هويتها الوطنية، بما تمثله من تراث وثقافة غنية، حيث تتعرض هذه الحرف للخطر من خلال نسيانها أو عدم توارثها بين الأجيال بسبب التطور السريع والتكنولوجيا الحديثة.

وتتجلى الجهود القطرية في هذا المجال من خلال البرامج والمهرجانات والمعارض التي تهدف إلى إعادة إحياء هذه الفنون وتعزيز قيمتها في المجتمع، ومن المقرر أن تشهد البلاد، في أكتوبر المقبل، برنامجاً جديداً يهدف إلى تعزيز هذه الجهود، وهو ما يعتبر خطوة استراتيجية أخرى نحو دعم الحرف التقليدية.

جهود حثيثة

تمثل الحرف التقليدية في قطر، مثل النسيج، وصناعة الفخار، والسدو، والحلي، جزءاً من التراث الثقافي الذي يعكس تاريخ البلاد وهويتها.

ومع تصاعد التحديات التي تواجهها هذه الفنون، بذلت قطر جهوداً مكثفة للمحافظة عليها، إذ تعتبر هذه الحرف وسيلة لربط الأجيال الشابة بتراثها وتعزيز الهوية الوطنية في عصر العولمة.

وبدورها كشفت مؤسسة قطر عن إطلاق برنامج "حرفتي" في بيت آل خاطر التراثي بالمدينة التعليمية، الذي سيقام من أكتوبر المقبل حتى يونيو 2025.

ويهدف البرنامج إلى استكشاف التراث الغني للحرف القطرية والإسلامية، مع تمكين أفراد المجتمع من الحفاظ عليها وتطويرها، وذلك بإشراف مجموعة من الفنانين المتميزين.

وأشارت المؤسسة إلى أن الهدف من البرنامج هو تطوير الحرف الفنية والتقليدية، حيث سيُتاح للمشاركين فرصة التعرف على فنون الزخرفة الإسلامية والنباتية، والرسم الخاص بالمصممين، والرسم التقليدي.

إضافة إلى ذلك، ستُقدم لهم دورات اختيارية للتعمق في تخصصات مثل الخزف، والأعمال الخشبية، والمنسوجات، والنحت على الجص، والرسم الزخرفي، كما سيكتسبون معرفة بخصائص الحرف التقليدية، والمفردات الأساسية لعناصر التصميم، وكيفية تحويل المواد الخام مثل الأرض، والحجارة، والنباتات، والراتنجات إلى ألوان.

هوية وتراث

ويقول المؤرخ والكاتب سلطان الجاسم، إن الجهود القطرية للحفاظ على الحرف التقليدية مهمة جداً، لأنها مهن آبائنا وأجدادنا ومصدر رزقهم، مشيراً إلى أن كثيرين في دول الخليج استفادوا من المهن التقليدية التي ورثوها من آبائهم، وهذا شيء مهم لأنها أساس المجتمعات الخليجية.

ويوضح في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن كثيراً من الخليجيين توارثوا هذه المهن القديمة وحافظوا عليها؛ لأنها تمثل الهوية والتراث، وكانت أساس المجتمع القطري والخليجي بشكل عام.

ويرى الجاسم أن الحرف اليدوية القديمة لها تأثير كبير على الهوية وتراث القطريين، حيث إن الدولة مهتمة اليوم بالتراث القديم بشكل كبير؛ لأنها من هوية البلاد، مشيراً إلى اهتمام الدولة بالمعالم التراثية كسوق واقف وغيرها من المباني والمتاحف.

ويؤكد أن الحرف اليدوية كان لها دور كبير في مختلف مناحي الحياة، بناء المنازل على سبيل المثال، حيث كان يستخدم الحرفيون سابقاً مواد بسيطة كالجص الأبيض وسعف النخيل التي كانت تعمل بمهارات يدوية وتدخل في أساس المواد البنائية، وكان يشارك في بناء المنزل البناء والجصاص والحداد والنجار وغيرهم من الحرفيين.

ويلفت الجاسم إلى أن هناك مهناً أخرى عديدة قديمة، مثل السدو، وهي صناعة الكراسي والمخدات القديمة من القماش، كان يستخدمها القدامى كثيراً، لا سيما الذين يسكنون الصحارى، كما أن كثيراً من المنازل القطرية اليوم تمتلك هذه الحاجات التقليدية التي تتميز بأقمشتها الملونة بالأحمر والأزرق والأخضر.

ويردف: "بعض العائلات في قطر حملت أسماء المهن اعتزازاً بالحرف التي كان يعمل فيها آباؤهم وأجدادهم، مثل الصايغ (الذي يعمل في الذهب)، وأيضاً عائلات السماك والقطان (الذي ينظف القطن ويعمل فيه)، والخياط والوزان (الذي يعمل بالوزن والميزان)، والتتان (الذي يبيع التتن)، والخواص (الذي يعمل في صناعة الأدوات من سعف النخيل)، وغيرها من العائلات".

وحول البرنامج القطري المرتقب يرى الكاتب والمؤرخ أنها خطوة مهمة لدعم المهن والحرف القديمة في البلاد، ومن المتوقع أن يكون هناك إقبال كبير من الزوار، وسيكون له مردود إيجابي كبير على المجتمع.

ويؤكد الجاسم أن البرنامج خطوة مهمة لدعم ونجاح هذه المهن والاهتمام بها، وتشجيع المحترفين والممارسين لها، وقد تكون هناك برامج أخرى من قبل الدولة داعمة لهذه المهن التقليدية، وقد يكون لها مبانٍ أو مواقع خاصة للحفاظ عليها.

مراكز دعم الحرف

تسهم قطر بشكل كبير في تنظيم المهرجانات والفعاليات التي تحتفي بالحرف الفنية التقليدية، وذلك لجذب الأنظار نحو أهمية الحفاظ على هذا التراث، وتعزيز قيمته في المجتمع المحلي والدولي، وهذه الفعاليات لا تعد فرصة للترويج فقط، بل هي أيضاً منصة للابتكار وتعزيز التفاعل بين الأجيال الشابة والحرفيين.

ومن بين المبادرات الهامة التي أطلقتها قطر هي إنشاء مراكز ومؤسسات متخصصة تهدف إلى الحفاظ على الحرف التقليدية وتعليمها، وعلى سبيل المثال، يعمل "مركز الحرف التقليدية" على تقديم برامج تدريبية للحرفيين، إضافة إلى توثيق المهارات التقليدية من خلال مشاريع توثيقية وإنتاجية تعزز من استدامة هذه الفنون.

ويعتبر مهرجان الحرف اليدوية التقليدية أحد أبرز الفعاليات التي تنظمها قطر سنوياً للاحتفاء بالحرف والفنون التراثية، حيث تقدم الحرف التقليدية والمشغولات اليدوية في مهرجان "كتارا للمحامل التقليدية".

وتمثل هذه المهرجانات -وفقاً لوكالة الأنباء القطرية "قنا"- نموذجاً للعلاقة الوطيدة بين المنفعة والجمال في أدوات وجماليات المهن والحرف المرتبطة بالتراث البحري، إلى جانب ارتباطها الوثيق بالطبيعة، ما يجعل منها عناصر صديقة للبيئة والإنسان.

يتيح المهرجان الفرصة للحرفيين من مختلف أنحاء قطر والمنطقة لعرض أعمالهم والتواصل مع الجمهور، مما يعزز من قيمة هذه الفنون التقليدية ويعيد إحياء الاهتمام بها.

إضافة إلى ذلك، تسعى قطر إلى توفير الدعم القانوني للحرفيين من خلال حماية حقوقهم الفكرية، وضمان عدم انتهاك تصميماتهم أو حرفهم من قبل الآخرين، هذه الخطوة تعتبر هامة في حماية التراث الحرفي وضمان استمراريته عبر الأجيال.