متابعات
تُعد الاستثمارات الأدبية في المملكة العربية السعودية جزءاً لا يتجزأ من رؤيتها الطموحة 2030، التي تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة لتكون أحد المراكز الثقافية الرائدة عالمياً.
هذه الاستثمارات ليست مجرد دعم للكتاب والنشر، بل هي استثمار شامل في صناعة الثقافة، حيث تتداخل مع الاقتصاد والتعليم والسياحة لتعزيز التنمية المستدامة.
استثمارات أدبية
وبلغ عدد دور النشر المسجلة في المملكة خلال العام الحالي وحتى نهاية ربعه الثالث، 500 دار نشر، في حين وصلت قيمة الاستثمارات السنوية في قطاع الأدب والنشر والترجمة إلى نحو 1.2 مليار دولار.
وقد أسهمت هذه الاستثمارات -وفق صحيفة "الوطن" السعودية- في تحقيق 9 مستهدفات رئيسة، منها نشر المعرفة، وتعزيز الوعي الثقافي والفكري، وتحسين جودة الحياة.
وفي ملتقى الأدباء الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة في السودة بمنطقة عسير، تم تسليط الضوء على موقع المملكة في مجال صناعة الكتب بين الدول العربية.
وكشفت الإحصائيات أن المملكة أنتجت أكثر من 20 ألف إصدار خلال خمس سنوات منذ عام 2015، مما يبرز تقدمها في هذا المجال، وأكد المتحدثون أهمية الاستفادة من الجهود السابقة في قطاع النشر لتحويلها إلى صناعة مستدامة تعتمد على معايير عالمية تستجيب للتحولات المستقبلية في صناعة النشر.
وأشاروا إلى التحولات التي طرأت على هذا القطاع، حيث أصبح الوكيل الأدبي، والكشاف، وشركات العلاقات العامة شركاء جدداً في دعم المؤلفين واكتشاف المواهب الأدبية وتسويق المحتوى على المستويين المحلي والعالمي.
وفي السياق ذاته، تم التشديد على أهمية التحول الرقمي في صناعة الكتاب، مما يتيح وصولاً أوسع للقراء العرب حول العالم، خاصة في دول المهجر، ويعزز استثمار دور النشر في التكنولوجيا الرقمية للوصول إلى جمهور أوسع.
أهمية ثقافية
ويقول الناقد والأكاديمي د. سعد التميمي، إن الاستثمارات الأدبية بالسعودية من العوامل التي تساعد في تعزيز الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة، وبشكل خاصٍّ الثقافية.
ويضيف التميمي لـ"الخليج أونلاين"، أن هذه الاستثمارات تشكل منصة لتعزيز الهوية الثقافية والتنوع الأدبي في المملكة، من خلال دعم الكُتّاب والمبدعين، كما يمكن أن تسهم هذه الاستثمارات في نشر الأدب السعودي في العالَمين العربي والعالمي، مما يرفع مكانة السعودية باعتبارها مركزاً ثقافياً على مستوى العالم.
ويشير إلى أن الاستثمار في الأدب يعزز السياحة الثقافية من خلال الفعاليات الأدبية والمهرجانات التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
وتحافظ الاستثمارات الأدبية على الهوية الثقافية السعودية، كما يرى التميمي، إذ تُمكّن الأدباء السعوديين من التعبير عن ثقافتهم وتجاربهم الشخصية وأسلوب حياتهم من خلال الأدب والنشر والترجمة.
ويتابع: "الأدب السعودي يمكنه أن يُظهر للقارئ المحلي والدولي ثقافة المملكة الغنية والمتنوعة".
إقبال كبير
كشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، عن نمو زوار معارض الكتاب بنسبة 22% خلال عام 2023، حيث استقطبت المعارض 2.2 مليون زائر.
كما بلغت قيمة الجوائز الممنوحة في إطار جائزة القلم الذهبي للرواية العربية 2.7 مليون ريال (720 ألف دولار)، في حين وصلت قيمة جوائز جائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة إلى نحو 200 ألف دولار.
وشهدت مبادرات الترجمة تقدماً ملحوظاً مع ترجمة 3116 كتاباً تحت إشراف المرصد السعودي للترجمة، إضافة إلى 2763 كتاباً ومقالة ضمن مبادرة "ترجم"، التي حققت 66% من إنتاجها في مجال الكتب و34% في المقالات.
وذكرت صحيفة "الوطن" السعودية أن الإنتاج الأدبي السعودي شهد طفرة بفضل تعزيز الكتب الصوتية، والمنصات الرقمية، والمحتوى الرقمي، حيث قامت هيئتا الأدب والنشر والترجمة والمكتبات بدور رئيسي في تطوير القطاع من خلال 8 أدوار، منها تنشيط المكتبات كمراكز ثقافية، وتعزيز الوعي المعلوماتي، ودعم ثقافة القراءة والنشر، وتعزيز التحول الرقمي في خدمات المكتبة.
وتركز هيئة الأدب والنشر والترجمة على تحقيق مستهدفات متعددة لتعزيز المشهد الثقافي، منها:
دعم الكُتّاب والمترجمين والناشرين.
تيسير الحصول على التمويل.
إطلاق برامج تعليمية متخصصة في مجالات الأدب والنشر والترجمة.
وضع اللوائح التنظيمية وتعزيز استثمارات القطاع الخاص.
تقديم منح دراسية للمواهب الواعدة.
تطوير بنية تحتية داعمة للإنتاج الأدبي.
إطلاق برامج تدريب احترافية.
تأسيس دار نشر سعودية لدعم المؤلفين المحليين.
وتعكس هذه الجهود استراتيجية شاملة تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز ثقافي عالمي ودعم المواهب المحلية للنهوض بقطاع الأدب والنشر.
وتتجلى أهمية هذا القطاع في دعم الهوية الوطنية، وتشجيع الإبداع الفكري، وخلق فرص عمل جديدة، كما أن هذه المبادرات تسهم في بناء مجتمع معرفي متكامل قادر على المنافسة عالمياً، في وقت يشهد فيه العالم تحولات ثقافية واقتصادية كبرى.