كامل جميل - الخليج أونلاين
في إطار توجه الحكومة السعودية نحو تعزيز الهوية الوطنية، ونشر ثقافة الاعتزاز بالتراث بين الأجيال الشابة، الذي يتضمن اللباس التقليدي، يأتي قرار إلزام طلاب المدارس الثانوية الحكومية بارتداء الزي الوطني، باعتباره من القيم العليا التي تسعى المملكة إلى تأصيلها داخل المجتمع.
الزي الوطني يعدّ من الرموز المتجذرة في ثقافة السعودية، ويحرص السعوديون على ارتدائه بفخر في حياتهم اليومية والمناسبات الرسمية والاجتماعية.
يتكون الزي السعودي التقليدي للرجال من:
الثوب الأبيض، وهو لباس طويل فضفاض يتناسب مع طبيعة المناخ الحار.
الشماغ أو الغترة التي توضع على الرأس وتثبت بالعقال الأسود.
في المناسبات يضيف السعوديون على هذا الزي عباءة أنيقة تضفي مظهراً من الهيبة والرقي.
زي المدارس الثانوية
الجمعة (31 يناير 2025)، أعلنت وزارة التعليم السعودية فرض التقيد بالزي الوطني على طلاب المدارس الثانوية الحكومية والأهلية، ويستثنى من ذلك طلاب المدارس الأجنبية.
وأوضحت الوزارة أن ذلك يأتي تنفيذاً لتوجيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، الهادفة إلى "غرس المبادئ والقيم وتعزيز الانتماء الوطني ورفع الوعي بأهميته وتعظيم أثره لدى الشرائح المستهدفة"، وفق وزارة التربية.
الوزارة أشارت إلى أن الزي الوطني يرسخ للهوية الوطنية كجزء أصيل ضمن مستهدفات تحقيق رؤية المملكة 2030، مؤكدة أن اعتماده في المدارس يمثل "خطوة لتوثيق ارتباط أبنائنا بوطنهم وهويتهم السعودية الأصيلة".
القرار جاء بعد أقل من عام من فرض ارتداء الزي الوطني على منسوبي القطاع الحكومي، وذلك في أبريل 2024.
ويلزم القرار الموظفين بارتداء الزي الوطني طوال فترة وجودهم في مقرات العمل، ما عدا أولئك الذين تقتضي طبيعة عملهم ارتداء "زي مهني" معيّن على غرار الأطباء والممارسين الصحيين والمهندسين ونحوهم.
تعزيز الهوية الوطنية
يأتي فرض الزي الوطني مع مواصلة الحكومة السعودية تنفيذ سياسات تعزز الهوية الوطنية من خلال التعليم والثقافة، وهو ما يتماشى مع رؤية 2030، التي تسعى إلى ترسيخ القيم الوطنية والاعتزاز بالإرث الثقافي للبلاد.
والزي السعودي يرتبط بالهوية الوطنية والتقاليد العربية التي تمثل تاريخاً يتربع على جزيرة العرب، وقيم المجتمع الخليجي الذي ورث تقاليد أسلافهم التي تشمل العديد من التصنيفات ومنها نوعية الملابس وطريقة ارتدائها.
ويعبر الزي السعودي عن قيم المجتمع مثل الاحتشام والوقار، فضلاً عن أن ارتداءه يعكس الاعتزاز بالتراث العربي والإسلامي، خاصة خلال المناسبات الوطنية والدينية مثل اليوم الوطني السعودي ويوم التأسيس.
وتعزز المناسبات الرسمية والاجتماعية من أهمية الزي التقليدي، وعلى الرغم من تطور قطاعات الأعمال في المملكة، وإقبال الشركات العالمية لتأسيس مقار لها فيها، ونمو الجذب السياحي، لكن السعوديين أثروا بضيوفهم الذين تجدهم في كقير من المناسبات يرتدون الزي السعودية.
وسبق أن ظهر مشاهير أجانب يرتدون الزي السعودي، لا سيما لاعبي كرة القدم كرستيانو رونالدو وكريم بنزيا ونيمار، إضافة إلى مغني الأوبرا الإيطالي، أندريا بوتشيلي خلال حفلته في مهرجان شتاء طنطورة.
إشادات واسعة
القرارات التي تفرضها المملكة حول ارتداء الزي الوطني، نالت تأييداً واسعاً وكبيراً من قبل المجتمع، وهو ما تأكد من خلال مقالات تناولت أهمية الالتزام بارتداء هذه الملابس.
تناول الكاتب محمد عبد العزيز السالم في مقالته بصحيفة "البلاد" حملت عنوان "الزي الوطني"، تمسك السعوديين بزيهم الوطني رغم تأثر العديد من المجتمعات العربية باللباس الغربي.
وأشاد بجهود أنظمة العمل التي تحرص على التزام المواطنين بارتداء الثوب والغترة في أماكن العمل والدوائر الحكومية.
وفي مقال آخر له بنفس الصحيفة، أكد السالم على أهمية ارتداء الزي الوطني السعودي خلال مباريات كأس العالم 2034 التي ستحتضن مبارياتها السعودية.
وفائدة ذلك وفق قوله تتمثل بما يلي:
تعزيز الهوية الوطنية؛ حيث يظهر الجمهور بثوبه التقليدي في المدرجات.
يصبح اللباس التقليدي جزءاً من الأجواء الاحتفالية.
يمنح الجماهير شعوراً بالانتماء والتكاتف خلف المنتخب.
تُعرّف العالم بالتراث السعودي بطريقة بصرية مميزة.
من جهته يرى الكتاب عبد الوهاب الفايز، في مقال بصحيفة "الجزيرة"، أن فرض الزي الوطني على فئات معينة تأتي في هذا السياق لأنها "تمس هوية الدولة وتكرس شخصية المواطن السعودي".
ويقول: "الذي نتطلع إليه هو التوسع في تعزيز هوية بلادنا وتربية أبنائها على الاعتزاز والاحتفاء بكل ما يربطهم ببلادهم".
ويرى أن "هذا مهم العمل عليه لتربية الأجيال المتتالية للدولة التي تتطلع إلى عقود قادمة من الاستقرار والازدهار الاقتصادي والاجتماعي".
من جانبه تحدث الكاتب محمد الرشيدي في مقال بصحيفة "الرياض" حمل عنوان "أن تكون سعودياً" حول أهمية ارتداء الزي السعودي الرسمي في المحافل الدولية.
تطرق الرشيدي إلى حفل تخرج ابنه من جامعة جورج واشنطن، ويقول إنه حضر إلى حفل تخرج ولده مرتدياً الزي السعودي، مؤكداً أن ذلك يعكس الفخر بالوطن ويشكل رسالة ثقافية وحضارية تعزز مكانة السعودية عالمياً.
ووفق قوله فإن:
الزي السعودي رمز ثقافي حضاري يعبر عن الهوية السعودية بطريقة سلمية ومنسجمة مع الحضارات الأخرى.
في ظل التوهج السعودي العالمي بات الزي الوطني يُربط بالمكانة الاقتصادية والسياسية للمملكة.
حضور السعوديين في الجامعات العالمية بزيهم الرسمي يعزز صورة المملكة بعيداً عن الصور النمطية التي روجتها بعض وسائل الإعلام الغربية.
أما الكاتب د. علي آل شرمة فقد شدد في مقاله بصحيفة المدينة، على أهمية ارتداء الزي الوطني السعودي بين الشباب، داعياً إلى حملة شعبية على عدة مستويات لتحفيزهم على التمسك به.
وأهم ما جاء في مقالة آل شرمة التي حملت عنوان "الزي الوطني.. هوية الأمة وعنوان حضارتها":
ضرورة مشاركة وسائل الإعلام والمؤثرين وأئمة المساجد في التوعية بأهمية الحفاظ على الزي السعودي المتميز كرمز للهوية والأصالة.
يجب نصح الشباب بعدم التقليد الأعمى للثقافات الأخرى.
الاعتزاز بالتراث والتقاليد هو مفتاح الحفاظ على الهوية الثقافية.
الانفتاح على العالم والتقدم العلمي لا يعني التخلي عن العادات والتقاليد، بل يجب أن يكون الشباب متمسكين بماضيهم ليبنوا مستقبلهم.