ثقافة » تربية وتعليم

ترحيل وتهديد.. طلاب الخليج في أمريكا بمواجهة المجهول

في 2025/04/19

وكالات

في خطوة مثيرة للجدل، ألغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً وضع آلاف الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة بينهم من دول الخليج، وهو ما يعرضهم لخطر الترحيل الفوري. 

تشير التقديرات إلى أن أكثر من 4,700 طالب قد أُزيلوا من قاعدة بيانات "SEVIS"، التي تتعقب امتثال الطلاب الدوليين لتأشيراتهم، منذ تولي ترامب منصبه في يناير 2025، حيث تشمل هذه الإجراءات طلاباً ألغيت تأشيراتهم بسبب مخالفات بسيطة أو تهم تم إسقاطها، وهو ما أثار تساؤلات حول مشروعية هذه الإجراءات.

وهذه الإجراءات ليست سوى أحدث وأشد المراحل توتراً في تاريخ طويل من الشك تجاه الطلاب الأجانب، فكيف ستتعامل الحكومات الخليجية مع ما يتعرض له طلابها، خصوصاً ممن اقترب تخرجهم في جامعاتهم، ما قد يؤثر سلباً على حياتهم التعليمية؟

طلاب كويتيون وسعوديون

في بيانٍ لرابطة الطلاب المسلمين في ولاية نورث كارولينا، أشارت إلى إلغاء وضع طالبين سعوديين أحدهما يدعى "صالح الجُراد"، وكانا يدرسان الهندسة الدولية، مضيفة: "نشعر بحزن عميق وغضب شديد بسبب المغادرة القسرية الأخيرة لطالبين من جامعة ولاية نورث كارولينا تم إنهاء تأشيرات دراستهما بشكل غير عادل".

وأضاف البيان أن "المنظمة الطلابية تدعو إلى الشفافية الكاملة في عملية إلغاء تأشيرات الطلاب، وتدعو إلى إعادتها، كما تدعو إدارة الجامعة ومسؤولي الولاية والمسؤولين الفيدراليين إلى ضمان سلامة الطلاب الدوليين واحترامهم وحريتهم".

وكما غيرهم من الطلاب الأجانب، اشتكت مجموعة من الطلبة الكويتيين الدارسين في الولايات المتحدة الأمريكية من إلغاء تأشيراتهم من قبل السلطات الأمريكية مما اضطرهم إلى العودة للبلاد.

صحيفة "القبس" المحلية نقلت عنهم قولهم إن هذا الإجراء "جاء نتيجة لقرارات الإدارة الأمريكية وضمن مئات الطلبة الأجانب الذين ألغيت تأشيراتهم مؤخراً لأسباب متفرقة، مشيرين إلى أن مستقبلهم التعليمي مهدد".

وقال الطلبة: "لقد تم إبلاغنا عبر رسائل إلكترونية بسحب الفيزا، وقد خلت الرسائل من ذكر الأسباب والدوافع وراء هذا القرار"، مشيرين إلى أن بعضهم لم يتبق على تخرجه سوى وحدات قليلة، وأن قضيتهم بحاجة لحل حتى يتمكنوا من استكمال دراستهم.

رد كويتي وأمريكي

وبينما طالب الطلاب الكويتيون وزارة التعليم العالي بضرورة إيجاد الحلول عبر التواصل مع الجامعات الأمريكية، أكدت الوزارة الكويتية في بيانٍ لها (16 أبريل) اهتمامها بأوضاع الطلاب الذين تأثرت مسيرتهم التعليمية بسبب إلغاء تأشيراتهم الدراسية من جانب السلطات الأمريكية. 

كما أكدت الوزارة أنها تتابع هذا الملف متابعة حثيثة منذ بدايته، وقد باشرت فعلاً، عبر مكاتبها الثقافية في واشنطن العاصمة ولوس أنجلس، بحصر أسماء الطلبة المتأثرين والتواصل المباشر مع الجامعات المقيدين بها، وذلك للوقوف على أوضاعهم الأكاديمية، مبينة أن التعامل مع كل حالة سيتم بشكل فردي لضمان استمرار تحصيلهم العلمي.

من جانبها قالت سفارة الولايات المتحدة لدى الكويت إن واشنطن "تتبع سياسة عدم التسامح مع أصحاب التأشيرات المنتهكين للقوانين الأمريكية، بمن فيهم الطلاب".

وتنقل وسائل إعلام محلية عن المتحدث باسم السفارة، ستيوارت بيرنز، قوله: "الذين يخرقون القانون، بمن فيهم الطلاب، قد يواجهون رفضاً للتأشيرة أو إلغاءها أو الترحيل".

غضب واسع

وأصدرت عضو الكونغرس ديبورا روس، أيضاً بياناً في أعقاب إلغاء تأشيرات الطالبين السعوديين قالت فيه: "دون أي تفسير، ألغت إدارة ترامب تأشيرات طالبين من جامعة ولاية نورث كارولاينا ومئات الطلاب الآخرين في جميع أنحاء البلاد". 

وأضافت: "ينبغي أن تركز إجراءات إنفاذ قوانين الهجرة على المجرمين، وليس على الشباب حاملي التأشيرات الذين يسعون للحصول على التعليم".

ويرجع الكاتب ياسر الزعاترة، في منشور له بمنصة "إكس"، إلغاء تأشيرات الطلاب الكويتيين إلى "التعاطف مع شعبنا ومقاومتنا في فلسطين"، مضيفاً: "حتى "اللايك" يمكن أن يكون سبباً في الإلغاء، فضلاً عما هو أكثر من ذلك!".

ويرى عضو جمعية الصحفيين في الكويت، مشاري الأسود، أن إلغاء تأشيرات الطلبة الكويتيين في أمريكا "مؤشر خطير على السياسة الأمريكية الحالية"، مطالباً وزارتي الخارجية والتعليم العالي بـ"التحرك سريعاً لحل هذا الملف لأن هذا مستقبل طلاب عانوا الغربة والمجهود والمثابرة لرفعة دولة الكويت".

طلاب الخليج بأمريكا

وكان معهد التعليم الدولي كشف، في نوفمبر الماضي، أن بيانات الفترة 2023- 2024 أظهرت أن السعودية سجلت أعلى نسبة من الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة بين الدول العربية، حيث حازت المرتبة الـ12 عالمياً بنسبة 1.2% من إجمالي الطلاب الدوليين في أمريكا، بإجمالي 14,282 طالباً.

وجاءت الكويت في المرتبة الثانية بـ 5102 طالب، ثم سلطنة عُمان بـ1748، تليها دولة الإمارات بـ1571 طالباً، وقطر بـ388، وأخيراً البحرين بـ335 طالباً.

لكن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، كشف في أحدث تصريح له (15 أبريل 2025) عن وجود أكثر من 37 ألف طالب من دول المجلس في الجامعات الأمريكية حالياً.

تصعيد إدارة ترامب

منذ أوائل مارس 2025، صعدت إدارة ترامب من هجومها على الطلاب الأجانب وغير الأمريكيين في الكليات والجامعات الأمريكية في برنامج شمل إلغاء التأشيرات.

ووجهت اتهامات لهؤلاء الطلاب بالتواطؤ مع الجماعات الإرهابية، واعتقالهم في وضح النهار، ومحاولة ترحيلهم، وبعضهم يخوض معارك قضائية.

وتدعي الإدارة الأمريكية أنها تعمل على تطهير الجامعات من "الأشخاص الذين يدعمون الحركات التي تتعارض مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة"، مستشهدة بشكل خاص بأولئك الذين تتهمهم بدعم "حماس"، علماً أن بعض المعتقلين لديهم صلات طفيفة بالاحتجاجات التي اندلعت العام الماضي بسبب الحرب في غزة.

وقد صرّحت المدعية العامة المستقبلية، بام بوندي، في عام 2023، التي وصفت الاحتجاجات الواسعة بأنها "مؤيدة لحماس"، بأن "الطلاب الذين يدعمون حماس في الجامعات الأمريكية يجب إخراجهم من بلادنا، أو يجب أن يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي باستجوابهم على الفور".

وفي ولاية ترامب الأولى، وبعد قرار "حظر المسلمين" سيئ السمعة، وهو أمر تنفيذي صدر عام 2017 يحظر دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة، أعطت إدارته حينها إشارات عديدة بأن الطلاب الأجانب يشكلون تهديداً للأمن القومي وغير مرحب بهم.

قرارات غير مسببة

هذا الاستهداف للطلبة على خلفية تعبيرهم عن مواقفهم وآرائهم في الولايات المتحدة يأتي تحت عناوين غير منضبطة وغير واضحة، من وجهة نظر أستاذ القانون الدستورية في جامعة الكويت الدكتور محمد الفيلي.

وأضاف الفيلي في تصريح لـ"الخليج أونلاين" أن إلغاء سمة الإقامة أو الترخيص بالإقامة هي قرارات غير مسببة، أي إنه لم يذكر فيها أسباب إلغاء التصريح.

وأشار إلى أنه "وفقاً للأنباء المتداولة"، هناك قرار بإلغاء إقامة الطلبة الذين يعبرون عن موقف غير إيجابي مما تقوم به "إسرائيل" في غزة، تحت عنوان غير واضح، وغير منضبط، وهو معاداة السامية.

وأشار إلى أن هذه القرارات ظاهرها أن من يأخذ من الطلبة موقف في التعبير عن رأيه مما يحدث في غزة تُلغى إقامته باعتباره مخالفاً لقوانين البلاد.

بدائل للطلبة الكويتيين

وفيما يتعلق بالطلبة الكويتيين المتواجدين في الولايات المتحدة، أشار أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت، إلى أنه من الممكن الذهاب إلى فكرة "التواصل الدبلوماسي مع السلطات الأمريكية للعدول عن هذا القرار"، مشيراً إلى أن الظاهر أن هذا الخيار غير منتج، مع إدارة تقول "أنا أفعل ما أشاء"، في إشارة منه إلى إدارة الرئيس ترامب.

واستطرد الفيلي قائلاً" "البدائل العملية، تتمثل في تحويل مقر الإقامة، وبالتالي الدراسة"، مستدلاً بحالة تاريخية سابقة، حينما قام عدد من الطلبة العرب، بانتقاد الموقف الفرنسي من الأحداث في الجزائر، وحينها تم إلغاء إقامتهم، وذهبوا إلى أمريكا، واستكملوا دراستهم هناك، لأن أمريكا كانت سمعتها أن فيها جو من احترام حرية التعبير أوسع.

وأضاف: "هناك حلول أخرى، مثل الدراسة عن بُعد، خصوصاً أن هناك أنباء أن بعض الجامعات ترفض هذا القرار، وتقدم مثل هذا الحل".

وأشار الفيلي، إلى أن الدراسة عن بُعد، حل يمكن اعتماده، كما حدث خلال فترة الأوبئة "كورونا"، مضيفاً: "عندما أقول ذلك، يأتي في ذهني المقارنة بينما ما حدث في وباء كورونا، وبينما ما يحدث الآن، وأظن أن الوباء قد يمتد إلى التصرفات السياسية".

واختتم أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت، حديثه بالقول: "على كل حال، نحن أمام واقع سيء، وكونه سيء لا يعني البحث عن حلول غير مستحقة، لأن البحث عن حلول لمصلحة هؤلاء الطلبة، هو أمر مستحق".