في 2025/12/19
يوسف حمود - الخليج أونلاين
شهدت دول الخليج خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 18 ديسمبر 2025، حالة جوية استثنائية، وُصفت بأنها من الأشد خلال السنوات الأخيرة، نتيجة اندفاع كتلة هوائية باردة قادمة من سيبيريا، تزامنت مع رطوبة مدارية قادمة من بحر العرب.
وأسفرت هذه الحالة عن تساقط أمطار رعدية غزيرة، وجريان أودية، وانخفاض حاد في درجات الحرارة، وصولاً إلى تساقط الثلوج في مناطق شمال السعودية.
وجاءت هذه الاضطرابات الجوية في توقيت حساس من العام، مترافقة مع استعدادات موسمية ونشاط سياحي وتعليمي، ما دفع الحكومات الخليجية إلى اتخاذ إجراءات احترازية شملت تعليق الدراسة، وتفعيل العمل عن بُعد، ورفع جاهزية أجهزة الطوارئ، في مشهد أعاد إلى الواجهة ملف التغيرات المناخية وتأثيرها على المنطقة.
وتشير التقديرات إلى بدء انحسار الحالة الجوية تدريجياً اعتباراً من 19 ديسمبر من الجهة الغربية، مع استمرار تأثيراتها على أجزاء من سلطنة عُمان والإمارات حتى نهاية الأسبوع، فيما يُتوقع بقاء موجة صقيع على شمال السعودية خلال الفترة اللاحقة، خاصة في ساعات الفجر.
تطور الحالة الجوية
بدأت الحالة الجوية في 11 ديسمبر مع تعمّق منخفض جوي علوي، صاحبته كتلة هوائية باردة على طبقات الجو العليا، وترافق ذلك مع تدفق رطوبة كثيفة من بحر العرب وبحر عُمان، ما أدى إلى تشكّل سحب ركامية رعدية كثيفة امتدت من شمال السعودية إلى سلطنة عُمان والإمارات.
وتأثرت طبقات الجو المتوسطة (500–700 هكتوباسكال) بانخفاض كبير في درجات الحرارة، ما ساهم في رفع فرص الهطولات الغزيرة، خاصة على المناطق الجبلية.
ورافقت الحالة رياح نشطة شمالية غربية تراوحت سرعتها بين 20 و40 عقدة، ما أدى إلى تدنّي مستوى الرؤية الأفقية في بعض المناطق إلى أقل من 500 متر، مع نشاط للعواصف الرملية على الأطراف الصحراوية.
السعودية.. الثلوج تعود
سجلت مناطق شمال المملكة العربية السعودية الحدث الأبرز في هذه الموجة الجوية، مع تساقط الثلوج على المرتفعات الشمالية اعتباراً من 16 ديسمبر.
وشملت الثلوج مناطق جبل اللوز وعلقان في تبوك، إضافة إلى أجزاء من نيوم، حيث غطت الثلوج القمم الجبلية على ارتفاعات تجاوزت 1500 متر.
وفي 17 و18 ديسمبر، انخفضت درجات الحرارة في طريف وتبوك إلى ما بين 1 و4 درجات مئوية فجراً، مع تشكّل الصقيع في المناطق المكشوفة، كما أدت الثلوج والأمطار المصاحبة إلى إغلاق طرق جبلية مؤقتاً، وتحذيرات من تدنّي الرؤية والانزلاقات.
أما المناطق الوسطى، فقد شهدت أمطاراً رعدية غزيرة، خاصة في القصيم وحائل، مع تسجيل كميات تراوحت بين 30 و50 ملم، أدت إلى جريان وادي الرمة وانقطاع بعض الطرق الفرعية، فيما ترافقت الأمطار في الرياض مع نشاط رياح وتدنٍ في الرؤية، وتسجيل أعطال كهربائية محدودة تمت معالجتها خلال ساعات.
وكانت السعودية قد عطلت الدراسة في بعض المدن، حيث قررت إدارة تعليم العاصمة الرياض تحويل الدراسة ليومي الاثنين والثلاثاء (15-16 ديسمبر) عن بُعد عبر منصة "مدرستي" والمنصات التعليمية المعتمدة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء "واس".
سيول في عُمان
وكانت سلطنة عُمان ضمن أكثر الدول تأثراً بالحالة الجوية، حيث شهدت مناطق شمال الباطنة والبريمي وجبال الحجر أمطاراً متوسطة إلى غزيرة بين 13 و18 ديسمبر، وسجلت بعض الولايات هطولات يومية تراوحت بين 10 و25 ملم، مصحوبة بعواصف رعدية.
وأدت الأمطار إلى جريان عدد من الأودية، من بينها وادي الجزي ووادي بني غافر، مع تسجيل حوادث لمركبات جرفتها المياه، رغم التحذيرات الرسمية.
كما رفعت الجهات المختصة مستوى الجاهزية، وأكدت استمرار فرص الهطول حتى نهاية الفترة، خاصة على المناطق الجبلية والساحلية.
عواصف في الإمارات
ومثل الدول الخليجية الأخرى، تأثرت دولة الإمارات بجبهة جوية نشطة بدءاً من 14 ديسمبر، حيث شهدت مناطق متفرقة من أبوظبي ودبي والشارقة ورأس الخيمة أمطاراً رعدية غزيرة، مصحوبة بحبات برد في بعض المناطق، خاصة في العين وشمال الدولة.
كما تسببت الأمطار في اختناقات مرورية مؤقتة، وتدنٍ في الرؤية إلى أقل من 200 متر في بعض الطرق السريعة، وشهدت حركة الطيران تأخيرات وتحويلات محدودة، مع توجيه شركات الطيران بتعديل جداول الرحلات خلال ذروة الحالة الجوية.
وأصدرت السلطات المحلية توجيهات بتفعيل العمل عن بُعد لبعض الجهات الحكومية، كحكومة دبي التي أقرت العمل عن بُعد ليوم 19 ديسمبر، وعلقت بعض الأنشطة الإنشائية الخارجية بسبب الصواعق، إلى جانب إغلاق مؤقت لبعض الشواطئ والحدائق.
إلغاء مباراة بقطر
أما في قطر فقد شهدت حالة مطرية غزيرة (18 ديسمبر)، دفعت إلى إيقاف مباراة منتخب السعودية والإمارات لتحديد المركز الثالث في بطولة كأس العرب، قبل أن يعلن منتخب الإمارات أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قرر إلغاء مباراة المركز الثالث.
وكان المنتخبان متعادلين سلبياً بنهاية الشوط الأول من المباراة التي أقيمت في استاد خليفة الدولي، وحال تساقط الأمطار دون استئناف المباراة بعد الاستراحة.
تعطيل الدراسة بالكويت
وكانت الكويت أولى الدول المتضررة من الأحوال الجوية المتقلبة، فقد أعلنت وزارة التربية الكويتية (11 ديسمبر) تعطيل الدراسة في جميع مدارس البلاد بجميع مراحلها، وذلك بعد الاطلاع على تقارير إدارة الأرصاد الجوية بشأن توقعات الحالة المطرية.
وأكدت الوزارة في بيانها حينه أن القرار يشمل جميع المدارس الحكومية بجميع مراحلها، إضافة إلى المدارس الخاصة بمختلف أنظمتها العربية والأجنبية، ومدارس التعليم الديني والتربية الخاصة، مشيرة إلى أنه يأتي في إطار الإجراءات الاحترازية للتعامل مع الظروف الجوية.