في 2025/03/14
يوسف حمود - الخليج أونلاين
تختلف عقوبة السجن المؤبد في دول الخليج من حيث المدة والتطبيق، حيث تتراوح بين 15 عاماً إلى مدى الحياة، وفقاً لطبيعة النظام القانوني في كل دولة.
ورغم أن العقوبة تُفرض في الغالب على الجرائم الخطيرة مثل القتل والإرهاب وتهريب المخدرات، فإن بعض الدول بدأت في مراجعة هذه الأحكام في إطار إصلاحات أوسع تهدف إلى تحقيق التوازن بين العقوبة وإعادة التأهيل.
وتأتي هذه الإصلاحات وسط نقاش عالمي حول مدى جدوى عقوبة السجن المؤبد، حيث تميل بعض الأنظمة القضائية إلى تقليل المدة المحددة لها، أو منح المحكومين فرصاً للإفراج المشروط بعد قضاء جزء من العقوبة، وهو ما اتخذته الكويت مؤخراً بتعديل على هذه المدة، ما يعكس تحولاً في النهج العقابي في المنطقة.
الكويت تخفف العقوبة
في خطوة تعكس توجهاً نحو نهج إصلاحي داخل المؤسسات العقابية، قررت الحكومة الكويتية تخفيف مدة عقوبة الحبس المؤبد للسجناء في البلاد إلى 20 عاماً، بدلاً من أن تكون مدى الحياة.
القرار الذي جاء بأمر من أمير البلاد الشيخ مشعل الجابر الصباح، وبتوجيه من رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، يهدف إلى تحقيق التوازن بين العقوبة والعدالة، مع تعزيز فرص إعادة التأهيل والاندماج الاجتماعي للمحكومين.
وجاء في بيان وزارة الداخلية الكويتية (8 مارس 2025) أن تخفيف العقوبة يشمل جميع المحكومين بالسجن المؤبد، حيث لن تتجاوز مدة العقوبة 20 عاماً، مع تشكيل لجنة مختصة لمراجعة ملفات السجناء الذين قضوا هذه المدة.
وأوضح اليوسف، خلال زيارته السجن المركزي لتناول الإفطار مع النزلاء وعائلاتهم، أن "هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية الدولة لتعزيز النهج الإصلاحي والتأهيلي داخل تلك المؤسسات".
ويتضمن صدور القرار أن تكون هناك شروط للسجين، من بينها "حسن السير والسلوك وعدم تشكيل خطر على الأمن العام"، فضلاً عن أنه يجوز للنائب العام فرض "سوار إلكتروني" لمدة 5 سنوات.
أحكام المؤبد في الخليج
في دول الخليج الأخرى يختلف تعريف السجن المؤبد ومدته بين دولة وأخرى، إذ تتراوح الأحكام بين 15 عاماً وحتى السجن مدى الحياة دون تحديد سقف زمني واضح.
في السعودية لا يوجد تعريف قانوني محدد للسجن المؤبد، إذ يعتمد النظام القضائي على الأحكام التعزيرية التي قد تصل إلى السجن مدى الحياة وفق تقدير القاضي، غير أن بعض الأحكام الصادرة بسبب جرائم خطيرة، مثل الإرهاب والقتل العمد، قد تتجاوز 30 عاماً أو أكثر.
أما في الإمارات فيُعرف السجن المؤبد بأنه عقوبة تستمر لمدة 25 عاماً، وفقاً لقانون العقوبات الاتحادي، ويطبق غالباً في جرائم مثل القتل العمد والإرهاب وتهريب المخدرات، ويتيح القانون إمكانية الإفراج المشروط عن المحكومين بعد قضاء 15 عاماً في بعض الحالات.
وتحدد قطر مدة السجن المؤبد بـ 25 عاماً، حيث تطبق هذه العقوبة بشكل رئيسي في قضايا الإرهاب والقتل وجرائم أمن الدولة، وقد يُفرج عن المحكومين بعد قضاء ثلاثة أرباع المدة بناءً على قرارات العفو أو حسن السلوك.
تستمر العقوبة المماثلة للمؤبد في البحرين 25 عاماً، وتصدر في قضايا تشمل الجرائم الجنائية الكبرى، مثل القتل العمد والجرائم الإرهابية، ويجوز الإفراج عن السجين بعد قضاء 15 عاماً بناءً على قرارات تخفيف العقوبة.
يعادل السجن المؤبد في عُمان 25 عاماً وفقاً للقانون الجزائي، ويُطبق في قضايا مثل القتل العمد وجرائم المخدرات الكبرى، كما يمنح النظام القضائي إمكانية تخفيف العقوبة أو العفو في بعض الحالات.
دوافع التخفيف
يشير إعلان الكويت إلى تغير في النهج العقابي داخل دول الخليج، حيث تتزايد الدعوات لإصلاح قوانين العقوبات لتعزيز فرص إعادة التأهيل.
ويرى محللون أن الخطوة الكويتية قد تفتح المجال أمام دول أخرى في المنطقة لإعادة النظر في أحكام السجن المؤبد، لا سيما مع تزايد التركيز على حقوق السجناء وبرامج الإصلاح داخل المؤسسات العقابية.
ويقول خبراء قانونيون إن مراجعة عقوبات السجن المؤبد تهدف إلى الحد من الاكتظاظ داخل السجون، فضلاً عن توفير فرص للإصلاح والاندماج الاجتماعي، خاصة مع تصاعد التوجهات الدولية نحو إلغاء هذه العقوبة في بعض الدول.
المحامي حسين العبد الله قال في تصريح مسجل نشرته صحيفة "الجريدة" الكويتية، إن القرار له فوائد اقتصادية، حيث إن تكلفة السجين تبلغ نحو 5 آلاف دينار سنوياً (16230 دولاراً)، وخصوصاً الأجنبي، الذي ينص قانون الحكم عليه بقضاء الفترة وإبعاده، بدلاً من تقليص الفترة وإرساله إلى بلده لاستكمال العقوبة أو مراقبته.
كما يعتقد أن القرار يخفف عن المنظومة العقابية الأمنية، ويسهم في ترسيخ الصلح الجنائي بتنفيذ عقوبات مختلفة غير السجن كما يحدث في الاختلاس أو الفساد، ويعود في المقابل بالنفع على الدولة والسجين بنفس الوقت.
آفاق التغيير المحتملة
ومع إعلان الكويت تخفيف مدة المؤبد، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت دول الخليج الأخرى ستحذو حذوها، أم ستتخذ طرقاً أخرى نحو إصلاح المنظومة العقابية.
ورغم أن السعودية والإمارات وقطر والبحرين وعُمان لم تعلن خطوات مماثلة حتى الآن، فإن الضغوط المتزايدة بشأن سياسات العقوبات والإصلاحات الجنائية قد تدفع نحو تغييرات مستقبلية.
ويرى مراقبون أن هذه التغييرات قد تكون جزءاً من تحولات أوسع داخل أنظمة العدالة الجنائية في دول الخليج، حيث تسعى الحكومات إلى مواءمة قوانينها مع المعايير الدولية، مع تحقيق توازن بين العقوبة والفرص المتاحة لإعادة تأهيل المحكومين.