قضاء » قضايا

الإنتربول يوسع حضوره في المنطقة.. لماذا اختار السعودية مقراً؟

في 2025/02/04

طه العاني - الخليج أونلاين

برزت المملكة العربية السعودية شريكاً رئيسياً في الشرق الأوسط من خلال دعم المبادرات الأمنية العالمية، والتعاون الوثيق مع منظمة "الإنتربول"، والمساهمة في تطوير قدراته التقنية واللوجستية.

ويعكس اختيار العاصمة السعودية الرياض مقراً للمكتب الإقليمي للإنتربول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أهمية الدور الذي تؤديه المملكة في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي، استناداً إلى خبرتها الواسعة وإمكاناتها المتقدمة في مكافحة الجريمة والتعاون الشرطي الدولي.

مركز إقليمي بالسعودية

شهدت الرياض توقيع اتفاقية بين المملكة والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) لإنشاء مكتب إقليمي جديد للمنظمة يغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وجاء التوقيع (30 يناير) بحضور وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، ورئيس الإنتربول اللواء أحمد ناصر الريسي، حيث وقع الاتفاقية مساعد وزير الداخلية السعودي هشام بن عبد الرحمن الفالح، والأمين العام للمنظمة فالديسي أوركيزا.

ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية (واس)، جرى خلال اللقاء بين الجانبين استعراض جهود الإنتربول وتعزيز التعاون في القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك.

واعتبر وزير الداخلية السعودي أن هذه الخطوة "ستعزز من أعمال الإنتربول في المنطقة"، لافتاً إلى أن "السعودية تُعد من المؤسسين والداعمين للمنظمة منذ انطلاقتها".

من جهته قال مدير الشرطة الدولية "الإنتربول السعودي"، العميد عبد الملك آل صقيه: إن "اختيار السعودية لتكون مقراً للإنتربول دلالة على ريادة المملكة على المستوى الإقليمي والدولي".

فيما قال الريسي إن افتتاح المكتب الإقليمي في السعودية سيدعم الجوانب الأمنية في المنطقة والعالم.

واتفقت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في 24 يناير 2025، على اختيار الرياض لاستضافة المكتب الإقليمي للإنتربول في المنطقة، وذلك بإجماع الأصوات.

وجرى التصويت في مقر المنظمة بمدينة ليون الفرنسية، حيث عكس هذا القرار ثقة الدول الأعضاء بالدور الفاعل الذي تؤديه المملكة في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي، وجهودها المستمرة في مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة بمختلف أشكالها.

ويأتي هذا التوسع ضمن استراتيجية الإنتربول لتعزيز وجوده الإقليمي وتطوير آليات التنسيق الأمني لمواجهة التحديات المتزايدة في المنطقة.

عوامل وتحديات

ويقول المحلل الاستراتيجي وخبير الشؤون الإقليمية والدولية محمد عيد الشتلي، إن السعودية تؤدي دوراً مهماً في تعزيز الأمن بمنطقة الشرق الأوسط، ولديها خبرة كافية في التعامل مع الأزمات الإقليمية والدولية، "لا سيما دورها الرئيسي في القضاء على الإرهاب، وهذا أهم العوامل الرئيسية التي جعلت الإنتربول يتخذ من المملكة مقراً دائماً له".

ويضيف في حديثه لـ "الخليج أونلاين" أن "وجود مكتب إقليمي للإنتربول في الرياض يعزز ترسيخ العمل الأمني والمنظومة الأمنية للإنتربول في المنطقة، حيث تتمتع السعودية بخبرة واسعة في تبادل المعلومات الأمنية مع الدول".

ولفت الشتلي إلى دور المملكة في منع وقوع أعمال إرهابية في أوروبا والولايات المتحدة وبقية دول العالم، حيث نجحت المنظومة الأمنية السعودية في التصدي للجماعات الإرهابية في العقدين الأخيرين، مؤكداً أن وجود مركز إقليمي للإنتربول فيها سيساهم في تعزيز الأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.

ويعتقد أن مساحة السعودية الشاسعة في منطقة الشرق الأوسط وتمتعها بمنظومة أمنية قوية سيعزز دور الإنتربول الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، حيث تؤدي المملكة دوراً مهماً في تبادل المعلومات الأمنية الدقيقة والموثوقة مع دول المنطقة والعالم.

وحول أبرز التحديات التي تواجه الإنتربول في المنطقة، يرى الشتلي أن المنظمة "مقبلة على تحديات مهمة في المنطقة، لا سيما التعامل مع ملف الأزمة السورية في القبض على المطلوبين المتهمين بارتكاب جرائم الحرب من النظام السوري السابق".

وتابع أن "الإنتربول سيكون لديه ملفات مهمة في التعامل مع المطلوبين الدوليين والخارجين عن القانون في منطقة الشرق الأوسط بعد فرض عقوبات دولية على الجماعات الخارجة عن منظومة دول الشرق الأوسط في الفترة المقبلة".

بدوره يقول أستاذ العلوم السياسية د. أسعد كاظم شبيب: إن "انفتاح الإنتربول والمجتمع الدولي تجاه الدول العربية هي مبادرة جديدة وخطوة جيدة، واختيار السعودية يعني أن هناك مؤشرات إيجابية تحددت تجاه المملكة تتعلق بمراعاتها مسائل أمنية أساسية، مثل تبادل المجرمين وما يهدد السلم الدولي".

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن انتقال الإنتربول من الإطار العالمي إلى الإطار الإقليمي وافتتاح مقر له في السعودية هو بمنزلة إعطاء أهمية ودور ريادي للمملكة ودول الخليج في إعطائها صلاحية التعاون مع دول أخرى في الملفات الأمنية.

ويوضح شبيب أن فتح مقر للإنتربول في المملكة يمكن أن يساهم في تعزيز التعاون بين السعودية والإنتربول في مكافحة الجرائم العابرة للحدود، وتسليم المجرمين، انطلاقاً من المهام التي ستناط بالمملكة من خلال المقر الإقليمي للشرطة الدولية، لتعزيز السلم المجتمعي في المنطقة.

ويرى أن هناك كثيراً من التحديات قد تواجه هذا المقر، "حيث إن دول المنطقة تتسم بصفة عدم الاستقرار والتغيرات الكبيرة، وقد يلقي بظلاله على دور مقر الإنتربول بالسعودية وأداء مهامه الأمنية وفق الضوابط الدولية"، مشيراً إلى تحديات أخرى في المنطقة كالتدخلات الخارجية، والوجود الأجنبي في المنطقة وغيرها.

دعم وتعاون

يشكل التعاون الدولي ركيزة أساسية في مكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، وهو ما توليه المملكة اهتماماً كبيراً من خلال شراكاتها الاستراتيجية مع المنظمات الأمنية العالمية.

وفي هذا الإطار تعمل السعودية على دعم وتعزيز جهود الإنتربول، سواء من خلال المساهمات المالية أو تبادل الخبرات والتقنيات، بما يسهم في تعزيز الأمن الدولي ومكافحة التهديدات المتزايدة.

كما واصلت المملكة جهودها في دعم التعاون الدولي لمكافحة الجريمة عبر مساهمتها الطوعية لمنظمة (الإنتربول) في عام 2023، حيث قدمت أكثر من مليون دولار لصالح مشروع تطوير برنامج (I-CORE).

ويهدف هذا البرنامج إلى تسخير الابتكارات التكنولوجية لدعم عمليات المراقبة والتدقيق الأمني في المنافذ الحدودية حول العالم، مما يسهم في تعزيز قدرات الدول على مكافحة الجرائم العابرة للحدود والتصدي للتهديدات الأمنية المتزايدة.

ويعكس هذا الدعم التزام المملكة بتعزيز التعاون الأمني الدولي، حيث تواصل أداء دور رئيسي في دعم الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب والاتجار بالبشر.

إضافة إلى ذلك، تؤكد المملكة حرصها على تطوير القدرات التقنية والاستخباراتية للإنتربول من أجل تحسين فعالية إنفاذ القانون عالمياً.