علاقات » اميركي

العلاقات بين أمريكا والإمارات.. هل ستتوسع في عهد ترامب؟

في 2025/03/21

يوسف حمود - الخليج أونلاين

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، مع تكثيف اللقاءات الثنائية التي تعكس الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين البلدين.

وجاءت زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم أبوظبي ومستشار الأمن الوطني، إلى واشنطن لتسلط الضوء على آفاق التعاون المشترك، خاصة في ظل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

كما تأتي في إطار الجهود المستمرة لتعميق التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والاستثمار والطاقة، وهي مجالات تمثل ركائز رئيسية في العلاقات بين البلدين، والتي شهدت نمواً ملحوظاً خلال العقد الماضي.

زيارة مهمة

تؤكد زيارة الشيخ طحنون (مارس 2025) إلى واشنطن التزام الإمارات بتوسيع علاقاتها مع الولايات المتحدة، وهو ما تم تأكيده خلال لقاءاته مع كبار المسؤولين الأمريكيين وفي مقدمتهم الرئيس ترامب، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز.

ووفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية "وام"، ناقش المسؤول الإماراتي مع ترامب آفاق الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد التي تربط الدولتين، وسبل تعزيزها بما ينعكس إيجاباً على المصالح المشتركة.

وتركزت المناقشات أيضاً على تنسيق الجهود في مجالات الاستثمار المالي، والتعاون في الطاقة والتكنولوجيا، والبنية التحتية، وهي قطاعات تعتبر حيوية للنمو المستقبلي.

والاهتمام المتبادل بين البلدين بتعزيز التعاون في هذه القطاعات يأتي في وقت تتجه فيه واشنطن نحو سياسات اقتصادية أكثر تركيزاً على الاستثمار الداخلي، وهو ما قد يخلق فرصاً جديدة للشراكات الاقتصادية مع الإمارات، التي تعد من أبرز المستثمرين في الولايات المتحدة.

التعاون الأمني والاستراتيجي

ويشكل التعاون الأمني والدفاعي محوراً رئيسياً في العلاقات بين البلدين، فخلال زيارته، بحث الشيخ طحنون مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جهود ترسيخ الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، مؤكداً التزام البلدين بالعمل معاً لمواجهة التحديات الراهنة، لا سيما في ظل التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.

وقد يؤدي التقارب بين البلدين إلى تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي، وهو ما يتماشى مع رؤية ترامب لتعزيز دور الحلفاء الإقليميين في تحقيق الاستقرار. كما أن الدور المتنامي للإمارات في دعم الجهود الدبلوماسية والاقتصادية في المنطقة يجعلها شريكاً استراتيجياً بالنسبة لواشنطن.

وتتجه الإمارات والولايات المتحدة نحو تعزيز تعاونهما في مجالات الأمن السيبراني، ومكافحة الإرهاب، وحماية سلاسل الإمداد الحيوية، وهي مجالات أصبحت ذات أهمية متزايدة مع تنامي التهديدات الأمنية غير التقليدية.

وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة وافقت على صفقات سلاح بمليارات الدولارات لصالح أبوظبي، شملت مقاتلات "إف-35" وأنظمة دفاعية متطورة، في إطار اتفاقات تهدف إلى دعم قدرات الإمارات الدفاعية وتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.

كما تستضيف الإمارات أكثر من 3500 جندي أمريكي في قواعدها العسكرية، حيث يتمركز هؤلاء ضمن اتفاقيات أمنية تتيح للولايات المتحدة تعزيز وجودها في المنطقة، وضمان استمرار التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن البحري.

توسع بالاقتصاد والاستثمار

ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، من المرجح أن تشهد العلاقات بين البلدين مزيداً من التوسع، خاصة في ضوء السياسات الاقتصادية التي ينتهجها والتي تركز على تشجيع الاستثمار الأجنبي وتعزيز العلاقات مع الحلفاء الاستراتيجيين. 

وقد أشاد الشيخ طحنون بالنهج الاقتصادي للإدارة الأمريكية الجديدة، مشيراً إلى أنه يمثل حافزاً مهماً لتعزيز الشراكات الاقتصادية.

وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والولايات المتحدة 39.5 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بـ 32.8 مليار دولار في العام الذي سبقه، وفق بيانات رسمية. 

ويمثل هذا النمو استمراراً للاتجاه التصاعدي في العلاقات التجارية بين البلدين، حيث تُعد الإمارات أكبر شريك تجاري عربي للولايات المتحدة منذ أكثر من عقد.

وتشمل الصادرات الأمريكية إلى الإمارات الطائرات وقطع غيارها، والمعدات الطبية، والمركبات، بينما تتركز الواردات الأمريكية من الإمارات على الألمنيوم والمنتجات البترولية. 

ووفقاً لغرفة التجارة الأمريكية فإن الإمارات تحتل المرتبة الأولى عربياً في الاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة، حيث بلغت قيمته أكثر من 30 مليار دولار.

وخلال اللقاء مع ترامب، أكد الشيخ طحنون تطلع بلاده لتعزيز الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والطاقة والبنية التحتية، وهي قطاعات تشهد اهتماماً متزايداً من الطرفين، فيما كان قد ناقش مع وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسينت، أوجه التعاون المالي والاستثماري وسبل تعزيز التكامل بين أسواق المال في البلدين.

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي 

وتمثل التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي مجالات رئيسية للتعاون بين البلدين، حيث تسعى الإمارات إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار. 

وفي هذا السياق، وقعت شركات إماراتية وأمريكية اتفاقيات شراكة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، في خطوة تهدف إلى تعميق التعاون في هذه القطاعات المستقبلية.

وأعرب الشيخ طحنون في لقاءات مع مسؤولي شركات تكنولوجيا مختلفة، بينهم الملياردير إيلون ماسك، عن اهتمام الإمارات بتوسيع استثماراتها في قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة، خاصة في مجالات الحوسبة السحابية والروبوتات والاقتصاد الرقمي، وهو ما يعكس توجه أبوظبي نحو تعزيز موقعها في الاقتصاد المعرفي العالمي.

كما تركز الشراكة الإماراتية الأمريكية على التعاون في قطاع الطاقة، حيث تعد الإمارات من بين أكبر مصدري النفط إلى الولايات المتحدة، في حين تشارك الشركات الأمريكية في مشاريع تطوير الطاقة المتجددة في الدولة الخليجية، مثل مشاريع الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.

مرونة استراتيجية

يقول الباحث في العلاقات الدولية، نجيب السماوي، إن العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة "تتمتع بمرونة استراتيجية تسمح لها بالتكيف مع المتغيرات السياسية والإقليمية، وهو ما يجعلها واحدة من أكثر الشراكات استقراراً في الشرق الأوسط".

وأشار، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "الإمارات نجحت خلال السنوات الماضية في بناء علاقة متينة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة دون مشكلات، واستطاعت أن ترسخ موقعها كشريك استراتيجي موثوق به لواشنطن".

وأضاف: "مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، من المرجح أن نشهد دفعاً أكبر نحو تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري، خاصة في ظل تركيز إدارته على دعم الحلفاء الإقليميين القادرين على لعب أدوار رئيسية في حفظ الأمن والاستقرار".

ويبين أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين شهدت نمواً كبيراً، مؤكداً في الوقت ذاته أن الإمارات ليست فقط مستثمراً رئيسياً في الاقتصاد الأمريكي، "بل هي أيضاً شريك رئيسي في العديد من القطاعات، مثل الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، وهو ما يعزز مكانتها كلاعب رئيسي في العلاقات الثنائية".

ويلفت أيضاً إلى أن الإمارات "أثبتت أنها شريك فاعل في القضايا الأمنية الإقليمية والدولية فواشنطن تعتمد بشكل متزايد على أبوظبي كشريك أمني رئيسي، سواء في مكافحة الإرهاب، أو في حماية الممرات البحرية، أو في التصدي للتهديدات السيبرانية".

كما يرى أن العلاقة بين البلدين "ليست مجرد علاقة قائمة على المصالح قصيرة الأمد، بل هي علاقة استراتيجية تمتد لعقود، ومع التغيرات الجيوسياسية الحاصلة، قد نرى المزيد من التنسيق والتعاون، لا سيما في المجالات التي تمثل أولوية لكل من أبوظبي وواشنطن".