في 2025/09/25
متابعات
نقلت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، أمس، عن ستة أشخاص مطّلعين على فحوى الاجتماع الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعددٍ من القادة العرب والمسلمين، أنّ ترامب تعهّد خلال اللقاء الذي عُقد أول من أمس، بأنّه «لن يسمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضمّ الضفة الغربية». ووفق اثنين من المشاركين في الاجتماع، فإنّ ترامب كان «حازماً» في موقفه هذا، مشدّداً على أنّ «إسرائيل لن يُسمح لها بابتلاع الضفة الغربية التي تخضع لإدارة السلطة الفلسطينية، لا حركة حماس». لكنّ مصدراً ثالثاً أشار إلى أنّه رغم هذا التعهّد، فإنّ «وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ نحو عامين ضد حماس لا يزال بعيد المنال».
وأفاد مصدران آخران، بدورهما، بأنّ ترامب وفريقه قدّما خلال الاجتماع «ورقة بيضاء» تتضمّن خطة إدارته لإنهاء الحرب، وتشمل وعداً بمنع الضمّ، إلى جانب تفاصيل أخرى متعلّقة بالحكم والترتيبات الأمنية لمرحلة ما بعد الحرب. ومن جهته، قال المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، أمس، إنّه «يأمل، وربما يكون متأكداً، من إمكانية الإعلان عن نوع من الانفراج بشأن غزة خلال الأيام المقبلة»، موضحاً أنّ خطة ترامب، المؤلّفة من 21 نقطة، عُرضت بالفعل على عدد من القادة الإقليميين.
على أن مصادر دبلوماسية عربية تحدّثت إلى «الأخبار»، أفادت بأنّ الاجتماع لم يكن أكثر من «عرض سريع» لتصوّرات ترامب المرتبطة بفرض «سلام القوة» الذي تريده إسرائيل في المنطقة. وبحسب المصادر، تخلّل الاجتماع «حديث عام» عن ضرورة استعادة الهدوء وإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة، لكنّه خلا تماماً من أي إشارة إلى «حلّ الدولتين» أو إقامة الدولة الفلسطينية، مقابل تركيز ترامب على «ضمان أمن إسرائيل» كأولوية.
وذكرت المصادر نفسها أنّ «ترامب لم يلمّح، لا من قريب أو من بعيد، إلى نيّة إدارته ممارسة أيّ ضغوط على حكومة نتنياهو للامتثال للمبادرات المطروحة لوقف الحرب»، فيما حذّر مسؤولون عرب وأوروبيون - بحسب «بوليتيكو» من أنّ الضمّ الرسمي للضفة سيقضي على ما تبقّى من فرص لحلّ الدولتين، ومن شأنه أن «ينسف فرص اندماج إسرائيل الإقليمي».
وكان نقل موقع «أكسيوس» عن مصادر في «البيت الأبيض» قولها إنّ ترامب لا يعتزم الإعلان قريباً عن خطة مفصّلة بشأن غزة، لكنّه «قد يفعل ذلك في الأيام المقبلة».
وبحسب ثلاثة مسؤولين، فإنّ الخطة التي عرضها ترامب وويتكوف أمام القادة العرب والمسلمين، تضمّنت ثلاث نقاط رئيسية:
- الإفراج عن جميع الأسرى والرهائن.
- وقف إطلاق نار دائم.
- انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع.
أما المرحلة التالية، فتنصّ على استبعاد حركة «حماس» من أيّ دور إداري في غزة، مع تشكيل قوة أمنية في القطاع تشمل جنوداً عرباً ومسلمين، وتوفير تمويل عربي للحكم الجديد ولإعادة الإعمار، إلى جانب إشراك «محدود» للسلطة الفلسطينية.
في المقابل، طرح القادة العرب والمسلمون مجموعة شروط للموافقة على خطة ترامب، أبرزها:
- منع ضمّ الضفة الغربية أو أيّ جزء منها.
- عدم احتلال غزة أو إقامة مستوطنات فيها.
- وقف الانتهاكات في المسجد الأقصى.
- زيادة فورية في المساعدات الإنسانية للقطاع.
والتقى ترامب، في مقرّ «الأمم المتحدة»، زعماء وممثّلين عن ثماني دول عربية وإسلامية هي: قطر، السعودية، مصر، الأردن، الإمارات، تركيا، إندونيسيا وباكستان. ورغم وصفه للاجتماع بأنّه «الأهمّ» في جدول أعماله اليومي، إلا أنّه غادر المكان من دون الإدلاء بأيّ تصريحات، فيما اكتفى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بوصف الاجتماع بـ«المُثمر».
وبدورها، أفادت مصادر مصرية مطّلعة بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تعمّدا عدم السفر إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات «الجمعية العامة»، تفادياً للقاء ترامب، وذلك انطلاقاً من قناعة لديهما بأنّ الرئيس الأميركي لا يحمل معه ما يتقاطع مع الرؤية العربية للحلّ في غزة، ولا سيّما في ظلّ المبادرة السعودية ــ الفرنسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتي لا تحظى برضى واشنطن.
وفي سياق متصل، وعلى هامش اجتماعات «الجمعية العامة»، ناقش رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، مع عدد من المسؤولين الأميركيين تصوّرات لتنظيم مؤتمر لإعادة إعمار غزة، إلّا أنّه لم يتلقَّ أي ردّ، حتى شفهي، من الجانب الأميركي، في ظلّ وجود تصوّر أميركي مغاير لكل الوضع في غزة. وبحسب مصدر دبلوماسي مصري، فإنّ «التمويل الخليجي المنتظر لعملية الإعمار لا يمكن أن يُفرَج عنه إلا إذا جاء منسجماً مع الرؤية الأميركية»، وهو ما دفع مصر إلى صياغة رؤية تتواءَم مع رؤية الإدارة الأميركية، من دون المساس بالثوابت المصرية، خصوصاً ما يتعلّق برفض التهجير أو إخراج الأهالي من قطاع غزة.
في المقابل، أفاد مسؤولون إسرائيليون بأنّ «نتنياهو على اطّلاع عام على المبادئ الأساسية في الخطة الأميركية»، وأشاروا إلى أنّ «وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ناقشها أخيراً مع صهر ترامب، جاريد كوشنر، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير». وأكّد مصدر مطّلع أن «ترامب أبلغ القادة العرب بأنّه سيعرض خطته على نتنياهو في البيت الأبيض للحصول على موافقته»، علماً أنه من المتوقّع أن يلتقيه الإثنين المقبل. كذلك، نقل مراسل «القناة 12» الإسرائيلية، يارون أفراهام، عن مسؤولين إسرائيليين كبار أنّهم «لم يُفاجَؤوا بنيّة ترامب طرح خطة لإنهاء الحرب»، معتبرين أنّ هدفه الأساسي هو إغلاق ملف «اليوم التالي» بالتنسيق مع الدول العربية «المعتدلة»، ودفعها إلى «تحمّل المسؤولية المدنية في غزة برعاية أميركية، على أن تبدأ بعض الخطوات الفعلية بالتنسيق مع إسرائيل قريباً».
ومن جهتها، ذكرت قناة «كان» العبرية أنّ ترامب يعتزم الإعلان عن مبادرة لوقف إطلاق النار بالتعاون مع الدول العربية، لكنّ ثمّة شكوكاً في إسرائيل حول موافقة «حماس» عليها. وأشارت القناة إلى أنّ «المبادرة الأميركية تتضمّن مبادئ نالت موافقة إسرائيلية، مثل الإفراج عن الأسرى وإنهاء حكم حماس في غزة».