علاقات » اميركي

لا يمكن تجاهله: عودة بن سلمان إلى أحضان واشنطن

في 2025/11/19

متابعات

من المقرّر أن يزور ولي العهد محمد بن سلمان البيت الأبيض اليوم، للمرّة الأولى منذ عام 2018. في آخر زيارة لولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة قبل 7 أعوام.

اختلط بالمليارديرات وأساتذة جامعة «هارفارد» ومنتجي هوليوود، وتحدّث عن خططه لفتح المملكة المحافظة والغنية بالنفط على الصعيدَين الاجتماعي والاقتصادي.

اليوم، وبينما يستعد للعودة إلى البيت الأبيض بعد غياب طويل، قد يشعر الأمير بأنّ ليس هناك الكثير لإثباته، على رغم من كل تلك السنوات التي كان فيها غير مُرحَّب به فعلياً في واشنطن. في سنّ الـ40، ثبّت سلطته ليس فقط كحاكم فعلي للمملكة العربية السعودية، بل كقوّة سياسية عالمية - صانع صفقات دبلوماسية، يُشرف على واحد من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.

خلال السنوات الأخيرة، أصبح قويّاً، إلى درجة أنّ السياسيِّين والمديرين التنفيذيِّين الأميركيِّين لم يعودوا قادرين على تجاهله.

لحظة انتصار شخصي

اليوم، سيكون الوجه الذي يستقبله بالغ الترحيب. فقد أثبت الرئيس ترامب مراراً أنّه صديق حميم للسعودية، البلد الذي طوّرت فيه عائلة ترامب مصالح تجارية كبيرة.

يشرح غريغوري غاوس، الباحث في شؤون السعودية وأستاذ العلاقات الدولية الفخري في جامعة تكساس E&M: «هذه لحظة انتصار شخصي لولي العهد. قبل 5 سنوات، لو أنّه ظهر في واشنطن، لما تحدّث إليه أحد. أمّا الآن، فهو يعود مع وفد ضخم كقائد إقليمي وشخصية عالمية».

وفي أيار، اختار الرئيس ترامب السعودية وجهةً لأول رحلة خارجية كبرى له في ولايته الثانية. وصرّح ترامب خلال الزيارة قائلاً: «على مدى السنوات الـ8 الماضية، أثبتت السعودية أنّ النقاد كانوا مخطئين تماماً».

بين السياسة والربح

وخلال الزيارة عينها، جال ترامب في مشروع عقاري مملوك للحكومة السعودية يُدعى الدرعية. وأوضح الرئيس التنفيذي للمشروع لصحيفة «تايمز» أنّ منظمة ترامب تُجري محادثات قد تسفر عن إنشاء عقار يحمل علامة ترامب التجارية في الدرعية، وهو أحدث مثال على المزج المرن بين السياسة والربح في عائلة ترامب.

أشرف ولي العهد خلال العقد الماضي على تخفيف كبير للقيود الدينية في المملكة، ممّا سمح بمزيد من الحرّيات الاجتماعية، بينما شدّد في الوقت عينه القبضة على الحياة السياسية.

اليوم، لم يعُد تركيز الأمير منصّباً على ترسيخ السلطة، بل على إعادة هيكلة اقتصاد المملكة. يقترب الموعد النهائي لبرنامج «رؤية 2030» لتقليل الاعتماد على النفط، في وقت تتزايد فيه القيود المالية.

توضّح ياسمين فاروق، مديرة مشروع شبه الجزيرة العربية في مجموعة الأزمات الدولية: «منذ الزيارة الأخيرة، أصبحت السياسة السعودية مركّزة بشكل حاد على الأولويات الاقتصادية المحلية».

من المتوقع أن يُركّز في هذه الزيارة على الأعمال، بما في ذلك الاتفاقيات الدبلوماسية والشركات الثنائية. وتشمل أولوياته توقيع اتفاقية دفاع متبادل مع الولايات المتحدة، وتقدُّم محتمَل في صفقة لنقل التكنولوجيا النووية الأميركية إلى السعودية، وإبرام اتفاقيات للتعاون بين البلدَين في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقاً للمحلّلين.

في المقابل، يسعى ترامب إلى إقناع الأمير بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. لكن هذا «مستبعد تماماً» بحسب حسين إبيش، الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن: «لا يمكن للسعودية المضي قدماً في التطبيع من دون أن تعترف إسرائيل عملياً بأنّ للفلسطينيِّين الحق في دولة».

تحاول إدارة ترامب والسعودية أيضاً التوصّل إلى اتفاق تبيع بموجبه شركات تصنيع الأسلحة الأميركية طائرات F-35 إلى السعودية، على رغم من أنّ تقريراً استخباراتياً أثار مخاوف من احتمال حصول الصين على التكنولوجيا إذا تمّت الصفقة.

كما سعى الأمير محمد إلى بناء علاقات أعمق مع الصين وقوى عالمية أخرى. ويؤكّد المحلل السياسي السعودي سلمان الأنصاري: «نحن حريصون دائماً على تقوية علاقتنا الثنائية مع الولايات المتحدة، على رغم من أنّه لدينا الكثير من الخيارات الأخرى».

قلقٌ من الصدقية الأميركية

تأتي هذه الزيارة في وقت تتزايد فيه شكوك السعودية وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشأن قوّة الضمانات الأمنية الأميركية. ففي شهر أيلول، حاولت إسرائيل اغتيال مسؤولين كبار في «حماس» في قطر، مما أثار قلق دول الخليج المجاورة.

وأضاف غاوس: «السعوديّون قلقون من صدقية الولايات المتحدة. جزء من إبقائنا منسحبين هو كل تلك الصفقات الرائعة التي سنراها تُوَقَّع في واشنطن خلال الأيام المقبلة».