علاقات » عربي

توجيه سعودي بتعزيز الاستثمار في مصر.. كيف ستستفيد الدولتان؟

في 2024/09/19

إبراهيم شاكر - الخليج أونلاين-

بين مصر والسعودية يحضر الاقتصاد أكثر من أي شيء آخر ليشكل قاعدة لتطوير العلاقات في كل المجالات، تعززها رغبة سياسية في تحقيق نوع من الشراكة والتكامل في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية.

وزار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الرياض (الأحد 15 سبتمبر)، وأجرى سلسلة لقاءات، كان أبرزها مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، الذي وجّه صندوق الاستثمارات العامة بضخ 5 مليارات دولار للاستثمار في مصر كمرحلة أولى.

كما تعهد مدبولي في المقابل، بمعالجة المشاكل التي تواجه المستثمرين السعوديين في بلاده، فما الفوائد التي ستجنيها الدولتان من تعزيز الاستثمارات والتعاون الاقتصادي؟

دعم سعودي

مدبولي أعلن أيضاً (الخميس 19 سبتمبر)، أن السعودية ستضخ 5 مليارات دولار استثمارات جديدة بخلاف وديعة البنك المركزي للبلاد، لافتاً إلى أن هناك خططاً لربط السعودية ومصر بشبكة كهربائية بحلول صيف 2025.

وبإعلان المملكة ضخ 5 مليارات دولار يرتفع إجمالي الاستثمارات السعودية في مصر خلال العام الجاري، إلى 15 مليار دولار، تضمنت تحويل ودائع في البنك المركزي إلى استثمارات حقيقية.

وكان وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، قال في أغسطس الماضي، إن بلاده تعمل على تعزيز تحويل ودائعها لدى البنك المركزي المصري لاستثمارات حقيقية داخل السوق المصرية، والتي تجاوزت حينها 10 مليارات دولار.

شراكة استثمارية

وتتمتع السعودية ومصر بشراكة اقتصادية كبيرة، ويقترب التبادل التجاري بين البلدين من 34 مليار دولار.

وبحسب تصريح سابق لوزير الاستثمار السعودي، فإن مصر تأتي ضمن أكبر خمس دول فيها استثمارات سعودية، في حين قال مدبولي خلال زيارته الرياض، إن عدد الشركات المصرية العاملة في المملكة تجاوز 5700 شركة.

وفي منتصف يونيو الماضي، قال وزير التجارة السعودي ماجد القصبي، إن السعودية تهدف إلى أن تكون الشريك التجاري الأول لمصر خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأضاف القصبي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية واس (14 يونيو)، أن هناك 6285 شركة سعودية تستثمر في مصر، باستثمارات تفوق 30 مليار دولار.

كما نوّه إلى أن هناك جدية لدى الحكومة المصرية لإزالة التحديات التي تواجه المستثمرين السعوديين، وأنه تم بالفعل إزالة كثير منها، مشيراً إلى أن هناك "خطة سعودية طموحة لدعم الشركات للدخول في السوق المصري".

وتولي السعودية مصر أهمية خاصة، بل تعتبرها أحد أهم شركائها الاقتصاديين، وهذا ما أكده الفالح، خلال لقائه مدبولي في الرياض.

كما ذكر وزير الاستثمار السعودي أن التبادل التجاري بين البلدين بلغ 33 مليار دولار خلال عامي 2022 و2023، مشدداً على أن "تعزيز التعاون مع مصر يعود بالنفع على اقتصادي البلدين اللذين يعدان نواة الاقتصاد العربي".

وأشار كذلك إلى أن القطاع الخاص السعودي يمثل أكبر المستثمرين في مصر، كما أن المستثمرين المصريين في المملكة يمثلون جزءاً كبيراً من الاستثمار الأجنبي المباشر، مشيراً إلى أنه خلال 2024 نمت الرخص الاستثمارية المصرية في السعودية بأكثر من 100%، كما أن لدى المستثمرين المصريين أكثر من 80 ألف وظيفة في الاقتصاد السعودي.

معالجة المشاكل

وتعمل الدولتان على تحسين بيئة الاستثمار، ومعالجة المشاكل الاقتصادية بين البلدين، وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء المصري خلال لقائه مع رجال الأعمال بالقطاع الخاص في الرياض (15 سبتمبر)، إنه يجري حالياً وضع اللمسات النهائية على اتفاقية حماية الاستثمار السعودي المصري وإنها ستفعّل خلال شهرين.

كما لفت إلى أن "مصر ستتخذ خلال الفترة المقبلة، الإجراءات الدستورية، لتوقيع اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المصرية السعودية على المستوى الفني"، لافتاً إلى أنها "نجحت في إنهاء أغلب مشكلات المستثمرين السعوديين في مصر".

وقال مدبولي: إنه "تم التوصل إلى حلول لنحو 90 مشكلة من التحديات التي تواجه المستثمرين السعوديين، ويتبقى 14 منازعة فقط سيتم العمل على حلها خلال الفترة المقبلة"، حسب بيان الحكومة المصرية.

ولي العهد السعودي ثمّن مساعي مصر لحل مشكلات المستثمرين السعوديين، مشيراً إلى "أهمية تسوية النزاعات التجارية المتبقية الخاصة بالمستثمرين السعوديين، بما يشجع على مزيد من الاستثمار السعودي في مصر".

كما أكد الأمير محمد بن سلمان، خلال لقائه مدبولي، "أهمية الربط الكهربائي بين مصر والمملكة"، معرباً في هذا الشأن عن تطلعه إلى تقديم مزيد من التسهيلات اللازمة للشركات العاملة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر.

من جانبه أكد وزير التجارة السعودي ماجد القصبي، وجود جهود كبيرة لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات بين المملكة ومصر، معتبراً أن "توقيع اتفاقية حماية الاستثمار السعودي المصري سيكون دعماً حقيقياً للعلاقات الاقتصادية بين البلدين".

أما وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب، فأشار خلال جلسة مع النخبة الاقتصادية السعودية والمصرية في الرياض، إلى أن "75% من العقبات التي تمس القطاع التجاري تمت معالجتها، كما يجري حالياً معالجة ما تبقى منها".

تكامل اقتصادي

التوجه السعودي المصري لتعزيز الاستثمار سيمنحهما إمكانات وفوائد ضخمة؛ نظراً إلى المقومات الكبيرة التي يمتلكانها، وفقاً للمحلل الاقتصادي الأردني نمر أبو كف، الذي أضاف في تصريح لـ"الخليج أونلاين":

من الطبيعي أن يكون هناك نوع من التعاون الاقتصادي، خصوصاً أن العلاقات السياسية بين البلدين في تحسن مستمر.

هناك تقارب في الحدود يبن الدولتين، وهناك خطوط بحرية نشطة بين الدولتين، وهناك تفكير في إنشاء خط بري بين الدولتين، ولكن هناك إرادات سياسية في المنطقة تمنع إنشاء هذا الخط، وأقصد بذلك "إسرائيل".

من الطبيعي أن يتجه الجانبان إلى التكامل الاقتصادي؛ نظراً إلى المشتركات في ما بينهما، ورغم أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يصل إلى قرابة 34 مليار دولار، لكنه غير كافٍ بين اقتصادين كبيرين.

السعودية تملك ثروة مالية كبيرة جداً، وتمتلك نشاطاً اقتصادياً كبيراً، وهي سوق كبير سواء في الاستيراد أو التصدير، ولديها طموح لتنويع اقتصادها وتمتلك ثروات معدنية هائلة.

لدى المملكة أيضاً خطط اقتصادية كبيرة ضمن "رؤية 2030"، ووجود مدينة نيوم قرب الحدود المصرية سيزيد من هذا النشاط الاقتصادي بين البلدين ومن حاجة السعودية للخبرات المصرية.

مصر هي الأخرى تملك الأيدي العاملة الماهرة وغير الباهظة الثمن، كما أنها سوق نشطة جداً، واقتصاد كبير جداً، وقوة شرائية جيدة، إضافة إلى أنها بوابة على أفريقيا، وبوابة تصدير إلى أوروبا، ولديها قناة السويس، وتملك رصيداً متنوعاً من الثروات المعدنية التي يمكن أحياناً تصديرها أو استيرادها للمملكة.

خطوط النقل بين الدولتين على البحر الأحمر ليست بعيدة، كما أن هناك إرادة سياسية بين البلدين لإجراء مثل هذا التكامل الاقتصادي.

القاهرة والرياض لديهما رغبة أكيدة في تعزيز التعاون، كما أن هناك رغبة مصرية في الاستفادة من رأس المال السعودي، لذلك فإن التعاون المصري ربما يكون الأكبر مع دول الخليج.

مصر والسعودية ستتجهان لتعزيز التعاون الاقتصادي، تماماً كما تسعيان لتعزيز تعاونهما في بقية الملفات السياسية وغيرها، وكل هذا سيقود لتعزيز الشراكة والتعاون في كل المجالات.