(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
تستضيف العاصمة السعودية الرياض، يوم الاثنين 11 نوفمبر/تشرين الأول، قمة المتابعة العربية الإسلامية للقمة الأولى التي عقدت قبل عام عقب اندلاع حرب الإبادة التي يشنها الكيان الإسرائيلي في غزة، والتي توسع عدوانها ليصبح عدوانًا مزدوجًا على غزة ولبنان.
لقد استضافت الرياض، يوم الأحد، اجتماعًا تحضيريًا لوزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، من أجل مراجعة البنود كافة المدرجة على جدول أعمال قمة المتابعة، ومناقشة الأبعاد السياسية والإنسانية للأزمة الراهنة، تمهيدًا لإقرار توصيات من المعلن أنها تدعم موقفًا عربيًا إسلاميًا موحدًا في مواجهة التداعيات المستمرة للتصعيد الإسرائيلي.
يقول القائمون على القمة إنها تهدف إلى متابعة نتائج وتوصيات القمة السابقة، ومواصلة جهود وقف إطلاق النار، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة، بالاضافة إلى مناقشة استمرار تصعيد العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية واللبنانية. والمفارقة المؤسفة، هنا، هي أن القمة الأولى قبل عام من الآن، والتي انعقدت في نوفمبر/تشرين الأول 2023، خلصت إلى إدانة قادة الدول العربية والإسلامية المشاركين في القمة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مطالبين بالوقف الفوري للحرب. كما طالبت القمة بكسر الحصار المفروض على غزة، وفرض إدخال المساعدات الإنسانية العربية والإسلامية والدولية، مع الدعوة إلى وقف توريد الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال في تدمير المنشآت المدنية الفلسطينية.
إلا أنه وبعد عام كامل، ازدادت أوضاع غزة سوءًا، وتوسع العدوان ليشمل لبنان وارتكاب المجازر بحق قرى الجنوب والبقاع وصيدا وصور وغيرها. كما ظهرت خطط العدو في غزة بتكريس احتلال لشمال غزة واحتلال معبري رفح وفيلادلفيا، وكشف نتنياهو علنًا عن خططه وخرائطه لــــ"شرق أوسط جديد"، ولم تتأثر إمدادات الأسلحة والذخائر للكيان الإسرائيلي، كما زاد حظر دخول المساعدات وباتت غزة في مجاعة حقيقية بشهادة المنظمات الدولية، وضربت "إسرائيل" بعرض الحائط جميع القرارات الدولية، وألغت عمل المنظمات الأممية في غزة، فضلًا عن سلوكها المجرم في لبنان واستهدافها لقوات اليونيفيل.
هذا يفضي إلى أننا أمام استهانة كاملة بالقانون الدولي والأنظمة العربية والإسلامية وقممها ومقرراتها. وهو ما يطرح علامات استفهام كبرى عن جدوى الحراك الدبلوماسي وتحييد أوراق الضغط أو التلويح بإجراءات قوية ورادعة؟
وقد قامت القمة السابقة بتشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وعضوية وزراء خارجية فلسطين والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا. وتولت هذه اللجنة بدء تحركات دولية واسعة للتوصل إلى "حلول جادة توقف التصعيد وتحقق السلام الشامل"، وعملت منذ تشكيلها على إجراء جولات دبلوماسية؛ شملت عواصم مؤثرة على المستوى الدولي، لا سيما دول مجلس الأمن الدولي.
كذلك، عملت اللجنة الوزارية، خلال العام الماضي، على تعزيز الدعم العالمي للقضية الفلسطينية، وحققت تحولات إيجابية تمثلت في تزايد الاعتراف الدولي بفلسطين دولةً مستقلةً، حيث بلغ عدد الدول المعترفة بها حتى الآن 143 دولة، منها تسع دول من مجموعة العشرين.
السؤال، أيضا هنا، عن نتائج هذا الحراك ومردوده العملي، وهل سيستمر بالكيفية العقيمة ذاتها أم ينبغي تطويره؟ كما يبرز سؤال آخر عن جدوى اعتراف الدول بدولة فلسطينية، في حين منع الفيتو الأمريكي الاعتراف الأممي رسميًا بهذه الدولة؟ وهو ما لم يُقابل بموقف عربي رسمي من أميركا، بل استمر التعامل معها وسيطًا للسلام، وجدّد الاعلان عن الشراكة الاستراتيجية معها..!
هذه القمة العربية الإسلامية الثانية، والتي تُعنى بمتابعة القمة الأولى، والتي عقدت بعد أيام من استضافة السعودية لما يعرف بالتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، تعكس فقط دورًا كبيرًا للسعودية في الحشد السياسي والتنظيمي، ولكنّه حتى الآن هو حشد شكلي، ونرجو أن تستغله المملكة لحشد عملي ينتج مردودًا واقعيًا في تغيير المعادلات على الأرض، وإلا ستعدّه الأجيال القادمة نوعًا من إبراء الذمم وعجزًا وتخاذلاً معيبًا.