في 2025/04/14
وكالات
في خطوة تأتي في سياق إعادة رسم توازنات جديدة في سوريا، في مرحلة ما بعد نظام بشار الأسد، زار الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، الإمارات، قادماً من تركيا التي أجرى فيها سلسلة لقاءات في إطار «التعويم» التركي للحكومة الجديدة.
وتزامنت الزيارة، مع إعلان مهمّ في الجنوب السوري صدر عن «اللواء الثامن»، الذي يقوده أحمد العودة، والمحسوب على الإمارات والسعودية، يقضي بحلّ نفسه والانضمام إلى الجيش السوري الناشئ، بعد أشهر من الشد والجذب على وقع التوغّل الإسرائيلي المستمر في الجنوب، حيث تحاول تل أبيب فرض سيطرتها المباشرة وغير المباشرة، بما في ذلك على درعا والسويداء، بحجة «حماية الأقليات»، و«تأمين حدودها».
وفي وقت لم تتسرّب فيه أنباء دقيقة عن المحاور التي ناقشها الشرع، الذي اصطحب معه وزير خارجيته، أسعد الشيباني، في زيارته الأولى من نوعها إلى أبو ظبي، حيث حظي باستقبال شرفي من قبل عبدالله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي، في مطار أبو ظبي قبل لقاء الرئيس، محمد بن زايد آل نهيان، في قصر الشاطئ، رصد ناشطون وصول طائرة إلى أبو ظبي قادمة من إسرائيل بالتزامن مع زيارة الشرع.
وفيما أولت «وكالة الأنباء الإماراتية» اهتماماً ملحوظاً بزيارة الشرع، ولقائه ابن زايد، ذكرت أن «الجانبين استعرضا عدداً من القضايا والموضوعات محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها»، وأضافت أن اللقاء تناول التطورات في سوريا، لافتة إلى حرص الإمارات على «دعم الأشقاء في سوريا لمواجهة تحديات المرحلة الانتقالية وإعادة بناء سوريا بما يلبّي تطلعات شعبها نحو مستقبل يسوده الأمن والاستقرار والازدهار».
وتابع أن ابن زايد جدّد تأكيد موقف بلاده الثابت تجاه دعم وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، وأن استقرار سوريا وتعزيز أمنها هما مصلحة للمنطقة كلها.
ويُنظر إلى هذه الزيارة وما رافقها من تطورات في الجنوب السوري، باعتبارها محطة مهمة في ظل الموقف الإماراتي المتشكّك من الإدارة السورية الجديدة، بسبب خلفيتها المتشدّدة، الأمر الذي تتقاطع فيه مع مصر، التي تخشى من تأثير المقاتلين المصريين المتشدّدين الموجودين في سوريا، والذين أصدرت السلطات المصرية في السنوات الماضية أحكاماً مشدّدة بحقهم بعد ثبوت تورطهم في عمليات اغتيال.
كذلك، تتزامن الزيارة مع الإعلان عن إرسال رد خطّي من الإدارة السورية على شروط الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات، والتي تشمل، وفق المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، «قمع الإرهاب بالكامل ونبذه، واستبعاد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أي مناصب رسمية، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، واتخاذ خطوات جادة لتدمير أسلحة الأسد الكيميائية على نحوٍ يمكن التحقّق منه، بالإضافة إلى المساعدة في استعادة المواطنين الأميركيين وغيرهم من المختفين في سوريا، وضمان أمن وحريات الأقليات الدينية والعرقية». والجدير ذكره، هنا، أن واشنطن لم تتطرّق إلى قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية الروسيتين، الأمر الذي يبدو أنها لا توليه أي أهمية خلال ولاية الرئيس، دونالد ترامب، الذي فتح صفحة جديدة في العلاقة مع روسيا.
ويأتي الردّ السوري بعد أيام قليلة من تخفيض واشنطن التأشيرة الممنوحة للوفد السوري إلى الأمم المتحدة بحجة عدم اعترافها بالحكومة السورية حتى الآن، الأمر الذي تمّ تفسيره على أنه ضغوط متزايدة على دمشق بعد قيام فصائل تابعة أو محسوبة على الحكومة السورية بارتكاب مجازر في الساحل السوري على خلفية طائفية.
في غضون ذلك، أعلنت تركيا، التي تحاول قيادة محور جديد في المنطقة حول سوريا، في إطار الاتفاق مع دمشق وعمّان وبيروت وبغداد لتشكيل حلف لمحاربة الإرهاب، - لسحب ذريعة واشنطن ودفعها للتخلي عن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ودفع القوات الأميركية للخروج من سوريا -، عن عملها مع هذه الدول للتصدّي لما وصفته بـ«الدور الإسرائيلي المزعزع للاستقرار الاستراتيجي في المنطقة».
وقال نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماز، الذي استضافت بلاده على مدار ثلاثة أيام فعاليات «منتدى أنطاليا الدبلوماسي»، الذي شارك فيه عدد كبير من الدول، وغابت عنه أوروبا، إن «هذه الآلية ليست بديلاً عن نظام إقليمي جديد، بل تأتي كخطوة عملية لتوفير أدوات دعم وتنسيق، ومساعدة سوريا في بناء نوع من القدرات».
وتابع أن العمل بالآلية سيبدأ «قريباً جداً»، مشيراً إلى أن مركز التنسيق الخاص بها سيكون داخل الأراضي السورية، وأن جميع الطلبات المتعلّقة بمهامها ستصدر من الجانب السوري. وفي وقت سابق، أعلنت أنقرة التي تسعى إلى التمدّد العسكري في سوريا، وسط معارضة واضحة من إسرائيل، أن القواعد العسكرية التي تسعى إلى تأسيسها، وسط البلاد، تأتي في سياق الآلية المُتفق عليها مع دول جوار سوريا لمحاربة الإرهاب، وتدريب قوات الجيش السوري الناشئ.
وفي وقت خاضت فيه تركيا مع إسرائيل أولى جولات المحادثات حول سوريا، بعد حملة التصعيد المتبادلة، من دون أن يتم التوصل إلى أي نتيجة، في ظل الإصرار الإسرائيلي المعلن على منع أنقرة من تحويل سوريا إلى «محمية تركية»، أعلن وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، أن الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على سوريا تسهم في «تقويض استقرارها»، مشدّداً على ضرورة احترام سيادة الأراضي السورية بشكل كامل.
وتابع، خلال مؤتمر صحافي في ختام «منتدى أنطاليا»، أن «المحادثات لا تزال مستمرة مع الجانب الإسرائيلي بشأن ضبط قواعد عدم الاشتباك في سوريا»، مشيراً إلى أن بلاده أجرت مباحثات مع الولايات المتحدة وروسيا والأردن لـ«حماية الأجواء السورية»، مضيفاً أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بصدد زيارة سوريا في الفترة المقبلة.