في 2025/09/06
متابعات
تشهد العلاقات بين عُمان والعراق دفعة نوعية جديدة، بعد توقيع اتفاقيات كبرى ومذكرات تفاهم واسعة شملت قطاعات الطاقة والسياحة والاستثمار وغيرها.
هذه الخطوة تعكس حرص البلدين على تعزيز التعاون الثنائي، وترسيخ الشراكة الاستراتيجية في ظل التحديات الإقليمية.
وتأتي هذه التطورات في إطار زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى السلطنة، في 3 سبتمبر 2025، والتي حملت أبعاداً سياسية واقتصادية لافتة.
شراكة شاملة
وفي إطار الزيارة الرسمية إلى ولاية صلالة، وقّع العراق وسلطنة عُمان اتفاقيتين و24 مذكرة تفاهم بحضور السوداني ونائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع العماني شهاب بن طارق آل سعيد.
وتضمنت الاتفاقيتان:
- تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من دفع الضرائب على الدخل ورأس المال.
- الإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والخدمة.
وتوزعت مذكرات التفاهم على طيف واسع من القطاعات الحيوية؛ أبرزها الطاقة، والصناعة، والسياحة، والاتصالات، والشباب والرياضة، والتعليم العالي، والبحث العلمي، والإسكان والتخطيط العمراني.
كما شملت النقل واللوجستيات، والبورصة وسوق رأس المال، والرقابة المصرفية، والاستقرار المالي، إلى جانب التعاون في مجالات الصناعات الدفاعية وتخزين النفط.
وخلال لقائه السلطان هيثم بن طارق في قصر الحصن بصلالة، أكد السوداني رغبة العراق في تطوير علاقات التعاون مع عُمان، مشيداً بـ"المواقف المتميزة للأشقاء العُمانيين في مختلف المراحل والتحديات".
من جانبه شدد السلطان هيثم على حرص بلاده على "تطوير العلاقات الثنائية والانفتاح على مختلف أوجه التبادل المثمر مع العراق"، موجهاً وزراء حكومته إلى "أهمية تحويل مذكرات التفاهم إلى خطوات عملية بالتعاون والشراكة مع العراق".
كما أعرب عن دعمه للجهود العراقية في "وقف انتشار الصراع وترسيخ الاستقرار في المنطقة"، فيما أشار بيان مكتب رئيس الوزراء العراقي إلى أن الجانبين عقدا لقاءً موسعاً "بحث الأوضاع العامة التي تشهدها المنطقة".
ويكشف هذا البعد السياسي عن توافق متنامٍ بين بغداد ومسقط، يعزز موقعهما كداعمَين للحوار والتوازن الإقليمي.
تعاون استثماري
وفي ضوء التفاهمات الواسعة برزت ملفات الطاقة والاستثمار في صدارة أولويات التعاون، حيث أوضحت وكالة الأنباء العمانية أن مباحثات سلطان عمان ورئيس الوزراء العراقي تركزت على "سبل تنمية أوجه التعاون في هذين المجالين بما يعود بالنفع والخير على الشعبين".
ويعكس هذا التنوع في الملفات إدراك الجانبين لأهمية تحويل الشراكة إلى رافعة اقتصادية طويلة الأمد تقوم على تنويع الاستثمارات، وتبادل الخبرات، وتوسيع قاعدة التعاون خارج النطاق التقليدي.
ومن شأن هذا التوجه أن يمهّد الطريق أمام شراكة اقتصادية أكثر رسوخاً تواكب الانفتاح الإقليمي وتستجيب لحاجات التنمية في البلدين.
كما جاء اجتماع مجلس الأعمال العُماني العراقي في صلالة (4 سبتمبر الجاري) ليؤكد البعد الاقتصادي العملي للزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء العراقي.
وفي كلمته شدد السوداني على أن "الاتفاقيات الأخيرة تمثل خريطة طريق للمؤسسات الحكومية لاستثمار الفرص المتاحة وإقامة مشروعات مشتركة"، لكنه أقر بأن حجم التبادل التجاري الحالي "لا يرتقي إلى مستوى الطموحات".
كما دعا "القطاع الخاص في البلدين إلى أداء دور أكبر، مع تأكيد استعداد العراق لتقديم مزايا تفضيلية للشركات العُمانية".
من جانبه أكد قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُماني، أن البلدين يسعيان إلى بناء اقتصاد تنافسي قائم على التكامل، مشيراً إلى أن الحكومتين ستوفران التسهيلات والحوافز اللازمة لتمكين القطاع الخاص من قيادة هذا المسار.
كما كشف وزير التجارة العراقي أثير داود سلمان عن أن التبادل التجاري بين البلدين ارتفع إلى نحو 779 مليون دولار بنهاية 2024 مقابل 601 مليون دولار في 2023، بزيادة 30%، نتيجة نمو صادرات النفط العراقية إلى عُمان، مقابل ارتفاع الصادرات العُمانية من الألبان والأسماك والمواد الصناعية.
وأشار إلى مبادرات نوعية مثل إنشاء مركز إقليمي للتمور العراقية في عُمان، والتعاون في الزراعة الذكية والاستزراع السمكي، ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون تسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي وتوسيع حضور المنتجات العراقية والعُمانية في الأسواق الإقليمية والدولية.
علاقات عميقة
يقول الباحث الدكتور حبيب الهادي إن العلاقات العُمانية العراقية لها بعد تاريخي وحضاري يمتد لأكثر من خمسة آلاف سنة، حيث كانت هناك علاقات مادية واقتصادية وسياسية قوية بين عُمان والعراق.
ويوضح لـ"الخليج أونلاين":
- هذه العلاقات التاريخية اليوم تجد صداها في الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المتعددة التي وقّعها البلدان، والتي تصب في مصلحة العلاقات العربية والخليجية.
- سلطنة عُمان تتبنى حالياً دبلوماسية اقتصادية ناجحة، مستفيدة من علاقاتها السياسية القوية مع دول العالم.
- الاتفاقيات المبرمة شملت مجالات استثمارية واسعة مثل الطاقة والنفط والغاز، إضافة إلى الجوانب العلمية والثقافية.
- هذه التفاهمات والاتفاقيات تعد إضافة مهمة، وتسهم في تعزيز علاقات عُمان مع دول العالم، وتحديداً دول مجلس التعاون، عبر البوابة العُمانية.