في 2025/06/26
عمر محمود - الخليج أونلاين
منذ اللحظة الأولى التي شرعت فيها إيران في تنفيذ الهجوم الصاروخي على قاعدة "العديد" الأمريكية في دولة قطر، حرصت طهران على توجيه رسائل إعلامية واضحة تؤكد أن الدوحة لم تكن هدفاً لهذا الهجوم، وأن علاقاتها معها لا تزال قائمة على الاحترام المتبادل والخصوصية التي تميز مسار العلاقات بين البلدين.
تلك الرسائل الإعلامية أعقبتها تحركات دبلوماسية رفيعة المستوى، حيث تلقى أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اتصالاً هاتفياً من مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية الإيرانية، أعرب خلاله الأخير عن أسفه البالغ لما نتج عن هذا الهجوم من أضرار داخل الأراضي القطرية.
وأكد أن قطر وشعبها لم يكونا ضمن أهداف العملية، وأن هذا الهجوم لا يمثل بأي حال من الأحوال تهديداً لأمنها أو سيادتها، وأعرب عن تطلعه إلى أن تبقى العلاقات بين البلدين قائمة على أسس ثابتة من احترام السيادة وحسن الجوار.
وفي السياق ذاته، أوضح وزير خارجية إيران عباس عراقجي، في اتصال هاتفي مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، أن القصف جاء رداً على الاعتداء الأمريكي الذي استهدف السيادة الإيرانية، "ولا يمكن اعتباره بأي شكل من الأشكال عملاً موجهاً ضد حكومة قطر الشقيقة".
وشدد عراقجي على أن ما جرى يعد "دفاعاً مشروعاً عن النفس"، مؤكداً حرص إيران على استقرار قطر وسلامة أراضيها، وعلى استمرار العلاقات الثنائية بعيداً عن أي توتر إقليمي.
تلك الخطوات الإيرانية تشير بشكل واضح إلى رغبة إيرانية في عدم المجازفة بإضرار العلاقة مع قطر، بعد سنوات من تقارب طهران مع الدوحة وباقي العواصم الخليجية.
وفي الوقت الذي تستضيف فيه قطر اجتماعاً وزارياً خليجياً لمناقشة الهجوم الإيراني على "العديد"، سارع الرئيس بزشكيان للاتصال بنظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، فيما بدا خطوة لطمأنة باقي دول مجلس التعاون بعد الاعتداء الأخير.
تحرك قطري دولي
الجانب القطري اعتبر أن الهجوم الإيراني على قاعدة "العديد" وعلى أراضي الدولة "غير مقبول"، وأن الدوحة ستتخذ كل الإجراءات القانونية اللازمة للرد عليه، وذلك وفقاً لما تحدث به رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وفي تحرك رسمي، وجهت قطر رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وإلى مجلس الأمن، أعربت فيها عن إدانتها الشديدة للهجوم، معتبرةً إياه انتهاكاً صارخاً لسيادتها ومجالها الجوي، ومخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وإذ تؤكد قطر حرصها على اتخاذ كل الخطوات السياسية والدبلوماسية لضمان عدم تكرار مثل هذه الأعمال مستقبلاً، فإنها تتطلع في الوقت ذاته إلى استمرار الشراكة البناءة مع إيران وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة.
ورغم أن العلاقات القطرية الإيرانية اتسمت بالتميز خلال السنوات الماضية، فإن هذه الواقعة من شأنها أن تترك أثراً على مسارها، إلا أن هناك تطلعات إلى أن تستعيد العلاقات متانتها، لا سيما في ظل الأسف الرسمي الإيراني.
تصحيح المسار
رئيس تحرير جريدة "الوطن" القطرية، محمد حجي، يؤكد أن الهجوم الذي تم من داخل الأراضي الإيرانية تجاه قطر مدان بشدة، مشدداً على أنه "لا يمكن القبول بمثل هذا الفعل الذي يعد انتهاكاً صارخاً لدولة ذات سيادة".
ويضيف حجي الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين": "كان من المفترض أن يتعامل الجانب الإيراني بحكمة ومسؤولية مع الصراع القائم بينه وبين إسرائيل، دون أن يزج بدولة جارة في هذا الصراع، خصوصاً أن علاقات الجوار في منطقتنا تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل".
ويرى أن قطر كانت دائماً حريصة على الحفاظ على علاقات حسن الجوار، وهي سياسة ثابتة تنتهجها مع الدول الإقليمية كافة.
كما يوضح أن موقف قطر واضح منذ اللحظة الأولى، وهو إدانة هذا العمل، مع التوجه لاتخاذ إجراءات قانونية ودبلوماسية؛ لإيصال حقيقة ما جرى إلى المجتمع الدولي.
أما في ما يخص مستقبل العلاقات القطرية الإيرانية، فيؤكد حجي أن إيران "مطالَبة اليوم بإعادة النظر في سياستها، وإرسال رسائل طمأنة حقيقية إلى دول الخليج، خاصةً أن هذا الاعتداء لا يمس قطر فحسب، بل يمثل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار المنطقة بأسرها".
ويقول حجي: "هناك مواقف خليجية واضحة أدانت هذا الهجوم، وهو ما يعكس وحدة الموقف الخليجي تجاه أي تهديد للأمن الجماعي، وعلى إيران أن توضح بشكل صريح رؤيتها لمستقبل علاقتها مع دول الخليج".
وختم تصريحه بتأكيد ضرورة اتخاذ الجانب الإيراني خطوات عملية واضحة تعيد تصحيح هذا المسار؛ "لأن ما جرى يعد سابقة خطيرة في إطار العلاقات بين الدول الجارة، وانتهاكاً غير مبرر لسيادة دولة قطر".