في 2025/09/12
عمر محمود – الدوحة – الخليج أونلاين
لم يكن الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة، الثلاثاء الماضي، حدثاً أمنياً عابراً، بقدر ما حمل دلالات سياسية وأمنية وعسكرية، لكونه الاعتداء الأول من نوعه على أراض خليجية منذ بدء الصراع العربي – الإسرائيلي.
وفرضت المعطيات على الدول العربية والإسلامية تحركات عاجلة، بدءاً من الإدانة والاستنكار لهذا الاعتداء، إلى توافد كبار المسؤولين من الدول العربية والإسلامية إلى الدوحة للتأكيد على الدعم المطلق للبلاد ضد التهديدات الإسرائيلية.
وفي تطور لافت، أعلنت الدوحة استضافتها قمة عربية – إسلامية طارئة يومي الأحد والاثنين المقبلين، لبحث الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الأراضي القطرية.
وبمقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أوضح رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن القمة ستحدد مسار الرد، مؤكداً أن قطر لن تطلب من الشركاء الإقليميين اتخاذ رد محدد، بل سيجري النقاش للوصول إلى موقف جماعي.
وشدد على أن بلاده لن تقبل التهديدات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الرد سيكون منسقاً على المستوى الإقليمي بالتعاون مع الشركاء.
وتأتي القمة في ظل اتصالات دبلوماسية مكثفة بين العواصم العربية والإسلامية، بهدف صياغة موقف موحد لمواجهة ما اعتبرته الدوحة "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وسيادة الدول".
ومن المتوقع أن تشهد أروقة القمة نقاشات حاسمة حول آليات الرد الجماعي، وخيارات التحرك العربي والإسلامي في المرحلة المقبلة، في ظل الغطرسة الإسرائيلية التي تتلقى الرعاية الامريكية.
اختيار العاصمة القطرية
ولعل اختيار العاصمة القطرية، التي شهدت الاعتداء، مكاناً لانعقاد القمة يضفي على الاجتماع طابعاً رمزياً قوياً، إذ يبعث برسالة مفادها أن الرد لا يكون بالانسحاب أو الإرباك، بل بتحويل أرض الاستهداف إلى ساحة مواجهة سياسية ودبلوماسية.
وبحسب التوقعات، ستشهد القمة تمثيلاً رفيع المستوى خليجياً وعربياً وإسلامياً، ما يعكس وحدة موقف واضحة، ويؤكد أن استهداف دولة خليجية يرقى إلى مساس بالمنطقة بأسرها، وهو ما يحوّل القمة إلى مظلة جامعة تتجاوز حدود التضامن التقليدي.
وبالنظر إلى ما جرى في الدوحة كجزء من مسعى إسرائيلي يهدف إلى تقليص الدور القطري كوسيط فاعل في ملف غزة ومنع تحويل الخليج إلى منصة دبلوماسية قادرة على الضغط من أجل التهدئة أو إعادة توازن معادلات الصراع، فإن ملف القطاع وإنهاء الحرب يبرز كأحد أبرز الملفات على جدول أعمال القمة الطارئة.
الأوضاع الإقليمية خارج السيطرة
الدكتور أحمد غيث الكواري، المستشار وخبير العلاقات الدولية، يؤكد أن استضافة العاصمة القطرية للقمة العربية – الإسلامية الطارئة تأتي في وقت بالغ الحساسية بعد الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الدولة.
ويشير، في حديثه لـ "الخليج أونلاين"، إلى أن القمة تمثل أهمية كبيرة للدول الخليجية والعربية على حد سواء، معتبراً أن "الأوضاع الإقليمية باتت خارج السيطرة، وأن الكيان الإسرائيلي يسعى لتحقيق أهدافه باستخدام كافة الوسائل دون احترام للحدود أو القوانين الدولية".
ويوضح الكواري:
- الدور القطري كوسيط فاعل في ملف غزة يواجه تحديات مباشرة نتيجة هذا الاعتداء، والقمة تمثل فرصة لتنسيق الرد العربي – الإسلامي وحماية مصالح المنطقة.
- الدعم الخليجي والعربي الكبير الذي تلقته قطر في الأيام الماضية، يعكس وحدة الصف عربياً وإسلامياً.
- الدعم لقطر لم يقتصر على التصريحات، بل تجلى في زيارات سريعة ومواقف سياسية واضحة، تؤكد موقفها الثابت مع الدوحة في مواجهة أي تهديدات مستقبلية.
- الأحداث الأخيرة ليست معزولة، بل تأتي ضمن استراتيجيات أوسع تسعى "إسرائيل" والولايات المتحدة لتنفيذها في المنطقة. وإن أي تكرار لمثل هذه الاعتداءات قد يمتد ليشمل دولاً خليجية وعربية أخرى، مما يضاعف أهمية التحرك العربي المنسق.
- القمة الطارئة في الدوحة تمثل منصة حيوية لمناقشة الخطط والاستراتيجيات المشتركة لحماية الأمن القومي العربي.
واختتم الكواري حديثه بالإشادة بالجهود القطرية قائلاً: "الدوحة تقود التحرك الإقليمي بروح القيادة والدبلوماسية الفاعلة"، مؤكداً أن أي اعتداءات مستقبلية على الأراضي العربية لن تمر دون رد مناسب، وأن المرحلة تتطلب وحدة وتضامناً كاملين للحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة.