دول » السعودية

كيف تمكنت السعودية من إمداد العالم بـ الهيدروجين الأخضر؟

في 2025/02/04

متابعات

مع تسارع التحول العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة، يبرز الهيدروجين الأخضر كأحد البدائل الواعدة للوقود الأحفوري، حيث يُطلق عليه البعض "النفط الجديد".

وتؤدي المملكة العربية السعودية دوراً رئيسياً في هذا التحول، من خلال الاستثمار في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، وذلك ضمن رؤية 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل الوطني.

ويعد توجه السعودية نحو الهيدروجين الأخضر جزءاً من تحولها الاستراتيجي نحو الطاقة المتجددة، مما يعزز مكانتها كقوة عالمية في سوق الطاقة النظيفة

ومن خلال مشروعاتها الطموحة، واتفاقياتها الدولية، والاستثمارات الضخمة في التكنولوجيا، تضع السعودية نفسها في موقع ريادي لتكون أحد أكبر موردي "النفط الجديد" للعالم.

استراتيجية السعودية

وعملت المملكة على أن تصبح أحد أكبر منتجي ومصدري الهيدروجين الأخضر في العالم، وذلك عبر إطلاق مشاريع ضخمة وتطوير مشروعات عملاقة؛ مثل مشروع "نيوم" للهيدروجين الأخضر، الذي يعد واحداً من أكبر المشروعات في العالم، بالتعاون مع شركتي "إير برودكتس" و"أكوا باور".

كما تبني المملكة منشآت حديثة لإنتاج الهيدروجين، إلى جانب تطوير موانئ ومراكز تصدير متقدمة، وتدعم الحكومة السعودية الابتكار والتطوير في تقنيات إنتاج الهيدروجين، من ذلك تكنولوجيا التحليل الكهربائي المستدام.

وفي العام 2022، تعهد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، بأن بلاده ستقود سوق الهيدروجين الأخضر العالمية ليكون "نفط القرن الـ 21" بالنسبة لها، لا سيما في ظل السباق العالمي لخفض الانبعاثات الكربونية.

وبحلول 2050، سيتجاوز الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر 530 مليون طن سنوياً، وهذا يعادل نحو 7% من الاستهلاك العالمي للطاقة الأولية، ما يؤدي إلى إزاحة ما يقرب من 10 مليارات برميل من النفط الخام سنوياً، أي أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من الخام في الوقت الحالي.

كما تسعى إلى تحقيق أهداف طموحة بحلول عام 2030، وتتمثل في تحويل 30% من مساحاتها البرية والبحرية إلى محميات طبيعية، وزراعة أكثر من 600 مليون شجرة بزيادة قدرها 150 مليون شجرة على الهدف المرحليّ المعلن عام 2021 لزراعة 450 مليون شجرة.

وتعكف المملكة على تطبيق نموذج الاقتصاد الدائري للكربون بهدف تنفيذ تعهداتها بتقليل الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، وتماشياً مع طموحاتها لرفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 50% بحلول ذلك العام.

ويُنظر إلى الهيدروجين الأخضر حالياً على أنه مستقطب مهم للاستثمارات، ووقود وطاقة المستقبل في سوق تبلغ قيمتها 1.4 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2050.

يقول الخبير الاقتصادي أحمد عبد الجواد، إن المملكة لديها الإمكانات الضخمة لتكون مورد عالمي للهيدروجين، كما نجحت خلال القرن الماضي في أن تكون المورد الأول في قطاع النفط.

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن المملكة تمتلك البيئة الخصبة لإنتاج الهدروجين؛ مثل الإمكانيات المالية التي تساعد على ذلك، والمساحات الشاسعة لإقامة مصانع ضخمة لتوفير الطاقة النظيفة، لا سيما في مجال الكهرباء.

ويتوقع أن المملكة ستكون أهم مصدر للهيدروجين، لا سيما لدول آسيا الصناعية الصين وكوريا الجنوبية على وجه الخصوص، كما ستجذب الدول الأوروبية الطامحة لتنويع مصادر الطاقة، لا سيما النظيفة".

وبحسب تقرير ملتقى "أسبار" حول "مستقبل الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة بالمملكة العربية السعودية" لعام 2022، فإن المملكة قطعت شوطاً كبيراً في إطار "رؤية 2030" لتنويع مصادر الطاقة وزيادة المحتوى المحلي، وذلك من خلال تطوير قطاعات صناعية جديدة والاستفادة من سلاسل الإمداد الحالية.

كما شدد التقرير على أن "الهيدروجين الأخضر من المشاريع الطموحة التي توجّهت نحوها بوصلة السعودية لتحجز مكانها ضمن قائمة الدول الرائدة في قطاع الطاقة المتجددة في خضم التوجه العالمي الواسع نحو الطاقة النظيفة للحد من تغير المناخ، والتلوث البيئي، وتنويع مصادر استهلاك الطاقة".

الاتفاقيات والشراكات الدولية

في إطار استراتيجيتها لتصدير الهيدروجين الأخضر، وقّعت السعودية العديد من الاتفاقيات، أبرزها "الجسر السعودي الألماني للهيدروجين الأخضر"، حيث وقعت المملكة اتفاقية مع ألمانيا، في فبراير 2025، لتصدير 200 ألف طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر.

كما تم توقيع مذكرة تفاهم، في يناير 2025، لتسهيل تصدير الهيدروجين السعودي عبر الموانئ الإيطالية إلى أوروبا.

وأطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي شركة "إنرجي سولوشنز"، في أكتوبر 2024، باستثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار لدعم مشاريع الهيدروجين.

وخلال منتدى الاستثمار الذي عقد في ميلانو عام 2023، أبرمت شركة "أكوا باور" السعودية وشركة الطاقة الإيطالية العملاقة "إيني"، مذكرة تفاهم، لمشروع "الهيدروجين الأخضر" الذي يمتد عبر الشرق الأوسط وأفريقيا.

وتؤكد السعودية استعدادها للشراكة والتعاون مع الجميع لنقل الهيدروجين في شكل الأمونيا عبر الأنابيب.

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز خلال جلسة حوارية بعنوان "التعاون العالمي والنمو والطاقة من أجل التنمية"، يوم الأحد 28 أبريل 2024، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي: إن بلاده "على استعداد للشراكة مع الجميع، ومدّ العالم بجميع أنواع الطاقة".

كما شدد على أن التحول نحو الطاقة الخضراء يجب أن يخضع لضوابط عملية وواقعية، مع ضرورة رفع الوعي البيئي كمسؤولية جماعية.

وشهد قطاع الهيدروجين الأخضر تطورات ملحوظة في عام 2024، مع توقعات بنمو متسارع خلال عام 2025، فوفقاً لوكالة الطاقة الدولية، بلغ إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات نحو مليون طن في عام 2024.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية زيادة إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات إلى 49 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، مما يمثل تضاعفاً بمقدار 48 مرة مقارنة بعام 2024.

ومن المتوقع أيضاً أن يكون عام 2025 نقطة تحول في قطاع الهيدروجين، مع التركيز على تنفيذ السياسات والإطار التنظيمي، وتسريع تنفيذ المشاريع على أرض الواقع.