دول » السعودية

التحالف السعودي الباكستاني.. قوة نووية لإعادة تشكيل الردع بالمنطقة

في 2025/09/21

كامل جميل - الخليج أونلاين

"السعودية وباكستان في صفٍ واحدٍ ضد المعتدي دائماً وأبداً"، جملة كتبها وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان على منصة "تويتر" بعد ساعات قليلة من توقيع اتفاقية بلاده دفاع مشترك مع باكستان، لتؤكد أن تحالفاً إسلامياً محمياً بمظلة نووية خرج إلى العلن.

العاصمة الرياض شهدت مساء الأربعاء (17 سبتمبر 2025)، توقيع السعودية وباكستان "اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك" التي تنص على تعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء.

الاتفاقية وقّعها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، وبحسب بيان مشترك، يأتي توقيع الاتفاقية "في إطار سعي البلدين لتعزيز أمنهما وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم".

البيان أوضح أن الاتفاقية تهدف إلى:

تطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين.

تعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء.

أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما.

تطورات المنطقة

الاتفاقية جاءت في ظل تمادي "إسرائيل" في عدوانها على دول المنطقة وسعيها المستمر للتمدد بالقوة، بدءاً من العدوان المستمر على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مروراً باعتداءاتها على سوريا ولبنان واليمن، وصولاً إلى قطر في الهجوم الذي استهدف وفد حماس في 9 سبتمبر الجاري.

الخطر الإسرائيلي ومن خلال الإعلان عن أهدافه الحقيقية بالمنطقة؛ عبر ما تصفها حكومة الاحتلال بـ"خارطة إسرائيل الكبرى"، يتأكد أن جميع دول المنطقة لن تكون بمنأى عن أذرع تل أبيب.

وهذا ما أدركته السعودية التي تقضم خارطة "إسرائيل" المزعومة جزءاً من أراضيها إضافة إلى كامل التراب الكويتي ولبنان وسوريا والأردن وأجزاء من العراق ومصر وتركيا.

كل ذلك كان حاضراً أمام القادة العرب والمسلمين في القمة العربية الإسلامية الطارئة التي شهدتها الدوحة في 15 سبتمبر الجاري، وخرجت بعدة بنود عملية، أهمها المتعلقة بـ:

الضغط الاقتصادي والدبلوماسي.

استبعاد "إسرائيل" من المؤسسات الدولية.

تفعيل المسارات القضائية الدولية، لإيقاف اعتداءات "إسرائيل"على سيادة الدول العربية.  

عمق استراتيجي

التحالف الدفاعي الذي ربط السعودية مع باكستان بصفتها "قوة نووية" يعطي المملكة عمقاً استراتيجياً بردع عسكري يرتبط بجيش نووي إسلامي، ويمكن تبيان ذلك من خلال ما يتوضح في قدرات الجيش الباكستاني، بحسب موقع "غلوبال فاير بور" المختص بالشؤون العسكرية:

يتجاوز عدد سكان باكستان 252 مليون نسمة، بينهم أكثر من 108 ملايين نسمة قوة بشرية متاحة.

تعداد جنود الجيش في الخدمة 654 ألف جندي، و550 ألف جندي في قوات الاحتياط.

1399طائرة حربية بينها 328 مقاتلة، و90 طائرة هجومية، و373 مروحية عسكرية منها 57 مروحية هجومية.

2627 دبابة، و17500 مدرعة، و662 مدفعاً ذاتي الحركة، و2629 مدفعاً ميدانياً، و600 راجمة صواريخ.

121 قطعة بحرية بينها 8 غواصات، و9 فرقاطات، و3 كاسحات ألغام.

170 رأساً حربياً نووياً.

ميزانية الدفاع تبلغ 7.640 مليارات دولار.

يحتل الجيش الباكستاني المرتبة الـ12 بين أقوى جيوش العالم.

البعد العسكري

يمكن القول إنه في خضم التحديات الأمنية التي تشهدها المنطقة، تكتسب اتفاقيات الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان بعداً يتجاوز البعد العسكري التقليدي.

مثل هذه التفاهمات لا تنحصر في تعزيز القدرات الدفاعية وحماية الأجواء والحدود الخليجية فحسب، بل تحمل رسالة سياسية واضحة تؤكد استعداد الرياض وإسلام آباد للتعامل مع أي أخطار إقليمية متصاعدة بروح منسقة وفاعلة.

ومن الناحية الاستراتيجية، تعكس هذه الاتفاقيات تطوراً في منظومة الأمن الخليجي، إذ تمنح دول المنطقة مظلة أوسع من الحماية، وتفتح الباب أمام تنسيق عملياتي وتدريبي متقدم يعزز من سرعة الاستجابة لأي تهديدات محتملة.

من جانب آخر، فإن الاتفاقية في بعدها الاستراتيجي، لكون السعودية القلب النابض للعالم الإسلامي، وباكستان القوة النووية الإسلامية الوحيدة، ترسم مشهداً مختلفاً في معادلات القوة الإقليمية والدولية، يعزز من مكانة التحالف الإسلامي في مواجهة التحديات الأمنية العابرة للحدود.

المحلل السياسي مصطفى النعيمي، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يلفت إلى أن توقيع السعودية لهذه الاتفاقية، يأتي في سياق "الضغوط" التي مورست على المنظومة العربية بشكل عام، وطبيعة الاستفزازات الإسرائيلية التي باتت تهدد الأمن القومي العربي.

وأوضح النعيمي أن وجود أي اتفاقية في الأطر الاستراتيجية بين دولتين سيساهم في "درء الكثير من المخاطر، لا سيما ونحن أمام عالم جديد يتشكل مبنياً على أساس تفكيك تحالفات سابقة وبناء تحالفات جديدة".

انتهاك السيادة التي شهدتها مجموعة من الدول أثناء تنفيذ ضربات دون التنسيق معها –بحسب النعيمي– دفعت السعودية للبحث عن شركاء جدد من أجل إبرام اتفاقيات دفاع مشترك.

ومن أجل "تعزيز مكانتها محلياً وإقليمياً ودولياً"، جاءت الاتفاقية بين السعودية وباكستان، وفق ما يقول النعيمي، مبيناً أن هذه الاتفاقية تعمل على "كبح جماح تل أبيب نظراً لأن واشنطن لم تتحرك تجاه تلك الانتهاكات بشكل جدي"، على الرغم من الشراكة العسكرية والأمنية التي تجمع الرياض وواشنطن.

ويؤكد المحلل السياسي أن الدفاع المشترك سيؤمّن للسعودية مزيداً من التحرك في بناء قدرتها الدفاعية على مستوى سلاح الجو والدفاعات الأرضية.

وحول الرسائل التي تبعث بها الاتفاقية أوضح النعيمي:

تمثل اللبنة الأولى التي من خلالها ستبني عليها المملكة تأمين حدودها تجاه أي مخاطر تهددها.

توفّر حماية للمنطقة العربية وذلك بعد تشكيل تحالف عربي.

رسالة مباشرة إلى تل أبيب بضرورة الالتزام بالتفاهمات الدولية بعدم انتهاك سيادة الدول العربية.

الضغط على واشنطن من أجل ثني تل أبيب عن عملياتها الاستفزازية تجاه المنطقة العربية.