دول » الامارات

وسط توترات الشرق الأوسط.. كيف تعززت مكانة دبي كملاذ آمن للأثرياء؟

في 2024/09/26

طه العاني - الخليج أونلاين-

في ظل التوترات المستمرة بمنطقة الشرق الأوسط برزت مدينة دبي بوصفها واحدة من أكثر المدن استقراراً وجذباً للأثرياء من جميع أنحاء العالم.

وفضلاً عن كون هذه الإمارة الخليجية مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً، فقد أصبحت أيضاً ملاذاً آمناً يوفر للأثرياء حماية لرؤوس أموالهم واستثماراتهم وسط بيئة مستقرة وآمنة.

ملاذ آمن

وعلى الرغم من التوترات السياسية والأمنية في المنطقة، تمكنت دبي من الحفاظ على مستوى عالٍ من الاستقرار، مما جعلها وجهة مفضلة للأثرياء الذين يبحثون عن ملاذ آمن لاستثماراتهم.

وحول ذلك، قال الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة "بروبرتي مونيتور" للاستشارات العقارية، زان جوشينكي، لموقع "روسيا اليوم": إن "دبي في وضع فريد للغاية، نحن المستفيدون الوحيدون من الأزمة في المنطقة".

ولطالما كانت دبي قادرة على الاستفادة بشكل غير مباشر من الأزمات الإقليمية، فحينما يشعر الأثرياء بالقلق من الاضطرابات، تقدم المدينة بديلاً مستقراً مع مزايا مثل الضرائب المنخفضة ونظام تأشيرات مرن.

ومن جهته، أفاد الرئيس التنفيذي ومدير الأصول في شركة "دي إتش إف كابيتال"، باس كويمان، خلال حديثه مع مجلة الاقتصاد والأعمال، في 17 أغسطس الماضي، بأن الإمارات العربية المتحدة تتحول بسرعة إلى وجهة عالمية مفضلة لأصحاب الثروات الفائقة.

ووفقاً لكويمان، فإنه من المتوقع أن ينقل 6700 مليونير أنشطتهم إلى الإمارات بحلول نهاية العام الحالي، وإذا ما تحققت هذه التوقعات، فسيصل عدد أصحاب الثروات الفائقة في الإمارات إلى نحو ضعف عددهم في الولايات المتحدة وسنغافورة، حيث يبلغ عددهم 3800 مليونير و3500 مليونير على التوالي بحلول نهاية العام.

كما تشير التوقعات، التي نقلتها مجلة "الاقتصاد والأعمال"، إلى أن عدد أصحاب الثروات الفائقة في دبي سيشهد زيادة بنسبة 60% بحلول عام 2026، مما سيجعلها المدينة الأعلى تركيزاً للأثرياء في منطقة الشرق الأوسط، مع صافي ثروة إجمالي يتجاوز 3.7 تريليونات درهم إماراتي (ما يعادل أكثر من 1 تريليون دولار).

وجهة متميزة

ويرى المحلل الاستراتيجي وخبير الشؤون الإقليمية والدولية، محمد عيد الشتلي، أن ‎نجاح دبي كوجهة متميزة لأصحاب الثروات الطائلة يعود إلى قدرتها المتواصلة على استقطاب الاستثمارات المتنوعة من كافة أنحاء العالم.

ويلفت الشتلي، في حديثه مع "الخليج أونلاين"، إلى تقدم دبي في تطوير بنيتها التحتية على نحو يفي بكافة احتياجات المستثمرين، وقدرتها على إقرار الأمن بين مواطنيها والمقيمين فيها والحفاظ على سلامتهم.

ويوضح أن ‎تغييرات بيئة الأعمال في ظل المخاطر السياسية والاقتصادية حول العالم، أدت إلى تغير واضح في المشهد المالي وحركة الأموال، إذ انتقل الأثرياء مع ثرواتهم وشركاتهم من منطقة إلى منطقة، وبرزت دبي بين هذه الوجهات.

ويشير إلى وجود إقبال كبير من أثرياء العالم وشركات إدارة الثروات تجاه دبي، وسط بيئة أعمال داعمة وبنى تحتية عالمية متقدمة، فضلاً عن خصوصيات العمل والقوانين التي تراعي متطلبات الشركات.

ويضيف أن ‎الاستقرار المالي والأمني في دبي جعلها أحد أبرز الأهداف التي يبحث عنه أثرياء العالم، وأصبحت الإمارة وجهة مفضلة للعائلات أو أصحاب الثروات من مختلف مناطق العالم.

ويشير الشتلي إلى آخر الأرقام التي تكشف عن وجود 120 مكتباً عائلياً و440 مؤسسة في مركز دبي المالي العالمي، وسط إقبال لافت من الصين، ودول آسيا الأخرى.

نمو عقاري

يعكس انتقال أصحاب الثروات الكبيرة إلى الإمارات ازدهار سوق العقارات الفاخرة في دبي، حيث تعد العقارات أحد الاستثمارات المفضلة لهذه الفئة لتنمية ثرواتهم، إذ بيعت 105 منازل فاخرة، خلال الربع الأول من عام 2024، وبقيمة تزيد على 10 ملايين دولار، مما يمثل زيادة بنسبة 19% مقارنة بالعام السابق.

وتشير التوقعات إلى أن هؤلاء المستثمرين سينفقون ما يصل إلى 4.4 مليارات دولار على عقارات دبي هذا العام، ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 76% عن عام 2023، وفقاً لما ذكرته المجلة.

وقد أعلنت شركة "إعمار العقارية" أن مبيعات مشاريعها التطويرية بلغت 8.1 مليارات دولار في النصف الأول من العام، مقارنة بـ5.2 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

وفي جميع أنحاء دبي، سجلت أسعار الفلل الفاخرة ارتفاعاً قياسياً، حيث زادت بنسبة 38% في الربع الثاني من عام 2024، مقارنة بالعام السابق، وبلغ متوسط سعر الفيلا 2.7 مليون دولار لأول مرة منذ عشر سنوات، وفقاً لتقارير شركة "فاليوسترات" للاستشارات العقارية.

وتأتي الشقق الفاخرة في المرتبة التالية من حيث ارتفاع الأسعار، حيث تجاوزت قيمتها في مواقع مثل نخلة جمير الأرخبيل الاصطناعي المطل على الخليج مستويات الذروة التي تم تسجيلها في عام 2014.

ومن جهة أخرى، أشار موقع "روسيا اليوم"، في 16 أغسطس الماضي، إلى أن بعض المحللين أبدوا تساؤلات حول مدى استمرار هذا الارتفاع القياسي، محذرين من أن العرض الزائد من المساكن قد يؤدي في النهاية إلى تباطؤ السوق إذا لم يواكب الطلب.

وأشارت المحللة في "إس آند بي غلوبال"، تاتيانا ليسكوفا، إلى أنه بدءاً من عامي 2025 و2026، سيظهر حجم كبير من الوحدات السكنية الجديدة التي بدأ تشييدها في عام 2021.

وذكرت في تصريح لوكالة "أسوشييتد برس"، أنه بحلول ذلك الوقت قد لا يتمكن السوق من استيعاب هذا العرض بالكامل، مما قد يتسبب في تباطؤ دوري.