طه العاني - الخليج أونلاين
شهدت العلاقات الاقتصادية بين الكويت وسلطنة عمان ازدهاراً ملحوظاً خلال عام 2024، إذ سجل حجم التبادل التجاري أرقاماً قياسية مدعوماً بمشروعات استراتيجية واستثمارات متبادلة.
تأتي هذه التطورات في سياق تعزيز الروابط التاريخية التي تربط البلدين الشقيقين، وترجمة لجهود قيادتيهما في تحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة.
2024 عام مميز
ويعتبر عام 2024 محطة مهمة ومميزة في تاريخ العلاقات بين مسقط والكويت، من حيث الانتعاش الكبير في التبادل التجاري بين البلدين.
وكشف السفير العماني لدى الكويت، صالح الخروصي، عن أن حجم التجارة الثنائية بلغ نحو 4.3 مليارات دولار أمريكي، في الأشهر العشرة الأولى من العام المنصرم، ما يعكس زيادة ضخمة تقترب من ضعف ما تم تحقيقه في 2023.
وأضاف في لقاء صحفي بمقر السفارة بمناسبة الذكرى الخامسة لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم، أن سلطنة عمان قد شهدت استثمارات كويتية مباشرة في مختلف القطاعات، حيث بلغت نحو 3.27 مليارات دولار في 2023، بينما بلغت في 2024 حتى نهاية سبتمبر 2.16 مليار دولار.
وأشار السفير الخروصي إلى أن العام 2024 شهد العديد من الفعاليات والتي وصفها بـ"الذهبية"؛ كونها تعكس عمق العلاقات بين البلدين، كان من أبرزها زيارة أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى عمان، في فبراير 2024، والتي أسفرت عن افتتاح مصفاة الدقم للصناعات البتروكيماوية.
ويعدّ مشروع مصفاة الدقم أكبر مشروع استثماري مشترك بين البلدين، ويدار بالشراكة بين شركة البترول الكويتية العالمية ومجموعة "أوكيو" العمانية، بقيمة استثمارية تبلغ نحو 9 مليارات دولار.
كما لفت السفير إلى زيارة السلطان هيثم إلى دولة الكويت، في مايو 2024، التي شهدت توقيع عدة مذكرات تفاهم بين البلدين في مجالات الاستثمار والدبلوماسية.
وأوضح أن هذه الزيارات والمشروعات تأتي في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي وتوسيع آفاق العمل المشترك، وهو ما يعكس الرغبة الصادقة من قيادتي البلدين لتحقيق مزيد من التعاون المثمر في جميع المجالات.
وفي تصريحات سابقة أعلن السفير العماني أن قطاع السياحة يعد من أبرز القطاعات التي تشهد نمواً كبيراً في حجم التبادل بين البلدين، حيث بلغ عدد السياح الكويتيين الذين زاروا سلطنة عمان حتى سبتمبر 2024 نحو 50 ألف سائح.
وشهدت الدورة العاشرة للجنة العُمانية الكويتية المشتركة، التي انعقدت بالكويت في أكتوبر 2024، توقيع تسع مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية تهدف إلى تعزيز التعاون في العديد من المجالات مثل السياحة والطاقة والزراعة والتكنولوجيا.
وقد أكد السفير الخروصي أن سلطنة عمان تواصل تقديم كافة التسهيلات لجذب مزيد من الاستثمارات الكويتية، خاصة في القطاعات الحيوية التي يمكن أن تساهم في تطوير الاقتصاد الوطني العماني.
وستتناول الدورة القادمة للجنة العُمانية الكويتية العديد من المواضيع المهمة، من ذلك فرص التعاون في مجالات جديدة مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
علاقات متجذرة
ويقول الباحث حارث سيف إن انتعاش التبادل التجاري بين عمان والكويت يعود إلى عدة عوامل متضافرة، أبرزها التقارب السياسي القوي بين البلدين، والذي يوفر بيئة مواتية للتعاون الاقتصادي.
ويشير في حديثه مع "الخليج اونلاين" إلى أن الجهود الدبلوماسية المتبادلة بين البلدين قد شهدت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مما أسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية.
وأضاف سيف أن الحركة التنموية النشطة التي تشهدها المنطقة، وخاصة في سلطنة عمان مع توجهها نحو الصناعة، قد ساهمت أيضاً في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين.
ويوضح أن السلطنة تصدر العديد من المنتجات إلى الكويت، في حين تستورد الأخيرة من عمان مجموعة متنوعة من السلع والخدمات.
ولفت إلى أن نشاط الخطوط الملاحية بين الموانئ العمانية والكويتية، وخاصة بين موانئ صحار وصلالة والشويخ، قد أدى دوراً حيوياً في تسهيل حركة التجارة بين البلدين، كما ساهم تدشين العديد من الخطوط الملاحية الجديدة في زيادة حجم التبادل التجاري في الفترة الأخيرة.
ويعتقد الباحث سيف أن يستمر هذا النمو في التبادل التجاري بين سلطنة عمان والكويت في الفترة المقبلة، نظراً للعوامل الإيجابية التي تدعم هذا التعاون.
بدوره يؤكد الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي عمق العلاقات التاريخية والأخوية بين الكويت وعمان، التي انعكست بوضوح على التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
ويوضح لـ"الخليج أونلاين" أن العلاقات التجارية بين الكويت وعمان شهدت نمواً ملحوظاً خلال العام الماضي، "حيث اقترب حجم التبادل التجاري من 5 مليارات دولار، وهو ما يعكس الرغبة المشتركة من كلا البلدين في تعزيز التعاون الاقتصادي".
ويضيف العبسي أن هذا النمو الملحوظ يعود إلى عدة عوامل، منها مشاريع مشتركة، مثل مشروع الدقم الذي يمثل أكبر مصفاة للنفط الخام في المنطقة.
ويتابع: "من العوامل أيضاً مذكرات تفاهم، حيث تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم في مجالات التجارة والاستثمار والاقتصاد".
وأشار إلى اللجنة العمانية الكويتية المشتركة التي أسهمت "في ترجمة النوايا الطيبة والخطط إلى واقع ملموس، فضلاً عن النوايا الطيبة والجهود المشتركة، حيث حرصت قيادتا البلدين على تعزيز التعاون الاقتصادي".
ويؤكد العبسي أن هذا التطور في العلاقات التجارية ليس وليد الصدفة، "بل هو نتيجة طبيعية للعلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين، وللرغبة المشتركة في تحقيق التنمية والازدهار"، مشيراً إلى أن المستقبل يحمل مزيداً من الآفاق الواعدة للتعاون الاقتصادي بين الكويت وعمان.
يذكر أن عدد الشركات الكويتية المستثمرة في سلطنة عمان بلغ 122 شركة حتى نهاية عام 2023، مع تركيز كبير على قطاعات مثل الصناعة، والسياحة، والطاقة، ويأمل المسؤولون في البلدين أن تشهد السنوات القادمة زيادة كبيرة في حجم الاستثمارات المشتركة، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، وهي قطاعات تتمتع بآفاق واعدة للنمو والابتكار.