في 2025/03/12
كامل جميل - الخليج أونلاين
ضمن إطار مساعيها لتحقيق نجاحات في مسيرتها نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة، تواصل دولة قطر بذل جهودٍ كبيرة لتعزيز منظومة الابتكار والتكنولوجيا في مختلف المجالات.
هذه الجهود تُظهر التزام الدوحة بتطوير بيئة تنافسية تعزز مكانة الدولة الخليجية على الساحة العالمية، بصفتها مركزاً رئيسياً للتكنولوجيا والابتكار في منطقة الشرق الأوسط.
ذلك ما أكدته فعاليات "قمة الويب قطر 2025"، التي اختتمت فعالياتها الأربعاء (26 فبراير الماضي)، وشهدت توقيع 56 مذكرة تفاهم بين المؤسسات القطرية وعدد من أبرز شركات التكنولوجيا العالمية.
توقيع هذا الكم من الاتفاقيات يعكس التعاون الوثيق بين القطاعين الحكومي والخاص في قطر، وحرص الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية في مجال التكنولوجيا.
بحسب وكالة الأنباء القطرية "قنا"، شهدت القمة أرقاماً قياسية شملت مشاركة أكثر من 25.700 شخص، و723 مستثمراً، و1.520 شركة ناشئة.
ومنحت تراخيص لـ 156 شركة خلال القمة، التي حضرها مستثمرون كبار مثل "جري كروفت"، و"500 جلوبال"، و"بيك إكس".
تعزيز منظومة الابتكار
في تصريح له بختام القمة، أعرب الشيخ جاسم بن منصور بن جبر آل ثاني، مدير مكتب الاتصال الحكومي ورئيس اللجنة الدائمة لاستضافة قمة الويب، عن فخره بمشاركة 228 شركة قطرية ناشئة.
وأوضح أن هذه الشركات "استعرضت إمكاناتها أمام مجتمع التكنولوجيا في العالم، ما من شأنه الإسهام في تعزيز بيئة الاستثمار ودعم رواد الأعمال القطريين على الساحة الدولية".
وأكد أن النجاح الاستثنائي الذي حققته القمة في نسختها الثانية "يعكس التزامنا المتواصل بدعم الجهود الرامية إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة، وتعزيز منظومة الابتكار في الدولة.
تحقيق اقتصاد المعرفة
خطط مدروسة وبناءة وضعتها قطر منذ سنوات سعياً منها لتحقيق اقتصاد قائم على المعرفة وتعزيز منظومة الابتكار، يتجسد أبرزها في:
الاستراتيجية الوطنية ورؤية قطر 2030، التي تعدّ خريطة طريق لتحقيق اقتصاد قائم على المعرفة، عبر تعزيز الابتكار والتنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط والغاز.
الاستراتيجية الوطنية 2018-2022 التي تركز على البحث والتطوير وريادة الأعمال؛ مما يعزز بيئة الابتكار.
الاستثمار في التعليم والبحث العلمي وتعزيز برامج الابتكار.
إنشاء وادي العلوم والتكنولوجيا في قطر لدعم الشركات الناشئة والمشاريع البحثية.
إطلاق واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، وبرنامج المنح البحثية الوطنية لدعم الابتكارات في مجالات الطاقة والبيئة والتكنولوجيا.
تأسيس صندوق قطر للبحث العلمي الذي مول أكثر من 3500 مشروع بحثي في قطاعات حيوية.
إطلاق استراتيجية قطر الوطنية للذكاء الاصطناعي.
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، والحوسبة السحابية، وتطوير البنية التحتية الرقمية.
التعاون مع مؤسسات بحثية عالمية، واستضافة فعاليات للابتكار والتكنولوجيا.
نتائج ملموسة
كل ما سبق نتج عنه نجاحات ملموسة على أرض الواقع كان من جرائها:
ارتفاع تصنيف قطر في مؤشر الابتكار العالمي، حيث أصبحت من بين الدول الرائدة في البحث والتطوير بالمنطقة.
نمو مساهمة القطاعات غير النفطية، وخاصة التكنولوجيا والتعليم، في الناتج المحلي الإجمالي.
تحقيق نجاحات في مجالات الطاقة المتجددة والصحة والتكنولوجيا المالية عبر مشاريع مدعومة بالابتكار.
دولة ذات رؤية كبيرة
المهندس سامر المبيض، المدير التنفيذي لشركة "فورهات روبوتكس" السويدية للروبوتات والذكاء الصناعي، يقول إن قطر واحدة من الدول الأكثر طموحاً في مجال الذكاء الاصطناعي.
المبيض يشير في حديث لـ"الخليج أونلاين" إلى أن قطر، ومن خلال تطوير المواهب، ودعم الابتكار المحلي، والاستثمار في البنية التحتية، أصبحت "نموذجاً لدولة صغيرة المساحة ذات رؤية كبيرة، قادرة على تحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، بل والتأثير على مستقبل الذكاء الاصطناعي عالمياً".
ويضيف أن قطر تحولت من مستثمر في شركات التقنية العالمية إلى مركز لتطوير الذكاء الاصطناعي.
إحدى الاستراتيجيات الأبرز التي تعتمدها قطر هي الاستثمار في العقول قبل التقنيات، بحسب المبيض، الذي يقول إن الدوحة لم يعد تركيزها فقط على استيراد الحلول الجاهزة، بل على تدريب الكفاءات القطرية لتطوير حلولها الخاصة.
وتابع: "التعاون مع Scale AI مثال واضح على هذا التحول، حيث تدرّب المواهب المحلية ويدمج الذكاء الاصطناعي في المشاريع الوطنية، مع رؤية لإطلاق أكثر من 50 تطبيقاً عملياً بحلول عام 2029".
يتطرق الخبير في الذكاء الاصطناعي إلى تركيز قطر على قطاع التعليم، مبيناً أنه "يشهد تطوراً هائلاً في تبني الذكاء الاصطناعي".
ويشير إلى أن هذه الشركات ترى في قطر سوقاً واعدة بفضل رؤيتها الواضحة لإعادة تشكيل مستقبل التعليم والمجتمع باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.
دعم الابتكار المحلي
وتحدث المبيض عن الدعم الحكومي للشركات الناشئة الخاصة بقطاع التكنولوجيا، لافتاً إلى أن عددها ارتفع بنسبة 90% مقارنة بالعام الماضي، مما يعكس تطور النظام البيئي للابتكار في البلاد.
ولكي تصبح قطر قوة في الذكاء الاصطناعي، تحتاج إلى قدرات حوسبية ضخمة، بحسب المبيض، الذي يؤكد أن ذلك ما يتحقق من خلال استثمارات شركة "Ooredoo" بقيمة 550 مليون دولار في مراكز البيانات.
هذه الاستثمارات يرى المبيض أنها تجعل من قطر "وجهة رئيسية للشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية".
يلفت خبير الذكاء الاصطناعي إلى أن الرسالة التي خرج بها الجميع من "قمة الويب قطر 2025"، تؤكد أن "قطر لم تعد مجرد مستهلكة للتكنولوجيا، بل أصبحت من صانعيها".